2023-12-18 15:24:13
البيرة: اقامت جبهة النضال الشعبي الفلسطيني بالشراكة مع مع الاتحاد العام للكتاب والأدباء ووزارة الثقافة ومؤسسة معين بسيسو، مساء الأحد في مدينة البيرة بيت عزاء، ابنت فيه شهيدها ورفيقها المناضل الكاتب الروائي والشاعر الفلسطيني المعروف سليم النفار، عضو اللجنة المركزية للجبهة والشهداء من أبناء عائلته.
وارتقى الشاعر سليم مصطفى النفار عن عمر يناهز ستين عاماً شهيداً في جريمة بشعة نفذتها طائرات الاحتلال الإسرائيلي عندما قصفت منزله بحي النصر في مدينة غزة، حيث أسفرت الغارة عن استشهاد كافة أفراد عائلته وهم: وزوجته سلوى سيد متولي، وأبناءه: مصطفى، وليلى، ولمى، وجمانة، كما نعت شقيقه سلامة، وزوجته إيمان، وأبناءه: حسن، ومصطفى، ويوسف، وزين، ومحمد، وإسراء، وليلى، الذين استشهدوا في ذات الجريمة
ونظم بيت العزاء، في مقر جبهة النضال الشعبي المركزي في البيرة، بالشراكة مع وزارة الثقافة الفلسطينية، والاتحاد العام للكتاب والادباء الفلسطينيين، ومؤسسة معين بسيسو، حيث تبوأ الشهيد النفار فيها جميعا مواقع قيادية هامة، أبرزها عضو اللجنة المركزية للنضال الشعبي، عضو المجلس الوطني، وعضو الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والأدباء، وعضو مجلس أمناء مؤسسة معين بسيسو، ومدير في وزارة الثقافة.
وقدم واجب العزاء، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح على رأس وفد من المجلس، وأعضاء من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والامناء العامين بضمنهم منسق عام القوى الوطنية والإسلامية امين عام جبهة التحرير الفلسطينية د. واصل أبو يوسف، وممثلو القوى والاتحادات والنقابات المهنية والعمالية والفعاليات واللجان الشعبية وحشد غفير من الكتاب والأدباء والشعراء والمبدعين والنقباء.
وكان في الاستقبال نائب امين جبهة النضال الشعبي عوني أبو غوش وأعضاء من المكتب السياسي واللجنة المركزية وكوادر الجبهة،، ورئيس الاتحاد العام الشاعر مراد السوداني ووفد من مجلس أمناء مؤسسة نعيم بسيسو.
وفي كلمة تأبين مؤثرة، استذكر الشاعر مراد السوداني مناقب المناضل التقدمي الاديب الشهيد سليم نفار الذي شكل قامة كبيره وعنيدة في الخندق المتقدم في المعركة على جبهة القافة مع الاحتلال واثر الاستشهاد في جحيم غزة بين أبناء شعبه واسرته على المغادرة فأضحى تحت الأنقاض شهيد الوطن والثقافة وحارس الكلمة كما كان دائما.
وكشف السوداني في كلمته عن اخر اتصال مع النفار قبيل استشهاده، فقال: كان غاضبا إزاء ما يجري في غزة وباقي ربوع فلسطين من مجازر في ظل هذا الرعب والاجرام غير المسبوق والصمت واشاحة الوجه عن الدم المسفوح في الطرقات لكنه رفض الخوض في فكرة المغادرة ليموت كما الابطال الشرفاء شهيدا كما هي فلسطين الشهيدة والشاهدة.
وأضاف ظل سليم وفيا لكلمته مقتفيا درب الشهداء كان مصرا على البقاء رغم ما شاهده من مجازر، وظل وفيا للعودة المجزوءة للوطن في غزة منتظرا عودته الكاملة الى حبيبته يافا التي تسلل اليها والى الضفة كلما أتيح له ذلك.
فسلام على سليم الذي ظل على تغره من ثغرات الادب المقاوم لم ينكسر يوما ولم يرتجف او يترنح قط.
