كتب حسن عصفور/ أعلن البيت الأبيض يوم 15 أكتوبر 2023، عن تعيين السفير ديفيد ساترفيلد، "مبعوثا خاصا للولايات المتحدة للقضايا الإنسانية في الشرق الأوسط، حيث سيركز على ضمان وصول المساعدات المنقذة للحياة إلى الأشخاص المعرضين للخطر في جميع أنحاء المنطقة".
قد يبدو، أن الأمر خبرا كغيره من الأخبار الزاحفة بقوة ما بعد يوم 7 أكتوبر 2023، لكن الحقيقة تتعاكس كليا مع ذلك، خاصة ومسيرته ترتبط كثيرا بمناطق "ويلات وخراب وتدمير"، كما في العراق وأثيوبيا وأفريقيا، الى جانب خبرته السياسية كسفير وجزء من فريق المفاوضات، ويتحدث العربية والعبرية.
أن يسارع البيت الأبيض، بتسمية سفير خاص بالمساعدات الإنسانية للمنطقة متربط عمليا بقطاع غزة، بعد 8 أيام من انطلاق شرارة المواجهة، وتطورها الى حرب دموية تقوم بها دولة الكيان، وما رافقها تدميرا غير مسبوق وجرائم حرب متلاحقة، يشير الى أن "التعيين" ليس قضية "إنسانية" فحسب، بل هي رسالة سياسية بامتياز.
وتتلخص رسالة تعيين ساترفيلد، بأن الحرب العدوانية مستمرة لزمن غير محدد، سيخلق حالة من الدمار لقطاع غزة لا سابق لها من عام 1948، وحتى ساعته، ما يتطلب جهدا واسعا لمواجهة آثاره، وما يشير الى أن أمريكا رضت مسار الحرب، وأيضا تفرض مسار ما بعد الحرب.
تعيين ساترفيلد، رسالة أمريكية، بأنها جزء مباشر من الحرب، ولذا ستكون حاضرة بل قائدة لما سيكون نتائج ما بعد الحرب، ورسم مشهد جديد تدميري يكون عنوانه "البعد الإنساني" وليس "المسار السياسي"، وذلك قد يتطلب سنوات كي يعود قطاع غزة لما كان ما قبل 7 أكتوبر.
تعيين ساترفيلد منسقا لـ "مساعدات إنسانية" في مسار أمريكي، يكشف بعضا من أبعاد تصريحات الرئيس الأمريكي جو بادين يوم 15 أكتوبر 2023، والتي أعلن خلالها بشكل رسمي ما درجت واشنطن على ترويجه بـ "حل الدولتين"، شطب ليس بالذهاب نحو تصويب الطريق الخاطئ والاعتراف بدولة فلسطين وفقا لقرارات الشرعية الدولية، بل شطبا لأي بعد استقلالي فلسطيني، ونحو مرحلة تاريخية جديدة من "وصاية معاصرة" تكون حصارا للوطنية الفلسطينية، دولة وهوية وقضية.
تعيين ساترفيلد، أحد عناوين المخطط السياسي الأمريكي الجديد، لما بعد الحرب الأكتوبرية، مستبقة نتائجها كمحاولة تطويق لأي مشاريع بديلة بعدما أسقطت مشروعها "حل الدولتين"، دون تقديم "بديل سياسي واضح"، لتدخل نفقا من التيه والبحث عن أفكار تتوافق ومشروعها القديم، ما قبل اتفاق أوسلو الذي جاء لكسر مؤامرة "البديل والاحتواء"، مشروعها الذي تم صياغته في مؤتمر مدريد/ واشنطن 1990/ 1991، ليكون الفلسطيني "مسارا" ضمن مسار عربي، فاقد قدرته التمثيلية العامة، والاستقلالية الوطنية، ما سيكون قواعد أي مشروع سياسي أمريكي جديد، متوافقا وجوهر المشروع التهويدي بشكل معدل.
تعيين ساترفيلد، هو تعيين سياسي بامتياز عبر غلاف "المساعدات الإنسانية"، محددا ملامح المرحلة الأمريكية، وفقا لما أشار اليه الرئيس بايدن في مقابلته مع قناة "سي بي أس"، عندما حاول رسم المشهد القادم إقليميا بقوله: "تخيّل لو تمكنّا من النجاح في وضع الشرق الأوسط في مكان يتم فيه تطبيع العلاقات، أعتقد أن بإمكاننا أن نفعل ذلك، تخيل ما سيحدث إذا قمنا في الواقع بتوحيد أوروبا كلها وتم وضع حد لبوتين، بحيث لا يتمكن من التسبب في هذا النوع من المشكلات التي يسببها، لدينا فرص هائلة لجعل العالم أفضل".
كلام لا يقبل تأجيل التفكير أن الحرب على غزة، ليست حربا ضد الفلسطيني فقط، وليس لمنع انطلاق "الاستقلالية الفلسطينية نحو دولتها الوطنية" فحسب، بل هي حرب لاستعادة روح المشروع الأوبامي الذي سقط سقوطا شموليا، ولكن بثوب غير إسلاموي، لفرض استمرار الهيمنة الأمريكية في صراعها الكوني الجديد، وخاصة بعد مفاعيل العملية العسكرية الروسية على الصعيد الدولي.
تعيين ساترفيلد "إنذار مبكر" للشعب الفلسطيني وممثليه "رسمية وفصائل"، بأن القادم السياسي لن يكون خيرا وطنيا ما دام المشهد الذاتي مصاب بحالة سرطانية، رغم الحالة الكفاحية التي اعادت بعض روح كرامة سلبت سنوات…
البطولة الكفاحية التي لا تنتج تغييرا سياسيا لصالح أهلها… تصبح أغنية أو نشيدا في مسار التاريخ إن لم يطويها النسيان.
ملاحظة: كم يشعر العربي بفرح كبير بما كتبه رئيس كولومبيا وصفا لجرائم حرب دولة الكيان بأنها "نازية"..وكم هو قهر ان لا تسمع من حاكم عربي بما فيه المفترض أنه ممثل لشعب فلسطيني مثل تلك الكلمات..شكرا كولومبيا رئيسا وشعبا..واللعنة على من يستحق اللعنة يا مشوهين اسم العروبة والفلسطنة.
تنويه خاص: اللي عملته "حكومة التحالف الفاشي" برئاسة نتنياهو – غانتس برفض ادخال "المساعدات الإنسانية" لغزة، رغم تفرعن بلينكن، صفعة زغنونة للبعض الواهم بموقف إدارة النعسان المتصهين جو ومن لف لفه…اصحوا يا هووووووووووو!