أمد/
تل أبيب: كتبت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية مقالا للصحفي رون بن يشاي، أشار فيه كيف استفادت دولة الاحتلال من اتفاقات التطبيع العربية الأخيرة، ونقلت مكانتها العسكرية من موقع لآخر.
نص المقال: أربع سنوات من التوقيع على اتفاقات إبراهيم تجني إسرائيل احدى اهم ثمار هذه الاتفاقات: نقلها من مجال مسؤولية قيادة أوروبا الى القيادة الوسطى (سنتكوم) الامريكية.
من اللحظة التي أصدر فيها البنتاغون هذا الامر، أصبح الجيش الإسرائيلي شريكا نشطا في ائتلاف عسكري مؤيد للغرب في الشرق الأوسط. ورغم ان هذا ليس حلفا رسميا، الا ان له معان عملياتية تفوق على المستوى العملي معاني الناتو الذي تشارك فيه دول شمال أمريكا وأوروبا.
المعنى العملي، من ناحية إسرائيل هو القدرة على التمتع بالمنتجات الاستخبارية والعسكرية الأخرى للمنظومة التي نشرها الامريكيون، بالتعاون مع الدول العربية السنية، في كل ارجاء الشرق الأوسط.
النتيجة الأولى رأيناها في الليلة بين 13 و 14 نيسان، عندما حاولت ايران ووكلاؤها مهاجمة إسرائيل في رشقات من الصواريخ والمُسيرات وباءت بفشل ذريع.
يمكن أن نعزو هذا بالائتلاف المريض لأمريكا الذي عمل كقبضة واحدة مصممة وناجعة بإدارة قائد سنتكوم الجنرال مايكل كوريلا.
معنى إضافي للخطوة هو أن الولايات المتحدة وإسرائيل يمكنهما أن تقيما العلاقات بينهما في مستويين دبلوماسييين منفصلين: في القناة المدنية – السياسية، بين الحكومتين في واشنطن وفي القدس، والتي تتميز بغير قليل من الخلافات والأزمات، على الأقل مع الإدارة الامريكية الحالية برئاسة الرئيس جو بايدن، وبقناة "الدبلوماسية العسكرية" التي يسودها توافق في الرأي عديم الانا والمصالح السياسية، ومهنية عسكرية مبهرة.
هذه القناة، التي يديرها وزير الدفاع الأمريكي لويد بوستن ووزير الدفاع يوآف غالنت في المستوى السياسي ورئيس الأركان هرتسي هليفي والجنرال كوريلا في المستوى العملياتي، تتيح في أحيان قريبة، وبخاصة في الحرب الحالية – تجاوز المصاعب التي تنبع من العلاقات العكرة بين حكومة اليمين مليء مليء برئاسة بنيامين نتنياهو وبين الإدارة الديمقراطية – الليبرالية برئاسة بايدن ونائبته كمالا هاريس.
مثال على ذلك هو حقيقة ان في الأيام الأخيرة تسارعت جدا ارساليات السلاح وغيرها من الوسائل من الولايات المتحدة. "كل السدود باستثناء واحد فتحت"، يقول مصدر إسرائيلي مطلع في مجال التعاون العسكري بين الدولتين. هذه السدادة التي لم تفتح، حسب مصادر أخرى، هي القنابل الدقيقة الموجعة والثقيلة بوزن طن التي لم توافق الولايات المتحدة بعد على نقلها الى إسرائيل سواء خوفا من ان يستخدمها الجيش الإسرائيلي قريبا من سكان مدنيين في غزة ام كرد على الشريط الذي نشره نتنياهو قبل عدة اشهر وادعى فيه بان الولايات المتحدة لا تنقل مؤنا عسكرية كافية لإسرائيل.
اما باقي الارساليات فقد اقرت، بما في ذلك قطع الغيار بل وصدر أيضا الاذن بشراء خمسين طائرة قتالية من الطراز الجديد لـ اف 15.