واستدرك مر علينا جميعا أسبوع الرحيل طويلا بانتظار لعل وعسى، حيث كان النفار وعائلته تحت الأنقاض لم يصل اليهم احد لكنها الاقدار التي صنعت هذا الرحيل المشرف شهيدا بما انت اهل له مثلما صدقت له العهدة والعهدة باكتمال دم فلسطين وجرحها فسلام عليك لما انت اهله الذي نفتقده، وسلام على غزة وسلام على بلادنا المنذورة للفعل والجهاد المقدس ومواجهة غول الاحتلال في القطاع وكل فضاءات الضفة.,. سلام على الجرحى واحلام الطفولة المغدورة سلام على سليم وعلى عائلته واسرته
واعتبر استشهاد النفار المأساوي خسارة كبيرة للثقافة الوطنية والتقدمية، وللأدباء والكتاب ولوزارة الثقافة وكل مكونات الفعل الثقافي برمته كما جبهة النضال حيث ظل رمزاً للتقدم والإبداع وشكلت قصائده ملحمة شعرية عبرت عن الذات والهوية والوجود صاغها بروحه الشاعرة العالية؛ ليتفرد بما أنتج للأدب الفلسطيني الملتزم والمقاوم
ورأى المؤبنون ان الشهيد بما قدم وما ترك من ارث ثقافي سيبقى احد رموز الفعل الثقافي الفلسطيني بما قدمه من أجل بناء ثقافة وطنية قادرة على مواجهة رواية النقيض، وحرصه على أداء مهامه الوطنية والثقافية وحمل أمانتها بجدارة، إذ لم ينقطع لحظة عن العطاء الإبداعي والمجتمعي والمؤسساتي، وكان أنموذجا كفاحيا رائدا ومتميزا ومثابرا، واجه ضنك العيش عبر رحلة حياته الحبلى بتفاصيل الوجع خلال محطات اللجوء والشتات والعودة التي صقلت شخصيته الوطنية وذاته الكاتبة والشاعرة إلى أن استشهد وهو يدعو إلى الثبات في الأرض وعدم الهجرة من الديار، فضلا عن مخطط الحرب التي تستهدف ترحيل الفلسطينيين من غزة هدف الحرب الأساس وقضى على ذلك حينما آثر العودة إلى بيته الذي غادره قليلا تجسيدا لقوله وفكره بالثبات والصمود ورفضا لمخططات العدو الرامية للنزوح والتهجير وضياع الهوية وتصفية الوجود الفلسطيني؛ ليدفع حياته ثمنا لهذه الرسالة الوطنية التي آمن فيها منذ أن جاء إلى الدنيا وتفتقت قريحته على والده مناضلا مقاتلا وشهيدا.
رحل سليم النفار شهيدا ابن شهيد واغتيل كما اغتيل أبيه مصطفى النفار بطل البحرية الفلسطينية من قبل، رحل تاركا إرثا أدبيا كبيرا ومدرسة شعرية، رحل قابضا على جمرة الحلم، وكتب بالدم لفلسطين فكان المناضل السياسي والإنسان والشاعر المتميز والاديب المبدع والراوي الداعم للثقافة والفن المقاوم.
وفي نعي شهيدها، اكدت جبهة النضال الشعبي أن جرائم الاحتلال المتواصلة وحرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي لن تنال من صمود شعبنا ارادته الوطنية الحرة، حيث يعبر عن تشبثه بالأرض والقضية ويرفض الهجرة القسرية التي يحاول الاحتلال عبر جرائمه الوحشية فرضها وهو ما عايشه ورفضه النفار واستشهد رافضا المغادرة
وقالت ان اغتيال الشهيد النفار واسرته وهذه الجرائم يمثل أحد أوجه العدوان والغطرسة الصهيونية المعادية للسلام والاستقرار الدوليين ولعدالة قضيتنا ومشروعية نضال شعبنا من أجل الحرية والاستقلال والكرامة الوطنية والإنسانية، مؤكدة أهمية التحوّلات المتسارعة في الرأي العالمي لصالح القضية الفلسطينية والجهود المبذولة لنزع الشرعية عن حكومة الفاشية والعدوان العنصري، وفضح دور الشراكة المتكاملة للإدارة الأمريكية والتحالف الغربي الامبريالي في دعم الاحتلال، مشدده على حق شعبنا المشروع بالمقاومة والتصدي لجرائم الحرب والابادة والعدوان التي تقوم بها حكومة الفاشية والعنصرية الإسرائيلية.
