2023-12-18 12:29:08
أمد/ قالت [أم الشهداء] وهي سيدة فلسطينية من غزة.. لا تنتمي لـ “فتح” السلطة ولا لسلطة “حماس”.. لقد تعب شعبنا من حجم الدمار الهائل في كل شيء، وخلال رحلة لجوئي من غزة إلى خانيونس، رفح رأيت الخيام تملأ جوانب الطرق، والكرام ينامون، فوق الرمال، بينما تُحلق طائرات الاحتلال منخفضة، فوق رؤسهم، تهز أركانها، وتعصف برمال برها وهي تقصف كل شيء وكأننا في يوم قيامة ..
لم يبق مكان أمن في غزة، فالعدو دمر البيوت، وعرى المباني من إطارات شبابيكها وزجاج نوافذها وقذف بأثاث غرفها إلى شوارعها..
في الطريق إلى معبر رفح، رأيت كل شيء، يُباع على بسطات، وقالوا لي: هناك في سيناء ألاف الشاحنات تصطف على امتداد عشرات الكيلومترات إلى يمين الطريق منتظرة إذن العبور إلى غزة..
كلما كان الفصف يشتد في ليالي غزة، أضافت: كنت أسمع الناس في الجوار يقولون – مع أنين الضحايا – نريد الحياة ولكن بشرف وكرامة.. يحيا رجال المقاومة وشبابها المناضل.. إنهم يواجهون تحالفاً إسرائيلياً غربياً يضم دولاً كبرى بقيادة الولايات المتحدة..
وتابعت،السيدة العارفة بأنني صحفي شغوف بالكتابة: قل للعالم، ستبقى غزة، صامدة شامخة مقاومة، رغم كل القتل والدمار، كلنا فخر برجال المقاومة .. وقل للحالمين بسلام أوسلو الأمريكي – الإسرائيلي، المراهنين على التنسيق والمقاومة الشعبية السلمية: [ لا وألف لا].. لقد انكشف دور أميركا، وسقطت شرعة الأمم المتحدة ومواثيقها وقراراتها، وتهاوى مجلس الأمن الدولي، وافتضح دور دول أوروبا الكبرى، [غزة تحارب تحالف دول كبرى .. وحسبي الله ونعم الوكيل]..
تذكرت حوار الـ 11 من أكتوبر هذا، وأنا أسمع حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية وزير الشؤون المدنية المعنية بالتنسيق الأمني -المعين من أبومازن- متحدثاً عن استعداد السلطة لتولي إدارة قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.. متعهداً بمساءلة حماس عن هجمات السابع من أكتوبر على جنوب إسرائيل، بدعوى التقييم الجاد والمسؤول، بعد سقوط القتلى في قطاع غزة.. قائلاً لوكالة رويتر: يتوجب ألا يعتقد أحد أنه فوق المحاسبة والمساءلة، ومن غير المقبول أن يعتبر طريقته ونهجه في إدارة الصراع هي الأفضل والأمثل!..
وأضاف متابعاً، رداً على سؤال لـ “العربية” حول إمكانية انضمام “حماس” لمنظمة التحرير الفلسطينية: نرحب بالكل الفلسطيني في إطار المنظمة، ولكن على أساس الإقرار بثوابت سياساتها وبرامجها.. موجهاً اتهاماً لحماس، دون ذكرها بالإسم، بالتفكير بالإستيلاء على المنظمة ومحاولة إقامة جسم بديل لها، وخوض معارك بالوكالة نيابة عن أطراف إقليمية لم يسمها!!
كل ذلك دون إشارة لجرائم الاحتلال وتصريحات نتنياهو الرافضة لأي حديث معه عن وقف الحرب أو إقامة دولة فلسطينية أو عودة السلطة إلى غزة.
ولحسين الشيخ، وقبله نبيل أبو ردينة أقول: “مش هيك ”
لقد استثمرتم، سياسياً وإعلامياً كثيراً وطويلاً، في ترسيخ الإنقسام وإطالة أمده، وأنتم تعرفون أن إنهاءه يُمثل مصلحة وطنية عليا، رغم مآخذنا على حركة حماس، التي مازالت تطالب، مثل رجال فتح الأوفياء لنهج قادتها المؤسسين، باصلاح منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة بناء هياكلها وأطرها ومؤسساتها وفي مقدمتها الصندوق الوطني، والاتحادات والنقابات المهنية والشعبية الفلسطينية في الداخل والخارج.
وكي لا أطيل .. أكتفي هنا بطرح مجموعة من الأسئلة بغية التقييم الجاد والمسؤول لتجربتنا الفلسطينية (منظمة وسلطة وحركة قائدة)، لاعتقادي بأن لا أحد منا فوق المحاسبة والمساءلة..
أين منظمة التحرير.. وإين مجلسها الوطني وما مصير قراراته بوقف التنسيق الأمني؟!
