أمد/
غزة: يواصل جيش الاحتلال لليوم الـ459 على التوالي، شن مئات الغارات، والقصف المدفعي وتنفيذ جرائم في مختلف أرجاء قطاع غزة، وارتكاب مجازر دامية ضد المدنيين، وتنفيذ جرائم مروعة في مناطق التوغل، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار، ونزوح أكثر من 90% من السكان.
وخلفت الحرب العدوانية على قطاع غزة المتواصلة لليوم الثاني والتسعين في العام الثاني، أكثر من 180 ألفا بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة أطفال ومسنين، جراء إغلاق المعابر، ورغم قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير جيشها السابق يوآف غالانت، لمسؤوليتهما عن “جرائم حرب” و”جرائم ضد الإنسانية”.
ارتفاع حصيلة الضحايا..
أعلنت مصادر طبية، يوم الاثنين، ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 45,854، أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وأضافت المصادر ذاتها، أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 109,139 جريحا، منذ بدء العدوان، في حين لا يزال آلاف الضحايا تحت الأنقاض.
وأشارت إلى أن قوات الاحتلال ارتكبت ثلاث مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها إلى المستشفيات 48 شهيدا و75 مصابا خلال الساعات الـ24 الماضية.
مجازر متواصلة..
واصل الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة مخلفًا المزيد من الضحايا، جلهم من الأطفال والنساء.
ففي أحدث جرائمه، استهدفت طائراته الحربية الليلة، منزلًا لعائلة عبد الهادي في مخيم البريج وسط القطاع، ما أسفر عن استشهاد 4 مواطنين، بينهم أطفال، وإصابة 13 آخرين بجروح متفاوتة، وفق ما أعلن مستشفى العودة بالنصيرات.
وفي وقت سابق اليوم، استُشهد مواطن برصاص طائرة مسيّرة إسرائيلية “كواد كوبتر” استهدفته في منطقة المقوسي شمال غربي مدينة غزة.
وارتفعت حصيلة الشهداء جراء القصف الإسرائيلي المستمر على مختلف مناطق القطاع على مدار يوم الاثنين، إلى أكثر من 19 شهيدًا، وفقًا لمصادر طبية.
استُشهد مواطن مساء يوم الاثنين، برصاص مسيرة إسرائيلية “كواد كوبتر” في منطقة المقوسي شمال غربي مدينة غزة.
مع دخول الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة شهرها السادس عشر، تتحول حياة المواطنين هناك إلى كابوس مستمر، ومحطات مفزعة من الدمار والموت.
وتحت السماء التي لا تخلو من طائرات الاحتلال الحربية، تواصل أعمدة الدخان الملتهبة التصاعد تباعا من مناطق متفرقة لتختلط مع غيوم شتوية تزيد أوجاع المكلومين في القطاع البالغ عددهم مليونين و100 ألف نسمة.
أحياء سكنية كاملة بل مدن بمجملها سوّاها الاحتلال بالأرض عبر تنفيذ سياسة “إبادة المدن”، إذ وصلت نسبة الدمار في القطاع إلى 86%، بحسب “الأناضول”.
أكوام الركام المتناثرة تُخفي تحتها أجسادا كانت لأشخاص ينتظرون مع كل دقيقة تمضي بدء “وقف إطلاق نار” منشود.
بعض الجثث لم يبقَ منها إلا قطع من العظام التي تكسوها الملابس، بينما البعض الآخر غدت وجبات للكلاب والقطط الضالة، خاصة في مناطق يصعب على طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليها، لا سيما في محافظة الشمال حيث يمعن جيش الاحتلال في الإبادة والتطهير العرقي منذ أكثر من 3 أشهر.
تلك الجثث كانت من ضمن 11 ألفا و200 شخص مفقود لم تصل جثامينهم إلى المستشفيات لإحصائها.
مصابون في المستشفيات
المصابون داخل المستشفيات القليلة العاملة في القطاع، مر بعضهم بعمليات دون مواد مخدرة، ولم يتلقوا ضمن بروتوكولاتهم العلاجية إلا مسكنات خفيفة في ظل الشح الحاد في قائمة الأدوية التي وصلت نسبة العجز فيها إلى 60%، مقابل 83% من نقص في قائمة المستهلكات.
أصوات أنينهم داخل المستشفيات خاصة في مدينة غزة التي تعيش حصارا مضاعفا منذ بدء العملية البرية على القطاع في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تُدمي قلوب أهاليهم، وسط عجزهم عن توفير عقاقير بتأثيرات قوية قادرة على تخفيف آلامهم.