وهكذا، منذ اكثر من أسبوع تهبط في كل يوم بقاعدة نباطيم طائرات نقل جبارتان – سي 17 او بوينغ 747 – محملة بعتاد وذخيرة طلبتها إسرائيل. وزير الدفاع اوستن، الجنرال المتقاعد الذي قاد بنفسه سنتكوم ابلغ وزير الدفاع غالنت بان هذه ستكون الوتيرة طالما امتنعت إسرائيل عن اعمال من شأنها أن تشعل حربا إقليمية.
من يتساءل عن معنى هذا الترتيب الغريب الذي يجري فيه تعاون غير مسبوق في القناة العسكرية الى جانب خلاف دائم بين الحكومتين، يجدر به أن يراجع الصيغة الرسمية لمهمة القيادة الوسطى الامريكية، كما حددها لها البنتاغون: "الإدارة والسماح لعمليات واعمال عسكرية بالتعاون مع حلفاء لتحقيق الامن والاستقرار الإقليميين دعما للمصالح الامريكية المتواصلة". وفور تعريف المهمة يفصل البنتاغون للقيادة سلم الأولويات التي تعمل القيادة بموجبها (لم نغير شيئا):
– ردع ايران.
– قتال منظمات متطرفة عنيفة.
– منافسة استراتيجية تتضمن خلق مبان إقليمية (وباللغة الأقل دبلوماسية – بناء ائتلافات عسكرية في اطار الصراع العالمي بين كتلة الديمقراطيات الليبرالية، بقيادة الولايات المتحدة ودول أوروبا، وبين كتلة الحكومات المطلقة بقيادة روسيا، الصين، ايران وكوريا الشمالية).
تعريف هذه المهام وسلم الأولويات كان يمكن للجيش الإسرائيلي ان يتبناها لنفسه بتغييرات دقيقة. وعليه، فان من يتابع اليوم منظومة العلاقات شبه التوأمية بين سنتكوم والجيش الإسرائيلي يفهم لماذا يمكن ان توجد الواحدة الى جانب الأخرى قناتا دبلوماسية مدنية وعسكرية دون أن تؤثر الواحدة على الأخرى.
العلاقات مع سنتكوم تفتح أيضا لإسرائيل الباب الخلفي للانخراط في المنطقة للتعاون مع دول في المنطقة ليس لنا معها علاقات دبلوماسية.
في الغالب لا يمكننا ان نكتب لاعتبارات أمن المعلومات، لكن هذه حقيقة معروفة انه في قيادة سنتكوم في فلوريدا يجلس معا ضابط كبير من الجيش السعودي، ضابط كبير من الجيش الكويتي وضابط كبير من الجيش الإسرائيلي، الى جانب مندوبين من 20 جيش آخر. كلهم يشاركون في المداولات معا، ولهم طواقم تسمح بتبادل المعلومات الاستخبارية والتنسيقات العمليات، واحيانا في نطاق أوقات تمتد لدقائق. وذلك في الوقت الذي لا تزال الولايات المتحدة تحاول فيه اغراء إسرائيل على وقف القتال والموافقة على صفقة تحرير مخطوفين من خلال الوعد بالتطبيع مع السعودية.
هذا لم يكن دوما على هذا النحو. حتى كانون الثاني 2021 كانت إسرائيل تندرج في مجال مسؤولية قيادة أوروبا (يوكوم). احد أسباب ذلك كان اعتقاد الولايات المتحدة بانه اذا ما علقت إسرائيل في ضائقة، فان من سيهرع لنجدتها سيكون الاسطول السادس الذي قاعدته في إيطاليا وينتمي الى قيادة أوروبا. لكن السبب الأساس كان التخوف الأمريكي الا توافق الدول العربية على التعاون في ائتلاف عسكري في اطار القيادة الوسطى الامريكية اذا كانت إسرائيل في مجال مسؤوليتها.
هذه الأيام انقضت، والوضع اليوم مختلف جوهريا.