2023-12-19 16:04:50
أمد/ براغ – عمر خلوصي بسيسو: رفضت محكمة بلدية العاصمة براغ ، في حكم تاريخي أصدرته مساء الإثنين 18/ ديسمبر، مبررات منع تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين كان من المفترض تنظيمها في العاصمة التشيكية براغ يوم الخامس من ديسمبر واعتبرته “غير قانوني”، كما ألغت قرار عمدة المدينة بحظر ترديد شعار “من النهر إلى البحر.. فلسطين ستكون حرة” واعتبرته “لاغ وغير مبرر” رافضة ادعاء وتبريرات العمدة بأن الشعار مناهض لإسرائيل، ويدعو لإزالتها من الوجود.
جاء حكم المحكمة، بعد مداولات قانونية سياسية حامية، هي الأولى من نوعها في جمهورية التشيك، ويمثل الحكم انتصاراً لائتلاف تضامني مع القضية الفلسطينية تقوده مبادرة “ليس بإسمنا” التشيكية المتحالفة مع حركة التضامن العالمية ISM، والجالية الفلسطينية في التشيك.
وجاء في قرار المحكمة التي استمعت لرأي خبير قانوني محكم شرح لها معاني الشعار، الذي عارضته يلدية براغ بدعم ومساندة من وزارة الداخلية، أن للشعار أكثر من معنى، وأنها ترفض دعوى العمدة ومبرراته، إذ لا يمكن القول بأن الشعار يحمل رسالة عنيفة بشكل لا لبس فيه، أو أنه يدعو لتدمير دولة إسرائيل.
وقالت المحكمة في حيثيات قرارها إنها أخذت في الاعتبار سياق التجمع المعلن عنه، وأن البلدية لم تثبت ارتباط الجهة المقصودة بقرارها (منظمو التظاهرة الممنوعة) بجماعات متطرفة أو إرهابية، وبأن التظاهرة كانت ستجري في مكان لا يوجد فيه أي تهديد حتى لمشاعر الجالية اليهودية.
وقال قاضي محكمة البلدية: “إن التجمعات السابقة المؤيدة للفلسطينيين في براغ لم تنطو على أي استخدام متطرف لهذا الشعار”.
خلفيات الدعوى والمحاكمة
كان من المفترض أن تتم تظاهرة داعمة لفلسطين أمام مبنى وزارة الداخلية تتضمن شرح الشعارالمشار إليه، الذي يردده المتظاهرون في كل العالم والذي تعرض، حسب قول رئيس مبادرة “ليس بإسمنا” التشيكية زدينيك يهليتشكا، لحملة تشويه إعلامية، رغم سياقه السلمي.. لكن وزارة الداخلية التشيكية اعتبرت التلفظ به كهتاف في التطاهرات قد يعتبر جريمة جنائية، ولذلك أقحمت الشرطة عدة مرات لتحذير المنظمين والمتظاهرين من ترديده.
وبررت البلدية منع تظاهرة 5/ ديسمبر بالقول بين أمور أخرى، إن الشعار مرتبط بحركة حماس، التي تدعو لتحرير كل فلسطين “من النهر إلى البحر”.
وفي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني، قالت وزارة الداخلية في بيان صحفي إن ممثلي الوزارة والشرطة ومكتب المدعي العام وبلدية براغ اتفقوا على أن استخدام شعار “من النهر إلى البحر، فلسطين ستعود حرة” يمكن أن يكون جريمة جنائية في ظل ظروف معينة..
ومن وجهة نظر تاريخية، فإن الشعار يقبل تفسيرات مختلفة، وليس كلها مرتبطة بالكراهية تجاه اليهود.
ومع ذلك، وفي ضوء الوضع الحالي والحرب في قطاع غزةوالاقتحامات العدوانية القاتلة في الضفة الغربية، فإن الاستخدام العلني لهذا الشعار يثير، شكًا معقولًا بالتحريض على الكراهية ضد الشعب اليهودي وفقاً للصحافة التشيكية.
زدينيك يهليتشكا في حوار خاص
ووصف زدينيك يهليتشكا مؤسس ورئيس مبادرة “ليس بإسمنا” التشيكية الداعية لسلام عادل في الشرق الأوسط، التي تعمل تحت مظلة حركة التضامن العالمية ISM في حوار خاص، قرار المحكمة بأنه “يؤكد قيم العدالة القانونية، ويُعلي مباديء الديمقراطية واحترام الدستور في جمهورية التشيك.. داعياً أجهزة الإعلام التشيكية لأخذ العبرة و”احترام حكم المحكمة” والتوقف عن اللا مهنية واللا احترافية، والاحتكام لمواثيق المهنة، وتقديم رواية محايدة للأحداث لا ترديد أكاذيب دعائية معادية للفلسطينيين “وإلا سنحمله المسؤولية” .
