أمد/
على هامش ذكرى رحيل الشاعر الفلسطيني سميح القاسم ( 11ماي 1939-19 أوت 2014 )
«أنا لا أحبّك يا موتُ،لكنّني لا أخافُكْ وأدرك أن سريركَ جسمي،ورُوحي لِحافُكْ،وأدرك أنّي تضيق عليّ ضفافُكْ».الشاعر الفلسطيني الراحل سميح القاسم*
.من يدقّ باب الرّوح
في خفوت الشمس والضّوء
من يطهّر الجسد من دنس الركض
خلف صهيل الرّوح
من يمنح حبّة قمح تعبق بعطر الأرض
ليمامة تاهت
في رعب السكون الهائم
من يجفّف الدّمع..
والمحزونون في سبات ملء الجفون
أوغلوا في الدّمع في لحظات الوَجْد
فأنطفأ الوجع..
إلى أين تمضي في مثل ليل كهذا !؟
والكلمات التي تركتها خلف الشغاف
تشعل شرفاتها
منارة
منارة
ولا يكتمل المكان..
تمنيتَ لو كنتَ نورسا
على شاطئ غزّة
كي تعيد ارتحالك..
كلّ يوم في المياه
تمنيتَ لو تجعل من دموع الثكالى
قاربا يجتاز العتمة..
كي يرسي على ضفّة مرهقة
تحتاج يد النهر كي تعبره
تمنيتَ لو يتوقّف..الزّمان
لحظة أو أقل
كي تعيدَ ترميم الحروف
كي تسير بكل،فجاج الكون
بغير جواز سفر
كي تروح بنوم مفتوح الرّوح..
يفيق على جمرة سقطت
فوق شغاف القلب..
تمنيتَ لو تبرق للبعداء جميعا أن:
عودوا..أعطوا-لسميح*-بعض وطن !!
ها أنتَ تئنّ
وتئنّ
إذا استرجعت غربتك من تيه الضجّة
وعدت بلا وطن
إلى أين تمضي في مثل ليل-عربيّ-كهذا ؟
إلى أين تمضي..
بعربات الصّبح المبكرة..؟!
ها أنّي أراك تلوّح للأمكنة الأمامية
وهي تغيب..
ثمة نورس يتلاشى
في الأفق البعيد
ثمة وجع بحجم الغيم ..
يتمطى في اتجاهنا
عبر الضفاف
ثمة شيء ما ينكسر
يتهاوى
ولا يصل المكان
ها أنّي أراك في هدأة الصّمت
تنبجس من اختلاجات العزلة
تنبثق بياضا ناصع العتمة..من عتبة القلب
نهرا
تجلّله رغوة الإنتظار
أراك..نهرا
تعتعه الرّحيل..فتهاوى
في أفلاج جفّ ماؤها
ها أنّي أراك،تعبر ممرّات الذاكرة
تترك حنجرتك زهرةَ بنفسج
تلج حجرات الرّوح
تاركا خلفك..صهيل الرّيح
كي لا ينهمر..الوجع
ويسطو على ما تبقّى..من مضغة القلب
سخط الزّمان..
*المقصود:الشاعر الفلسطيني الراحل سميح القاسم
**سميح القاسم أحد أهم وأشهر الشعراء العرب والفلسطينيين المعاصرين،الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والمقاومة من داخل أراضي العام 48،رئيس التحرير الفخري لصحيفة كل العرب، عضو سابق في الحزب الشيوعي.
ولد لعائلة فلسطينية في مدينة الزرقاء بتاريخ 11 مايو 1939 حيث عَمِل والده في قوّة حدود شرق الأردن في ذلك الحين، عادت عائلته إلى الرامة سنة 1941،وتعلّم في مدارس الرامة الجليليَّة (1945-1953)،والناصرة (1953-1957).
علّم في إحدى المدارس،ثم انصرف بعدها إلى نشاطه السياسي في الحزب الشيوعي قبل أن يترك الحزب ليتفرغ لعمله الأدبي. وتعلّم في مدارس الرامة الجليليَّة والناصرة.