أمد/
لا يخفى على أحد أن مقاومي حماس والجهاد الإسلامي هما التنظيمان "الإسلاميون" اللذان يقاومون الجيش الإسرائيلي في غزة، إلا أن الأمر الذي لا يتم تسليط الضوء عليه أن هناك فصائل عدة مشاركة في التصدي للاجتياح البري للقطاع منها يسارية وعلمانية بالإضافة إلى مقاومين مسيحيين منهم أبناء عائلة الطويل وعياد وغيرهم من العائلات التي قدمت مقاتلين شهداء وجرحى في هذه الحرب والحروب السابقة على غزة.
هذا على الصعيد الميداني العسكري الذي يرسم لوحة طوفان الأقصى منذ بداية العملية البرية للجيش الإسرائيلي، إلا أن العنصر الذي أعطى المقاومة القوة العظمى ليس فقط العتاد العسكري والذي لا يقارن بالعتاد الإسرائيلي بل الصمود الشعبي ورفض فكرة النزوج لأهالي مناطق شمال القطاع، والتي حاولت حكومة إسرائيل تطبيق فكرة التهجير نحو الجنوب وربما بعد ذلك إلى صحراء سيناء.
وفي حقيقة الأمر أن المدنيين في غزة هما الجندي المجهول في هذه الحرب البربرية، والتي كسرت مخططات إسرائيل حيث رفضوا فكرة ترك بيوتهم والرحيل نحو الجنوب الأمر الذي دفع الاحتلال إلى القصف الهمجي والإعدامات الميدانية والاعتقالات التعسفية للضغط على المدنيين الذين أعطوا المقاومين في الميدان القدرة على الاستمرارية في القتال وصد الهجوم البري قدر المستطاع.
وعند الحديث عن المواطنين، لا نستطيع أن نغفل مقومات الصمود التي تكاد أن تكون معدومة لاستمرارية الحياة وليس فقط للصمود، حيث رحلة البحث عن الطعام والشراب والمأوى للنازحين أو الذين قصفت بيوتهم لا تنتهي، بالإضافة إلى محاولات الحكومة السيطرة على شاحنات المساعدات كما ظهر في بعض الفيديوهات وكان أخرها مقتل أحد أفراد عائلة بريكة على أيدي الشرطة بغزة أثناء تأمينها شاحنات المساعدات والتي يجزم المواطنين حسب شهاداتهم أنها لا توزع بالتكافئ بين النازحين.
أمام هذا الحدث الجلل الذي أظهرته بعض الفيديوهات لاعتداء عناصر الشرطة على المواطنين أثناء تأمين المساعدات يضع حركة حماس وحكومتها أمام اختبار حقيقي في محاولة استيعاب الغضب الشعبي الذي يرسم ملامح المواطنين بسبب المجازر وشح مقاومات الحياة من طعام وشراب ومأوى ويجعلها أمام جبهتين حقيقيتين الجيش الإسرائيلي من جهة واستيعاب المواطنين وتوفير مقومات صمودهم.
إن استمرار العملية العسكرية في القطاع، وغياب أفق التوصل لحل سياسي، لن يقرب المستقبل ويذهب بالمواطنين نحو المجهول، الأمر الذي سيزيد من حالة الاحتقان الشعبي خاصة أن غالبية السكان يحملون حماس المسؤولية عن الدمار حيث هي التي بادرت في السابع من أكتوبر بالهجوم على مدن الغلاف والنظرة الضيقة لرد الفعل الإسرائيلي، إضافة إلى تصريحات قيادة حماس في الخارج والتي أفادت بأن حماية السكان في غزة هي مهمة الأمم المتحدة، بالإضافة إلى مطالبتهم من داخل قصور قطر وتركيا الغزيين بالصمود ومواصلة القتال وعدم النزوح وترك منازلهم في خطابات عنوانها المقاومة بخير دون التطرق إلى المدنيين وضحاياهم التي شارفت على المئة ألف ما بين شهيد ومفقود وجريح.
الوقائع سابقة الذكر وغيرها إذا وضعناها في قالب الغضب الشعبي على ما يحصل بغزة يخبرنا باختصار أن حكومة حماس خلال فترة الحرب تحكم في ظروف استئنائية لا ينبغي لها أن تغفل أعداد الشهداء والجرحى والمفقودين وليس انتهاء حجم الدمار الذي حول القطاع إلى مدينة أشباح وإلا سيكون الاقتتال الداخلي سيد المشهد وربما لن ينتظر الأمر وقف إطلاق النار.