أمد/
كتب حسن عصفور/ منذ لحظة إطلاق الحرب العدوانية الشاملة على الكيانية الفلسطينية، مشروعا وشعبا ووجودا، وتركيزا في قطاع غزة، جندت دولة العدو الفاشي سلاحها الإعلامي بكل ما يمتلك قوة وتأثيرا، وعلاقات مع وسائل إعلام عالمية، بينها ما يرتبط منظمات صهيونية خاصة الأمريكية منها، كجزء من أدواتها.
ليس جديدا، ولا مفاجئا أبدا ففي كل حروبها المعادية كان إعلامها المتعدد، سلاحا خاصا، لتمرير جملة من الأكاذيب السياسية بإشاعات بعضها متقن جدا، وبعضها ساذج الى حد الاستغراب ان يكون، لكنها لعبة التشويش الدائمة، كي يبدو وكأنه “موضوعي”، بعيدا ان “فنون الخداع والاختلاق” المحترفة، فنجد لها صدى عند البعض، أي كانت نسبتهم.
وفي الحرب العدوانية الراهنة، تطورت نسبيا أدوات “التضليل” من خلال تمرير بعض ما تريد تمريره الى بعض وسائل إعلام عربية، تبحث الانفراد والتفرد، أو تبحث دورا متسقا مع مالكي تلك الوسائل، خدمة لهدف مشترك “غير مرئي”، حيث تقوم تلك الوسائل العربية بنشر ما يصلها من “مصادر” لا يعلم عنها أحد، ثم تقوم العبرية بنشرها منسوبة الى إعلام عربي، لتبدو وكأنها حقيقة، فتخلق تشويشا، ويضع ضغطا مركبا، خاصة وأن بعض تلك “الوسائل العربية” لديها انتشار خاص.
وضمن الحرب الشاملة، تقوم أجهزة أمن العدو بصناعة روايات محددة، بدأت تتركز حول وضع حركة حماس بصفتها التي تقود قوى المعركة العسكرية في قطاع غزة، مضمونها الأساسي عن “الصراعات الداخلية بين مراكز القوى داخلها”، وخاصة بين يحيى السنوار ومن معه في قيادة القطاع، والقيادة الحمساوية في الخارج.
بعض ما ينشره الإعلام العبري، لا يحتاج لتدقيق عميق لمعرفة أنها “رواية أمنية” كاملة الأضلاع، عندما تشير الى قال وقيل وهدد وتوعد وأمر واستجاب، تقارير لا يمكن أن تكون سوى عن جهة أما أنها “شريكة كليا” في اللقاءات أو الاتصالات الهاتفية، أو في مراكز الجهاز الأمني لدولة الكيان.
بدأت حرب التركيز على “خلافات حماس” الداخلية بعنوان رئيسي فيما عرف لاحقا بين “محور فارسي” وآخر “غير فارسي”، ثم بدأ يتجه لتحديد بين داخل القطاع وخارجه، وجوهره أن يحيى السنوار يرفض كليا أي “حل” في الوقت الراهن دون تحقيق شروطه كاملة، ومنها وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل لقوات المحتلين من قطاع غزة وصفقة “الكل مقابل الكل”، انطلاقا من رؤيته بأن مسار المعركة تميل الى صالح المواجهة، وستفرض على دولة العدو واقعا لا خيار لها سوى الاستسلام.
فيا تشير تقارير أجهزة “أمن دولة العدو ” عبر وسائل إعلامية، أن “التيار غير الفارسي” يميل الى الاستفادة القصوى مما حدث، وزيادة شعبية حماس خاصة خارج قطاع غزة، لترتيبات تستبق اليوم التالي للحرب، بما يعزز مكانتها السياسية في النظام الفلسطيني وعلاقتها العربية وبعض الدولية.
من حيث المبدأ، لا يوجد حركة سياسية، أي كان درجة الانضباط بها دون تباينيات وخلافات، بعضها يخرج الى السطح، ولسنا في معرض الإشارة لما يدور في دولة العدو، لكن الحديث الذي يتم ترويجه من قبل “أمن دولة الكيان” عبر إعلامها، يمثل سلاحا من أسلحة الحرب الشاملة، خاصة أن غالبه ليس سوى “خيال سياسي” مبني على بعض وقائع لم تعد سرية، بل أن قيادات من حماس أشارت لها بشكل أو بآخر، بعيدا عن هدفهم من تلك التصريحات، وماذا يراد منها، وهل تستبق اليوم التالي أم تأتي تفسيرا ضمن علاقات متشابكة لقيادة حماس في المحيط الإقليمي.
ولكن، التركيز العبري على ما يسمونه بـ “تمرد السنوار” على القيادة المركزية لحركة حماس، محاولة مضافة لحصار المشهد داخل قطاع غزة، وكسر محاولة التعاطف المتسعة خارجيا، ورسائل الى أهل قطاع غزة، الذين دفعوا ثمنا لن يدرك قيمته سواهم وحدهم، وهم يرون كل ما كان تاريخا وحياة وحضور ومستقبل دخل نفقا مظلما لسنوات، وبعض ملامح من تاريخ غزة وأمكنتها الحضارية العتيقة، خرج من الجغرافيا باقيا في سجل دفاتر التاريخ.
دولة العدو، وعبر جهازها الأمني – الإعلامي تحاول بكل السبل استغلال النكبة الأكبر في قطاع غزة لتمرير حسابات سياسية، وخاصة أن هناك مظاهر غضب علنية، كون الثمن يفوق كثيرا حلم الانتصار المنتظر.
الحرب الإعلامية لدولة العدو، سلاح ربما خطره لا يقل عن الأسلحة التدميرية التقليدية، ولذا يجب الانتباه والتدقيق كثيرا، وألا تكون معلومات أمن الكيان مصدرا لتقيم المسار أو تحديد الخيار، دون انتقاص من أي ملاحظات تخدم تعزيز المواجهة، خاصة لسلوك المشهد اليومي في قطاع غزة، والذي يرسل رسائل لا تليق أبدا مع جوهر المواجهة الكبرى.
واستدراكا، على قيادة حماس وبعيدا عن الأوصاف المتداولة، أن تقف لتقييم نسبي حول بعض ما يجب أن يكون، وتحديدا ما يتعلق بالوضع الداخلي في قطاع غزة…تقييم خاص لقطع الطريق على الاستغلال المعادي الخاص.
ملاحظة: في ذكرى ميلاد “ماسح الشر” عيسى بن مريم الفدائي الفلسطيني الأول، ورغم حرب العدو على أرض المسيح فلسطين.. عيد ميلاد مجيد لشعبها، وفي القلب منهم مسيحيي الوطن..فنور الحرية قادم ليكسر الظلام والظلاميين.
تنويه خاص: بعد ساعات من قرار مجلس الأمن، قام الرئيس الأمريكاني ووزير حربه بتشجيع دولة العدو أن تستمر في حربها، بدلا من تهدئتها لـ “تهيئة ظروف وقف الأعمال العدائية” كما قالوا في قرارهم المعيب جدا…أمريكا شيكا بيكا ويا عرب طلعتم مزيكا!