كتب حسن عصفور/ لم تكن شروط "الهدن الإنسانية" التي تم الموافقة عليها من قبل حركة حماس، الأفضل لأهالي قطاع غزة، ولكنها الأنسب في زمن حرب الاقتلاع والتدمير، باعتبارها "راحة مؤقتة" من زحف الموت الأسود، بالمعني الحياتي، مغادرة أو تشردا في ظروف خارج المنطق الممكن لأبسط قواعد العيش، خاصة وأنها لم تمنح بعضا عودة أرادوها بعد تجربة مريرة.
خلال ما يقارب الـ 8 أسابيع، عرف أهل قطاع غزة كل شي وشاهدوا كل شي، في زمن قياسي، وخارج كل التقديرات التي يمكن أن تضعها مراكز أبحاث أمنية وسياسية، فحجم الجريمة المخزون بدولة الفاشية فاق كل فاشية عرفها التاريخ، وهو ما أجبر كبريات وسائل الإعلام الأمريكية قبل الأوروبية الاعتراف بذلل، ووصل الأمر بوصفها من قبل مسؤول أممي بأنها مجازر صدمت العالم، وهي الأعلى في القرن الـ 21.
ولذا "الهدن الإنسانية" لم تكن سوى "زمن مستقطع" من مصير مجهول ينتظر كل أهالي قطاع غزة، أينما هربوا أو نزحوا أو واصلوا التحدي رفضا بالخروج من حيث عاشوا حياة لم تمنحهم تجربة بعد الخروج ما هو خيار أفضل، وخاصة بعدما علموا أن ما تركوه منح "لصوص الظلام" سرقة كل ما يمكنهم سرقته دون حسيب أو رقيب.
ولعل المشهد الأبرز، في زمن "الهدن الإنسانية" كان بحث أهل القطاع، عن بعص مقومات الحياة، وحاجات الضرورة الممكنة، كما غاز الطهي، الوقود، وغيرها، وكان الاعتقاد أن المسألة ستذهب في سياق من التعامل الإيجابي، ووضع آليات تحترم كل من يبحث عنها، وقواعد عمل لا تميز بين هذا وذاك، ودون الغاء بعض "الخصوصية الأمنية"، وسط مراقبة جيش العدو الاحلالي، لكن الأساس هو مبدأ احترام المواطن، وأن المساواة هي الأصل وكسرها هو الاستثناء.
ولكن، يبدو أن "الهدن الإنسانية" كشفت عيوبا جوهرية لم تختف فيمن يملك "سلطة ما"، في السلوك العام وشكل العلاقة خلال هذه الحرب، ولأن مسألة السلوك والتمايز ليست جزءا من "صف الوحدة الكفاحية"، وكونها فاقت الممكن او المسموح به تجاوزا، خرج أهل قطاع غزة المنكوبين من عدو فاشي، ومن ظروف حياة سببتها الهجرة الإجبارية عن كل ما هو إنساني، ليتحدثوا بصوت عال رفضا وتنديدا بتلك المظاهر "الإكراهية" بقوة السلاح أو المسلحين لفرض "تمايز الحصول" على الحاجات الضرورية.
ولأن قوة تحمل المواطن للعدوان الاحلالي الاقتلاعي، ترتبط بعناصر داخلية مضافة لما هو واجب وطني، سلوك الاحترام والتقدير، وألا تطفو قضية الفوقية والتمايز لتصبح ظاهرة تجبر أهل القطاع بالحديث عنها علانية، خاصة وأنها ليست حوادث فردية في منطقة دون أخرى، بل باتت ظاهرة شمولية حيثما توفر مكان لذلك.
سلوكيات فوقية إستعلائية تستخف بالمواطنين المنتظرين ساعات للحصول على بعض ضرورات البقاء، من قبل المسلحين بكل مواصفاتهم، مقابل التعامل "فوق الإنساني" أمام الإعلام مع رهائن دولة العدو والأجانب منذ 7 أكتوبر 2023، ما بات حديثا ونموذجا مختلفا، لا يمكن أن تستقيم بل ولن يراها أهل قطاع غزة سوى مزيدا من التمايز الخاص.
وكي لا يمضي الوقت سريعا، على مسؤولي الوضع القائم في قطاع غزة خلال حرب البقاء الوطني، مراجعة شاملة لكل سلوكيات تكسر عامود الصمود الفقري، وتفتح جبهة تلحق ضررا ليس معتادا خلال المعارك الكبرى، كي لا يصبح "العناد ثقافة" والغرور سمة، ثمنها من حساب المشروع العام.
ليكن التمايز خلال معركة البقاء الوطني بالسلوك الإيجابي…وليس بفوقية تفتح الباب لكل ما هو خارج المنطق المعتاد..والرهان على الصمت البشري يصبح غباءا مضافا..لا تتظاهروا بربح آخرين على حساب أصل الحكاية…فعندها يكون السقوط العام..
ملاحظة: حسنا تواصل "وزارية قمة الرياض" حراكها العام..وحسنا تواصلها بفضح جرائم حرب دولة الفاشية ..ولكن لساعته لم تذهب لأي خطوة واحدة يمكنها أن تترك أثرا لتغيير مسار الحرب على فلسطين…الكلام كتير حلو بس الصحيح الفعل كتير مر..حَلوووها فعلا وملوووحها قولا!
تنويه خاص: ليش ما تشكل الجامعة العربية "وفد وزاري" للذهاب الى قطاع غزة…اعتبروه "مساعدة إنسانية" ورتبوا دخولهم خاصة ان في حكي بدخول وزيرة قطرية بس شكله كان دخول سري ..بتصدقوا ممكن أهل القطاع يفرحوا بكم أكتر من فرحتهم بالحصول على خيمة تستر حالهم من مصير نكبة مجهول.