بعضهم لفظ أنفاسه الأخيرة في انتظار حصوله على الأدوية أو السفر إلى الخارج بغرض العلاج، فيما يهدد الموت العشرات من بين 12 ألفا و650 جريحا و3 آلاف مريض هم بحاجة إلى مغادرة القطاع للعلاج.
هؤلاء غير قادرين على تلقي الخدمات الطبية المتقدمة في القطاع بعدما استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي المنظومة الصحية بشكل شبه كامل على مدار 15 شهرا، إذ أخرج 34 مستشفى و80 مركزا و162 مؤسسة صحية عن الخدمة، فيما دمر 136 سيارة إسعاف.
شهداء أشلاء
أما الناجون على مدار 15 شهرا، فيعيشون فصولا من الخوف والفزع جراء مشاهد خلّفتها عمليات قصف وصفتها مؤسسات أممية بـ”الوحشية” على مناطق مختلفة من القطاع.
فمع كل مجزرة باستهداف منزل مأهول ضمن 9 آلاف و973 مجزرة ارتكبها الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تتناثر أشلاء الشهداء الذين يكونون في معظمهم من الأطفال والنساء بنسبة تصل إلى 70%، فصاحب الحظ في القطاع وفق قول المواطنين هو من يُدفن “جثة كاملة وبكفن”.
وفي الفترة الأخيرة، ومع اشتداد الإبادة، بات المواطنون يجمعون أشلاء أجساد شهدائهم في أكياس من النايلون ويدفنوهم دون أكفان بعد فُقدانها من القطاع بسبب كثرة أعداد الشهداء وسط حالة من القهر تتملك ذويهم.
مآسي النازحين
النازحون قضوا أياما عديدة من تلك الشهور بين الهرب من الموت قصفا أو قنصا، وبين خوض صراع البقاء من خلال البحث عن مأوى وطعام.
وتعرّض الآلاف منهم لحصار بآليات الاحتلال في مناطق مختلفة، هذا الحصار كان يتزامن مع إطلاق كثيف للنيران متعددة المصادر: برا وجوا وبحرا، ما أشعرهم بأن لحظاتهم الأخيرة باتت أقرب من أي وقت مضى.
فمن داخل المباني المحاصرة، كان المشهد أكثر جنونيا، وميض انفجارات الصواريخ والقنابل كان يُضيء نوافذ الغرف التي تؤوي النازحين، فيما كانت تلك النوافذ شاهدة على جرائم منها إعدام نازحين وافتعال حرائق في مبانٍ ومرافق قريبة وفق ما نقله شهود عيان من عدة مناطق، خاصة محافظة الشمال.
وكان هذا الحصار ينتهي دائما بتهجير قسري للمواطنين يمرون خلاله بحواجز تفتيش الاحتلال، حيث يخضعون فيها لعمليات فصل بين النساء والرجال، في واحدة من التجارب القاسية التي مروا بها خلال الإبادة.
فقلوب الأمهات تُلاحق أبناءها الذين فصلهم الجيش وسيكون مصيرهم مجهولا إما القتل أو الاعتقال أو الترحيل، بينما تتعلق عيون الآباء بعائلاتهم خاصة الأطفال منهم، إذ تكون نظراتهم وكأنها “الأخيرة للوداع”.
مشاعر مضطربة بين الخوف والبكاء تسيطر على النازحات في تلك المحطة التي يصفنها بـ”أهوال القيامة”، إذ يضطررن بعدها إلى استكمال مسيرتهم لمناطق يحددها الجيش تحت النيران ودون رجال.
وعمليات التهجير والتطهير العرقي جاءت ضمن خطط الاحتلال غير المعلنة التي أشار إليها الإعلام العبري لتفريغ الأرض من سكانها وسط دعوات إسرائيليين متطرفين إلى إعادة احتلال القطاع وإنشاء مستعمرات فيه.
المناطق الآمنة
منذ بداية الإبادة، توجه أغلبية النازحين البالغ عددهم نحو مليونين إلى ما نسبته 10% فقط من مساحة القطاع التي ادعى الجيش أنها “إنسانية آمنة”، وكان أبرزها منطقة “المواصي” الممتدة على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط من جنوب مدينة خان يونس وحتى شمال دير البلح.
تلك المناطق تعرضت لنيران كثيفة على مدار أشهر الإبادة، ما أسفر عن استشهاد وإصابة المئات من النازحين.
فكانت الرمال الناعمة التي أُنشئت فيها خيام النازحين تبتلعهم نياما بعدما تترك صواريخ الاحتلال حفرا ذات أقطار كبيرة في المكان.