متى نُجري حواراً لإصلاح منظمة التحرير والسلطة، وإنهاء كل مفاعيل الإنقسام، ومظاهر الفساد؟!
متى نُجري تقييماً لاتفاقات أوسلو وملاحقها الإقتصادية والأمنية ومآلاتها السياسية والإقتصادية والأمنية بعد 30 عاماُ توقيعها؟!.
متى نُجري الانتخابات الديمقراطية المستحقة -الرئاسية والتشريعية والمجلس وطني بـ (التحدي أو بالتوافق)..؟!
لماذا تستقبلون بلينكن أبرز مشجعي ومروجي وحماة العدوان .. وماذا تقولون لأطفال ونساء والمكلومين في قطاع غزة؟!.
ولمَ تلتقون مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان الذي أبلغكم والعالم كله، بأن سلطتكم بحاجة لإصلاح وتغيير (على المقاس) ، وإن الولايات المتحدة تتفهم ضرورة استمرار إسرائيل في (الدفاع عن النفس والقضاء على حماس، لكنها تطالبها فقط بالانتقال لعمليات أقل حدة وقتلاً للمدنيين؟!
ونسألك نبيل أبو ردينة عن صحة قولك إن سوليفان أبلغكم بأن “إسرائيل ما زالت بحاجة إلى ستة أسابيع أو أكثر قليلا لإنهاء هذه الحرب.. وأن هذا ليس موعداً نهائياً وأن الولايات المتحدة تتفهم ضرورة استمرار الحملة ولكن بشكل أقل حدة”. فاكتفيتم بالرد: هذا كلام خطير وصعب، ويعني أن الأمور ستتفاقم ولن تؤدي إلى النتائج التي نرجوها نحن وأميركا والأمة العربية”. .. ثم أضفتم أن هدفهم (الأمريكيون هو حماية إسرائيل وتعزيز التطبيع مع الدول العربية، وأن قضية فلسطين بالنسبة لهم ما زالت حية، لكنهم غير قادرين أو غير راغبين في فعل شيء جدي وحقيقي؟!
ما حقيقة قولك أخ نبيل أبو ردينة، فيما تتواصل حرب الإبادة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة، غير بعيد عن مكتبكم في رام الله، لقناة “الحرة” الأمريكية أن ما يجري بين حماس و إسرائيل أمر لا علاقة لنا به والانقلاب الذي نفذته الحركة أخرجها عن الشرعية الفلسطينية؟! ولمَ لم تنف ذلك وفضلت الانسحاب عندما سألك مذيع العربية بأنه يمكنك إذا كان هذا الكلام متسرعا أو غير دقيق أن تنفيه أو تتراجع عنه؟!
نعرف أن الكلام أحد أبرز مهام وزراء الخارجية.. فلمَ لا تشرح لنا أجهزة السلطة لماذا سافر وزير خارجيتنا إلى واشنطن، رغم “منعه من الكلام”.. ألم يكن عضواً رئيسيأ في وفد كلفته القمة العربية الإسلامية الموقرة، وكيف تقبل تجريده من حق وهو مكلف بالدفاع عن الحق والقانون والعدالة والقضية؟! شكراً للصحافية الأمريكية التي سألته الكلام فامتنع، شكراً لوزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، الذي “كشف المخفي والمستور”..
وتمسكاً بحقنا القانوني في الوصول إلى “المعلومات” ننتظر توضيحاً منكم لقول متحدث أمريكي إن قانون الهجرة لا يتضمن أي أحكام تحظر على الأفراد التحدث إلى الصحافة، ولم تفرض أي قيود من هذا النوع”؟!..
مازلنا ننتظر تفسيراً لما تضمنه مرسوم كشفه “موقع آمد للإعلام” في 19/ فبراير/2022 2022-02-19عن مرسوم بقانون يقضي بإدراج منظمة التحرير الفلسطينية ودوائرها ومؤسساتها والمؤسسات التابعة لها كافة، ضمن “دوائر دولة فلسطين”.
ونصت الفقرة الأولى من المرسوم بقانون المؤرخ في 2022/2/8، ولم ينشر في حينه بالجريدة الرسمية، على أن “دوائر الدولة هي منظمة التحرير الفلسطينية، ودوائرها، ومؤسساتها، والمؤسسات التابعة لها كافة”، الأمر وهو ما يعني انهاء دور المنظمة وتكليف السلطة ورئيسها المقبل، إذا قُدر له الجمع بكل المناصب العليا في – فتح والسلطة والمنظمة والتشريع والقضاء والمال والأمن والإعلام. . ونواصل لاحقاً
*الكاتب صحفي ومدير تحرير،
مدير سابق لدائرة العلاقات والإعلام الخارجي
مؤلف كتاب مباديء الصحافة وإعلام المستقبل.