أمد/
نيويورك: وضعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مجدداً ثقلها الدبلوماسي خلف الجهود الرامية إلى دفع المفاوضات المتعثرة منذ أشهر بين إسرائيل وحركة حماس، في مسعى لوضع حد للحرب المستمرة منذ أكثر من 10 أشهر، مبدية تفاؤلاً بتحقيق اختراق.
وكتبت إيزابيل كيرشنر في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن المسؤولين الإسرائيليين وحماس يستخدمون خطاباً مختلفاً عن لغة مختلفة. وسكب الجانبان ماء بارداً على فكرة أن الاتفاق قد يكون قريباً، وأكدا أن الاقتراح الأمريكي الأخير لتضييق الفجوات بين الطرفين، أخفق في إيجاد حلٍ للخلافات الجوهرية.
لكن المسؤولين الإسرائيليين وحماس المطلعين على المحادثات قالوا، إن الخطة الأمريكية تركت الخلافات الرئيسية دون حل في الغالب، وسارعت حماس إلى رفض الإطار الذي تقوده الولايات المتحدة باعتباره متوافقاً مع شروط نتنياهو، التي تشدد فيها في الأسابيع الأخيرة.
ويوم الإثنين، زار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إسرائيل للمرة التاسعة منذ بدء الحرب، وخرج من اجتماع مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، ليقول إن الأخير قد وافق على الاقتراح الذي تقدمت به أمريكا، في المفاوضات التي أجريت في الدوحة الأسبوع الماضي.
مفاوضات ملحة
واتخذت المفاوضات طابعاً ملحاً، عقب اغتيال الزعيم السياسي لحماس اسماعيل هنية في طهران والقائد العسكري لحزب الله فؤاد شكر في بيروت آواخر يوليو (تموز). ويأمل الدبلوماسيون بأن اتفاقاً لوقف النار قد يقنع إيران وحزب الله بتعليق أو تخفيف ردهما الانتقامي.
وبموجب الاقتراح الأمريكي الجديد، فإن القوات الإسرائيلية ولو بأعداد مخفضة ستبقي على جزء من حدود قطاع غزة مع مصر، وفق ما أفاد 4 مسؤولين مطلعين على المفاوضات.
لا يبدو هذا أمراً جيداً لحماس، التي دعت دائماً إلى انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة. كما أعربت مصر عن رفض قوي لوجود إسرائيلي بعيد الأمد في المنطقة، التي تعرف بمحور فيلادلفيا.
وخلال المفاوضات التي انتهت الجمعة في الدوحة، طلب المسؤولون الأمريكيون أيضاً إرجاء الحوارات المعمقة حول تفتيش إسرائيل للعائدين إلى شمال قطاع غزة بحثاً عن الأسلحة، وهي عقدة أخرى في المفاوضات.
طريق مسدود
وعلى مدى الأشهر الأخيرة، سعى المسؤولون الأمريكيون مراراً إلى إعطاء زخم للمفاوضات التي تتوسط فيها مصر وقطر. وفي مايو (أيار) تبنى بايدن اقتراحاً إسرائيلياً لوقف النار، قائلاً إن الجانبين قد وصلا إلى "لحظة حاسمة". واستمرت المحادثات أشهراً أخرى، حتى تقدمت حماس باقتراح مضاد في يوليو (تموز)، ومن ثم تعثرت العملية.
ورغم التفاؤل العلني، فإن المفاوضات تواجه الآن مخاطر الوصول إلى طريق مسدود مرة أخرى.
ودعت الولايات المتحدة إلى جانب مصر وقطر إلى جولة مفاوضات جديدة في القاهرة نهاية الأسبوع الجاري. وقال مسؤولان إسرائيليان إنهما غير متأكدين مما إذا كانت هذه الجولة ستعقد. ولم تشارك حماس في الجولة الأخيرة، ولم تقل ما إذا كانت ستنضم إلى المحادثات هذه المرة.
وتسببت دوامة الأمل والمعاناة المتكررة في تعذيب أقارب الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في غزة، والبالغ عددهم 109 أشخاص تقريباً، والذين يخشون من أن كل يوم يمر، يعني المزيد من الخطر على أحبائهم. ويتساءل بعض هؤلاء لماذا لا تمارس ادارة بايدن مزيداً من الضغوط على نتانياهو لتقديم تنازلات.
وقال جلعاد كورنغولد (63 عاماً) الموجود ابنه تال شوهام ضمن الرهائن: "إنه (نتانياهو) يختبئ خلف الأمريكيين…أنا لا أفهم الأمريكيين. عليهم حقاً أن يقولوا لبيبي: انظر، نحن أصدقاؤك وحماتك، لكنك ستذهب لتحرير الرهائن. هذا هو الوقت المناسب".
وبموجب الاقتراح الأميركي الجديد، سوف تتمكن القوات الإسرائيلية من مواصلة دورياتها على جزء من حدود غزة مع مصر، ولو بأعداد أقل، وهو أحد المطالب الأساسية للسيد نتنياهو، وفقاً لأربعة مسؤولين مطلعين على المحادثات، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنهم غير مخولين بالحديث علناً.
ومن المرجح أن يكون هذا غير مقبول بالنسبة لحماس، التي دعت باستمرار إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة. كما أعربت مصر عن اعتراضات شديدة على الوجود الإسرائيلي الطويل الأمد في تلك المنطقة، المعروفة باسم ممر فيلادلفيا.
وأكدت القاهرة أنها لن تقبل بقاء القوات الإسرائيلية في ممر فيلادلفيا، وهو ما يقول المسؤولون المصريون إنه من شأنه أن يشكل مخاوف أمنية وطنية ومن المرجح أن يثير غضب الرأي العام المصري.
وفي إشارة إلى إحباط مصر، صعدت وسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة، من لهجتها ضد إسرائيل في الأيام الأخيرة، متهمة إياها بمحاولة إثارة قتال مع مصر بشأن الممر لتأخير التقدم في وقف إطلاق النار في غزة.