أما الخيام القريبة من نظيرتها المستهدفة فكانت تطالها شظايا تتسبب في استشهاد وإصابة نازحين، مُخلّفة مشاهد مفزعة إحداها لامرأة كانت تجلس في خيمة إلى جانب طفلتها لتجدها في لحظات وقبل أن تكمل حديثها، دون رأس بعدما سقطت عليها شظية تسببت في تفتته.
كما احترق نازحون أحياءً بعد اشتعال خيامهم ومراكز إيوائهم بالنيران، بسبب قصف الاحتلال، على مرأى العالم ومسمعه، في حين بلغ عدد مراكز الإيواء التي استهدفها الجيش منذ بدء الإبادة حوالي 216.
أجساد متجمدة
من نجا من الموت قصفا أو جوعا، توفي خلال ديسمبر/ كانون الأول الماضي بردا بأجساد متجمدة جراء موجات الصقيع التي ضربت القطاع بالتزامن مع أمطار شديدة أغرقت خيامهم.
ولقي 8 أشخاص بينهم 7 أطفال مصرعهم بسبب موجات الصقيع خلال الأسبوعين الأخيرين، إذ ندد المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” فيليب لازاريني بذلك قائلا: “أطفال غزة يتجمدون حتى الموت بسبب الطقس البارد ونقص المأوى”.
الأطفال بأجسادهم ومناعتهم الضعيفة الناجمة عن الجوع وسوء التغذية لم يتمكنوا من مصارعة موجات الصقيع، ما يؤدي إلى ازدياد مخاطر الموت تأثرا بالبرد الشديد بينهم.
أفادت مصادر طبية، يوم الاثنين، بوفاة رضيع متأثرا بالبرد القارس، ما يرفع إجمالي وفيات الظروف المناخية القاسية إلى 8 بينهم 7 أطفال، في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية.
وقالت: “وفاة الطفل يوسف أحمد أنور كلوب (35 يوما) نتيجة الظروف المناخية القاسية والبرد القارس اللذين يعانيهما قطاع غزة”.
وكانت “الأونروا” قد قالت في بيان: “الطقس البارد وانعدام المأوى يتسببان في وفاة الأطفال حديثي الولادة في غزة، فيما يفتقر 7700 طفل حديث الولادة إلى الرعاية المنقذة للحياة”
استشهد طفلان، صباح يوم الاثنين، في قصف طائرات الاحتلال الحربية بلدة الشوكة شرق مدينة رفح.
استشهد 14 مواطنا وأصيب العشرات، فجر يوم الإثنين، في قصف الاحتلال المتواصل على مناطق متفرقة من قطاع غزة لليوم الـ459 من حرب الإبادة على القطاع.
وأفادت مصادر محلية، بأن طائرات الاحتلال الحربية قصفت منزلا لعائلة بركات في محيط بركة الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، ما أدى لاستشهاد 4 مواطنين وإصابة آخرين.
وأضافت أن طائرة الاحتلال المسيرة استهدفت شقة سكنية في عمارة الزيبق بجوار المسجد العمري الكبير في البلدة القديمة وسط غزة، ما أدى لاستشهاد طفل وامرأة، وعدة إصابات جلهم من الأطفال وكبار السن وعدد من المفقودين.
كما استشهد مواطن في قصف الاحتلال على مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وتوأمان في القصف المستمر على الشمال.
واستشهدت الطبيبة ثبات سليم، وتعمل متطوعة في مستشفى شهداء الأقصى بدير لبلح، جراء قصف الاحتلال منزلا بمخيم النصيرات وسط القطاع.
وقالت مصادر محلية، إن مواطنين استشهدا إثر قصف الاحتلال استهدف مزارعين أثناء نومهما في حقلهم الزراعي في منطقة مصبح شمال محافظة رفح جنوب قطاع غزة، وآخران ارتقيا في قصف الاحتلال استهداف شمال شرق رفح.
الأمم المتحدة تعبر عن قلقها تجاه وفاة طفل من البرد بقطاع غزة
أعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا)، اليوم الاثنين، عن قلقه العميق إزاء التقارير التي تفيد بوفاة طفل يبلغ من العمر شهرا واحدا؛ بسبب انخفاض حرارة الجسم، وفقا لمصادر طبية في غزة، وهذه هي الوفاة الثامنة لطفل بسبب البرد في أقل من 3 أسابيع وكان من الممكن منعها لو كانت المواد اللازمة لحماية هؤلاء الأطفال متاحة لأسرهم.
وأشار المكتب إلى أنه يتلقى تقارير يومية عن “مقتل وإصابة مدنيين في جميع أنحاء غزة بسبب الحرب المستمرة، والتي تتسبب أيضا في دمار واسع النطاق وتشريد”.
وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك العاملين في المجال الإنساني والقوافل والأصول وفقا للقانون الإنساني الدولي.