رامز مصطفى
أمد/ بعد ثمانية أشهر من حرب الإبادة الصهيو أمريكية على قطاع غزة، والتي ارتقى فيها حتى الآن عشرات الآلاف من الشهداء والمفقودين والجرحى، وما ألحقته من دمار مهول لكل ما طالته آلة تدميرهم. مجلس الأمن الدولي في جلسة عقدها قبل أيام، قد تبنى مشروع القرار الذي تقدمت به الولايات المتحدة الأمريكية، والذي جاء في نصه وقف لإطلاق النار وتبادل غير مشروط للأسرى. في قراءة لمضمون القرار الأممي الصادر عن مجلس الأمن نسجل: –
1. خطوة القرار وإن كانت في الاتجاه الإيجابي، إلاّ أنها تؤكد مرة جديدة أنّ مجلس الأمن كان وسيبقى رهينة مختطفة من قبل الإدارة الأمريكية، التي تضعه والأمم المتحدة ووكالاتها ومنظماتها أسيرة داخل شرنقة استخدام حق النقض “الفيتو”.
2. القرار غير مُلزم للكيان الصهيوني، لأنّ صاحبة المشروع هي الولايات المتحدة الشريك الأصيل في العدوان وحرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، ومجزرة مخيم النصيرات وما سبقها تؤكد الوقائع ضلوع الإدارة الأمريكية فيها. وهي الحريصة على الدوام على حماية الكيان وألاّ يلزمه قرار مجلس الأمن الأخير بأي شيء لوقف عدوانه وحربه.
3. القرار يفتقر لآليات التطبيق وفق جدول زمني محدد وواضح. وبالتالي لم يُحدد الجهة التي ستسهر على مراقبة تنفيذه.
4. القرار مع افتقاره لم سبق ذكره هو مجرد غطاء أرادته الإدارة الأمريكية من أجل تحقيق هدف تبادل للأسرى، والذي جاء نصاً أنه غير مشروط. وهنا تتربع الشياطين الأمريكية في كل تفصيل وتفسير لما سيستند إليها آليات وقواعد عمليات التبادل للأسرى.
5. من الواضح أنّ القرار جاء متزامناً مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي “بلينكن” إلى المنطقة بنسختها الثامنة، وهذا ما تعمدته الإدارة الأمريكية، حتى تُعطي لجولة “بلينكن” قوة حضور وثقل دولي للتأثير على الوسيطين المصري والقطري ودفعهما إلى ممارسة المزيد من الضغوط على المقاومة للقبول بالقرار وعدم الاكتفاء بالترحيب الذي عبرت عنه حركة حماس. وهذا ما يُفسر استقبال الوسيط المصري لحركة الجهاد الإسلامي، وهكذا فعل الوسيط القطري في استقباله وفد الجهاد برئاسة أمين عام الحركة الأخ زياد النخالة. ليطير وزير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل إلى الدوحة لاستكمال المفاوضات مع المقاومة بالشراكة مع الوسيط القطري، والتي أفضت إلى رد مشترك من قبل حركتي حماس والجهاد على المقترح الأمريكي، الذي تمّ تسليمه للوسيطين المصري والقطري، واللذان بدورهما قد سلّماه إلى الجانبين الأمريكي وحكومة نتنياهو الفاشية. حيث أكد الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي “جون كيربي “بأنّ واشنطن قد تلقت الرد وهي تعكف على تقييمه.
6. خلاصة القول، طالما أنّ القرار غير ملزم، ويفتقر لآليات التطبيق زمنياً، وموقف الكيان وحكومته لم يتحرك من مكانه قيد أنملة، فقرار مجلس الأمن أُفقد قيمته القانونية والعملية. وهذا ما أكدته مندوبة كيان العدو في الأمم المتحدة “ريوت بن نفتالي” عقب صدور القرار في قولها “أنّ بلادها ستواصل عمليتها في غزة، ولن تُشارك في مفاوضات لا معنى لها مع حماس، حتى إعادة جميع الرهائن وتفكيك قدرات حماس العسكرية والحكومية”. وما نشرته وسائل إعلام عبرية عن مسؤول كبير في الكيان، أنّ “تل أبيب” قد تلقت رد حماس من الوسطاء، وقد وجدت فيه أنّ حماس رفضت الخطوط العريضة لصفقة تبادل الأسرى التي قدمها الرئيس “بايدن”. وبأنّ حماس قد غيّرت كل العناصر الأساسية في الاقتراح. وهذا يمهد الطريق أمام قرار حكومة نتنياهو الفاشية المتوقع في رفضها لرد المقاومة وبأنها ستواصل عمليتها العسكرية حتى تحقيق أهدافها التي لن تصل إليها على الإطلاق.