أمد/ واشنطن: أكد تقرير يوم السبت، أن الواقع على الأرض يرسم صورة مؤلمة في قطاع غزة، بعد تهجير إسرائيل أكثر من 1.9 مليون فلسطيني يشكلون 85% من سكان القطاع، قسرًا من منازلهم، وهو أكبر نزوح في المنطقة منذ العام 1948.
وقالت صحيفة “واشنطن بوست”، إن “الأزمة الإنسانية تفاقمت في قطاع غزة مع إرسال الجيش الإسرائيلي أوامر بإخلاء للمدنيين، والتي غالبًا ما تكون غير واضحة وغير منتظمة، وإجبارهم على الانتقال إلى المناطق يقول إنها آمنة، وهي تتقلص باستمرار”.
قامت صحيفة واشنطن بوست بتحليل صور الأقمار الصناعية وبيانات الغارات الجوية وتقييمات الأمم المتحدة للأضرار، وأجرت مقابلات مع أكثر من 20 من عمال الإغاثة ومقدمي الرعاية الصحية وخبراء في الذخائر والحرب الجوية. تظهر الأدلة أن إسرائيل نفذت حربها في غزة بوتيرة ومستوى من الدمار من المرجح أن يتجاوز أي صراع حديث، حيث دمرت المزيد من المباني.
ووجدت الصحيفة أيضًا أن الجيش الإسرائيلي شن غارات جوية متكررة وواسعة النطاق بالقرب من المستشفيات، التي من المفترض أن تتلقى حماية خاصة بموجب قوانين الحرب. كشفت صور الأقمار الصناعية التي استعرضها مراسلو صحيفة واشنطن بوست عن عشرات الحفر الواضحة بالقرب من 17 من أصل 28 مستشفى في شمال غزة، حيث كان القصف والقتال على أشده خلال الشهرين الأولين من الحرب، بما في ذلك 10 حفر تشير إلى استخدام قنابل تزن 2000 رطل. الأكبر في الاستخدام المنتظم.
“لا توجد مساحة آمنة. قالت ميريانا سبولجاريك إيجر، رئيسة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي زارت غزة في 4 ديسمبر/كانون الأول: “لم تمر بشارع واحد إلا ولم أر فيه تدمير البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات”.
وفي وصف لمعاناتهم، عبّر سكان القطاع عن الإحباط الناتج عن الانتقال المستمر إلى مناطق تعد “أكثر أمانًا”، ليواجهوا ضربات متجددة؛ ما يلخص الطبيعة المرهقة للبحث عن الأمان داخل حدود غزة.
وتزعم إسرائيل مواصلة جهودها لتقليل الأضرار التي لحقت بالمدنيين، مستشهدة بتحذيرات الإخلاء التي ترسلها، لكن الواقع على الأرض يرسم صورة مؤلمة؛ اذ أفادت وزارة الصحة في غزة بأن عدد القتلى يصل إلى حوالي 20 ألف شخص، بمن في ذلك الأفراد الذين تم إجلاؤهم بحثًا عن الأمان داخل القطاع، ليواجهوا مصائر مأساوية.
وأضاف التقرير، أن “تحليل الأقمار الصناعية كشف عن أضرار واسعة النطاق في القطاع، حيث تأثر ما لا يقل عن 20% من المباني في الجنوب، بما في ذلك خان يونس”.
أما مدينة رفح جنوب القطاع، والتي لا تغطي سوى 17% من مساحة غزة، فقد تحولت إلى مركز للنزوح.
وبعد أن كانت رفح في السابق موطنًا لـ 280 ألف نسمة، زادت الكثافة السكانية فيها 4 أضعاف، لتستوعب، الآن، أكثر من مليون شخص؛ ما أدى إلى تفاقم الاكتظاظ في مراكز الإيواء وتدهور الأوضاع المعيشية بشكل كبير.
“أزمة عظمى”
ويحذّر أرفيند داس من لجنة الإنقاذ الدولية، من أن الملاجئ مكتظة بشكل خطير، مع نقص الموارد مثل الغذاء والماء بين السكان المتزايدين.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 4 أفراد يتقاسمون، الآن، الموارد المخصصة لشخص واحد في الملاجئ التي تديرها المنظمة الدولية.
وأكد التقرير، أن “أصداء قصص البؤس تتردد من خلال أصوات الأفراد الذين فروا من مكان إلى آخر بحثًا عن ملجأ، ليجدوا الندرة واليأس عند كل منعطف؛ إذ أصبحت الظروف في الملاجئ مزرية، ينام فيها الرجال في الساحات بينما تتكدس النساء والأطفال في الفصول الدراسية؛ ما دفع وكالات الأمم المتحدة إلى وصفها بأنها لحظة أزمة عظمى”.
وأضاف أن “الضغط يتزايد على الموارد اليومية؛ إذ يتقاسم أكثر من 1000 شخص مرحاضًا واحدًا، وينتظرون فترات طويلة للاستحمام، إضافة لطوابير الحصول على الضروريات الأساسية مثل الدقيق”.
وأدى هذا الاكتظاظ إلى تفشي الأمراض، مثل التهاب الكبد والأمراض الجلدية والجهاز التنفسي، وتفاقم ذلك بسبب انهيار البنية التحتية الطبية غير القادرة على مواجهة الأزمات الصحية المتصاعدة.
وبالنسبة للنازحين، فإن الخسائر تتجاوز الصعوبات الجسدية؛ إذ إن الصدمة النفسية الناجمة عن النزوح، وعدم القدرة على العودة إلى ديارهم، تزيد من ضغوطاتهم بشكل كبير، وهو ما أكدت عليه جولييت توما من وكالة “الأونروا”.
وتؤكد حصيلة هذه الحرب، سواء من حيث الأرواح المفقودة أو معاناة النزوح، الحاجة المُلحة إلى بذل جهود متضافرة من أجل وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات الإنسانية للتخفيف من معاناة المدنيين الذين وقعوا في مرمى النيران، بحسب التقرير.