أمد/ كتب حسن عصفور/ عندما تحدث الرئيس البرازيلي اليساري لولا دي سيلفا في مؤتمر الاتحاد الأفريقي بأديس أبابا يوم الأحد، متهما دولة الكيان بارتكاب “إبادة جماعية” بحق المدنيين الفلسطينيين بغزة، مشبها ما تقوم به إسرائيل بمحرقة اليهود إبان الحرب العالمية الثانية، لم يكن السياسي العالمي الأول من قال ذلك، لكنه كان المباشر الأوضح.
ربط جرائم حرب دولة العدو في قطاع غزة وممارسات “الإبادة الجماعية”، بما حدث من قبل “ألمانيا النازية” خلال الحرب العالمية الثانية هو السمة المتكررة في عديد من تصريحات قادة ومسؤولين، بشكل أو بآخر، تشبيها “خجولا”، ولعل الأبرز الذي كان يقترب مما قاله الرئيس لولا، كان وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، عندما اعتبر ما يشهده قطاع غزة من تدمير شامل، يفوق ما تعرضت له مدن ألمانية ومنها تحديدا “درسدن”، وكرر تلك الأقوال في مناسبات مختلفة.
ورغم أن التشبيه لا يماثل الحقيقة التاريخية، من حيث أن شعب فلسطين هو صاحب الأرض والمكان، وليس مواطنين في دولة كما كان اليهود في ألمانيا، فتلك دولة ترتكب مجازر ضد مواطنيها، بينما دولة الفاشية المعاصرة المعروفة إعلاميا باسم “إسرائيل” ترتكبها ضد شعب آخر، وبذا جرمها مركب يفوق بجوهره الجرم النازي الهتلري.
“الحدث البرازيلي” يفتح مسارا حول صياغة مواجهة سياسية جديدة، لتصعيد خناق العلاقات مع الدولة الفاشية، وسد منافذ “عبورها” تسللا أو “شرعا” للدول العربية، بكل الأشكال من الاقتصاد الى الإعلام، ليشمل وقف كلي لاستضافة أي شخصية سياسية إعلامية من الكيان ليس معاديا للاحتلال وممارسات جرائم الحرب والابادة الجماعية، في وسائل الإعلام العربية وكذا في مؤتمرات ومظاهر “سياحية”، وليتها تستكمل بطرد كل تمثيل لدولة العدو منها.
“الحدث البرازيلي، لو وجد قوة دفع عربية، رسمية بالتأكيد، لانه الشعبية لا تحتاج طلبا كونها قائمة منذ زمن بعيد ولم يتم كسرها سوى في بعض “انحناءات” خاصة، لكنها لم تشكل قوة تأكيد لقبول الدولة الشاذة، ستمنح دول ومجموعات مختلفة من الذهاب خطوات لحصارها أكثر، وتتزايد خطوات المعاقبة لها، والمخزون الثوري في أمريكا اللاتينية والدول الأفريقية كفيل بتغيير ملامح المشهد بشكل جذري، لو الرسمية العربية ذهبت للتماثل مع الفعل البرازيلي.
وبالمصادفة الزمنية، فإن 26 دولة من دول الاتحاد الأوروبي الـ 27، التجمع الأكثر تعاطفا بعد أمريكا مع رواية الخداع الأولى لحادث 7 أكتوبر 2023، واستغلال مشاهد لا إنسانية لتبرير حرب لا إنسانية، اتجهت لمسار مختلف ورؤية جانبا مهما من الحقيقة حول حرب الإبادة الجماعية، وأعلنت بلغة واضحة ضرورة وقف إطلاق النار ورفض قاطع لغزو رفح بما يترتب عليه من كارثة إنسانية، في رسالة بأن “الحول السياسي” حول ما كان لن يستمر مع استمرار جرائم لا مثيل لها لا في العصر الحديث ولا فيما سبقه عصورا.
التطورات متسارعة بالانتقال من “التأييد الساذج” والدعوات لتشكيل “تحالف لمواجهة داعش – حماس” أيام بعد “الحدث الأكتوبري” الى مطاردة حكومة الإرهاب والعدوان، والتفكير بخطوات لم تتبلور بعد، لكنها بدأت تتحرك وما تحتاجه ليس سوى تحفيز وقوة دفع تساهم في سرعة انطلاقها.
طرد سفير الكيان من البرازيل وسحب السفير من تل أبيب، لا يجب أن يبقى خبرا ينقل، بل يجب أن يصبح حدثا محركا لمواجهة دولة الفاشية اليهودية، كونها نموذجا لكيان خارج القانون العام.
ملاحظة: من باب الشي بالشي يذكر..قطر ردت على سخافات نتنياهو ضدها بفعل البيان…مع انه كان لازم يكون بيان الفعل فتسكر أبوابها وقناتها على كل من هو من ريحته..طبعا مش كل الدول برازيل ولا كل الناس “لولا”..الباقي عندكم!
تنويه خاص: الحكي على لسان مائي في رفح لوصول المساعدات يشتم منه ريحة وسخة خالص ماشية مع فصل غزة شمال جنوب…مش كل حكي “إنساني” بيكون جد “إنساني”..انتبهوا يا اللي اسمكم ممثل وشرعي وسلطة بتحكي انها قادرة تحمي وتحكم.. وبلا مؤاخذة بدون زعل هي مش هيك خالص.
لقراءة المقالات على الموقع الشخصي