وأهدى زدينيك يهليتشكا هذا الفوز، والحكم القضائي لفلسطين القضية، والديمقراطيين التشيك، والتشيك الفلسطينيين والطلبة الأجانب المقيمين وكل أحرار العالم.. وقال إنه سيكون له تأثيره في كل المدن والعواصم الأوروبية والعالم الديمقراطي.
وختم زدينيك حديثه بالقول: شعار فلسطين من النهر إلى البحر استعاد هيبة حقيقته التاريخية، وهو لم يحمل يوماً أي دعوة للعنف، أو مشاعر لا سامية أو عداء لليهودية، بل على النقيض تم صبغه بدعاوى بغيضة وتحميله ما لا يحتمل، وهو بالنسبة لنا شعار ديمقراطي إيجابي إنساني وقانوني يدعو لاحترام حقوق الفلسطينيين وفقاً للشرائع والقرارات الدولية وبينها حق العودة وتقرير المصير، ومن جانبنا نعمل أيضاً مع جمعيات يهودية ترفض سياسات الأبرتهايد والاحتلال والاستيطان والاعتداءات الإسرائيلية .. وهكذا بعد صدور الحكم سيمكننا العودة لترديد الشعار والهتاف به مجدداً.
خبير محكم من خارج قائمة المحكمين..
وبالعودة إلى خلفية القضية وقرار منع التظاهرة، لم يتقبل رجل الدين السياسي والداعية اللاهوتي، فيليب أوتراتا، قرار الحظر ورفع دعوى قضائية لإسقاطه وإلغائه، ترافع فيها المحامي بافل تشيجنسكي .. ولأن القاضي الذي يرأس اللجنة المختصة في محكمة البلدية الكلية لكل براغ، ستيبان فيبورني، لم يجد في قائمة الخبراء المحكمين لدى المحكمة من يستوفي المتطلبات القانونية لتوضيح وتفسير ما ينطوي عليه الشعار، وفقاً لمتطلبات القانون البلدي، رأى الاستعانة كضرورة بخبير من خارج قائمة الخبراء المدرجين لدى محكمة البلدية فتم الاستعانة بالبروفيسور ميروسلاف ماريش لهذه المهمة.
البروفيسور ماريش، حسب أوراق المحكمة، يستوفي المتطلبات اللازمة لتزويدها بمعلومات خبيرحول معنى الشعار (من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة) وهو قادر على تزويد المحكمة بمعلومات متخصصة عن الحركات الدولية الإرهابية والمتطرفة، بما في ذلك تصورات المجتمع الأمني ومتخصصي الأمم المتحدة حولها.
وينشر ميروسلاف ماريش مقالات متخصصة حول التطرف السياسي والديني والإرهاب، حول العالم وليس فقط في جمهورية التشيك. وقد جرى تعيينه مراراً كخبير في مجتمع الأمن الدولي.. ولذلك اعتمدته المحكمة.
وطرح القاضي فيبورني على البروفيسور ماريش مجموعة أسئلة محددة مطالباً إياه بالإجابة عليها أمام المحكمة وهي:
▪ ما معنى شعار “من النهر إلى البحر.. فلسطين ستكون حرة” ؟
▪ ما هو أصل هذا الشعار، وهل تطور مع مرور الوقت، وهل له أي معان ضمية أو فرعية؟
▪ من يستخدم هذا الشعار ومن يعارضه؟
▪ هل يتم استخدامه بشكل عام من قبل منظمات إرهابية؟
▪ في أي الحالات يتم استخدامه؟ وهل يتم استخدامه بشكل متطرف وبغيض كبديل لاعنفي؟
▪ في أي سياق يكون الشعار أكثر استخدامًا؟
▪ هل يختلف معنى هذا الشعار في البيئة السياسية التشيكية عن معناه في السياسية الدولية، وما أهميته عند الإسرائيليين وعند الفلسطينيين؟
▪ هل تختلف التصورات الأمنية لهذا الشعار بين الأجهزة المعنية في دول الاتحاد الأوروبي؟
ورد الخبير المحكم على كل هذه الأسئلة، بما في ذلك الوارد ضمنياً في مبررات رفض البلدية الترخيص للتظاهرة، معارضاً تلك المبررات.
وخلال المداولات ابدى محامي العمدة بافيل تشيزينسكي، اختلافه مع تعيين المحكم ماريش، وقال إنه اقترح أسماء خبراء آخرين، يتمتعون في رأيه بقدرة أكبر.
ونختم بأن الشعار بالإنجليزية:
From the river to the see ..Palestain will be free
هو نسخة موسعة من القافية العربية الأصلية “من النهر إلى البحر” والمقصود في الشعار والهتافات هو نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط، اللذين تقع فلسطين التاريخية بينهما.
شاهد/ مظاهرة في براغ ضد الحرب العدوانية على قطاع غزة#حرب_الإبادة #حرب_غزة #أمد_للإعلام pic.twitter.com/Wj3EG9dUKy
— amad أمد للإعلام (@MediaAmad) December 19, 2023