ورأت الجبهة أن استشهاد الشاعر سليم النفار يشكل خسارة للثقافة وللمثقفين الفلسطينيين، والذي قدم مساهمات جادة للشعر وللثقافة الوطنية الفلسطينية، ولطالما كان نشاطه الأدبي والبحثي محط تقدير واهتمام، وكانت أعماله الشعرية ومساهماته الأدبية تحفز على الإبداع، وكرّس جل حياته من أجل قضية شعبه وحريته ونضاله، وصدرت له العديد من المجموعات الشعرية والروايات، ومن ضمنها اصدار سيرته الذاتية بعنوان (ذاكرة ضيّقة على الفرح) الى جانب مشاركته الفاعلة في المشهد الثقافي الفلسطيني والعربي ودوره في تأصيل الذاكرة الجماعية لشعبنا والحفاظ على موروثنا الثقافي ورواياتنا الوطنية والحضارية.
وعاهدت شهيدها وعائلته التي أبيدت بشكل كامل على الاستمرار في النضال ومواجهة الاحتلال وافشال سياساته ومخططاته، مؤكدة أن دماء الشهداء ستنير لنا الطريق دائماً في مسيرتنا الوطنية والكفاحية لتحقيق أهداف وتطلعات شعبنا وحقه في تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وجاء في نعى الاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين لعضو أمانته العامة السابق الشاعر سليم النفار: "كان سليم مصطفى النفار فارساً بقوس من يقين، لا تلين سهامها ولا تتراقص في مسارها..يغيب الشهيد والشهداء ليبقى الصوت، ولتبقى السيرة، وتبقى الذكريات وارفة تنطق عن أنجم تهمس في وجدان الأحياء".
والشهيد سليم مصطفى النفار (27 آب 1963 – 7 كانون الأول 2023)، شاعر وكاتب فلسطيني ولد في مدينة غزة، عاش في سورية ولبنان، حيث كان انتقل مع عائلته إلى خارج فلسطين بعد إبعاد سلطات الاحتلال الإسرائيلي والده في العام 1968. عمل والده في صفوف المقاومة في الأردن ثم انتقل بعد العام 1970 إلى سورية، واستشهد في لبنان العام 1973، وكان لذلك أثرٌ واضح في حياة الشاعر وكتاباته لاحقاً.
تلقى سليم النفار تعليمه المدرسي والجامعي في مدينة اللاذقية، ودرس الأدب العربي في جامعة تشرين بسورية، حيث شكَّل هناك ملتقى "أبو سلمى" السنوي للمبدعين الشباب سنة 1986.. كتب مبكراً الشعر وكان ناشطاً سياسياً في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية في إطار جبهة النضال الشعبي الفلسطيني التي انضم اليها منذ أن تفتح وعيه السياسي والثقافين انتخب عضوا في لجنتها المركزية في مؤتمرها العام الثاني عشر الذي عقد في حزيران 2021.
عام 1995عاد النفار إلى غزة مع قيام السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994 وتولى عدة مسؤوليات تنظيمية.
عمل مديراً في وزارة الثقافة الفلسطينية، وعمل كذلك في عدة منابر إعلامية وثقافية فلسطينية مختلفة في سوريا وفي قطاع غزة ، كما كان محرراً أدبياً في مجلات: نضال الشعب والزيتونة والأفق، وكان واحداً من مؤسسي جماعة "الإبداع الثقافي" في غزة، وأقرّت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية قصيدته "يا أحبائي" في المنهاج.
صدر للنفار العديد من الدواوين، بينها: "تداعيات على شرفة الماء"، و"سور لها"، و"بياض الأسئلة"، و"شرف على ذلك المطر"، و"حالة وطن"، و"حارس الانتظار"، كما صدرت أعماله الشعرية الناجزة عن وزارة الثقافة الفلسطينية العام 2016،وله في السرد كتابان سيريّان: "هذا ما أعنيه" و"ذاكرة ضيقة عن الفرح"، وله كتاب نثري بعنوان "غزة 2014"، وروايتان: "فوانيس المخيم" (2018)، و"ليالي اللاذقية" (2022)، وكلتاهما صادرتان عن مكتبة كل شيء في حيفا. إضافة الى اصدار
وانتخب عضواً في الأمانة العامة للاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين في أكثر من دورة ممثلاً عن الجبهة.