أمد/ لندن: سلطت صحيفة “الغارديان” البريطانية الضوء على الانقسامات الكبيرة في صفوف الحزب الديمقراطي على خلفية الحرب الدائرة في قطاع غزة، وهو أمر قد يصب في صالح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الطامح للعودة إلى البيت الأبيض في انتخابات 2024.
وتناولت الصحيفة الصراع في صفوف الحزب الديمقراطي بين التيارين الوسطي، واليساري التقدمي، وهو ما قد يمهد الطريق للإطاحة بالأعضاء التقدميين الذين يطلق عليهم اسم “الفرقة”.
ورجحت الصحيفة البريطانية، أن تخيم الخلافات في وجهات النظر على الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي التي تحدد هوية المرشحين لخوض انتخابات مجلس النواب، وربما تحدد أيضًا نتائجها.
وتشير الصحيفة إلى أن أعضاء “الفرقة” من أمثال: جمال بومان وكوري بوش، وإلهان عمر، الذين ينتقدون سياسات وممارسات إسرائيل، يواجهون الآن منافسين يتمتعون بتمويل جيد في مرحلة الانتخابات التمهيدية، يأتي ذلك في وقت يعبر فيه الديمقراطيون عن خشيتهم من أن يؤدي الاقتتال الداخلي إلى إضعاف قوة الحزب عشية الانتخابات الرئاسية في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وفي تعليقه على ما يدور، يؤكد كريس سكوت رئيس لجنة العمل السياسي (PAC) التي تقوم بتجنيد وتدريب التقدميين الشباب، على أهمية تجنب المعارك الداخلية في أوساط الحزب عام 2024، مشددًا على الحاجة إلى الوحدة بين التقدميين، والتركيز على معالجة التهديد الخارجي الأكبر بدلاً من الصراعات الداخلية.
وحقق التيار التقدمي اليساري بعض الانتصارات الملحوظة خلال رئاسة جو بايدن، غير أن الضغوط التي مارسها على بايدن في قضايا كالمناخ، والهجرة، والمساواة العرقية، خلفت توترًا كبيرًا في أروقة الحزب الديمقراطي.
ويقول التقرير، إن الصدام الإيديولوجي بين التقدميين اليساريين من جهة، والمعتدلين من جهة أخرى مرشح للتصاعد خلال موسم الانتخابات التمهيدية، الذي يبدأ في 5 مارس/آذار المقبل.
ومن بين المعارك البارزة المتوقع حدوثها مواجهة النائب الديمقراطي عن ولاية نيويورك جمال بومان لمنافسه المؤيد بقوة لإسرائيل جورج لاتمير، إضافة إلى المواجهة المرتقبة بين كوري بوش عن ولاية ميسوري، ومنافسها ويسلي بيل، الذي انتقد رد فعلها على هجمات حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
في مقابل ذلك، يرى الوسطيون فرصة تلوح أمامهم لتحدي التقدميين اليساريين على جبهات متعددة، ليس فقط فيما يتعلق بإسرائيل، ولكن أيضًا في قضايا أخرى، غير أن بعض المراقبين يعتقدون أن “الفرقة” (أعضاء الكونغرس الديمقراطيين التقدميين) يمثلون مشكلة للحزب الديمقراطي بالنظر إلى حضورهم المؤثر والصريح وخطابهم القوي، لا سيما في الولايات المتأرجحة، ما يجعل من الصعب على أعضاء الحزب الآخرين جذب مجموعة واسعة من الناخبين.
ومع ذلك، ربما تواجه “الفرقة” وحلفاؤها تحديات مالية كبيرة من الجماعات المؤيدة لإسرائيل، فقد أطلقت مجموعة “الأغلبية الديمقراطية من أجل إسرائيل” حملة مناهضة للنائبة رشيدة طليب، باستخدام إعلانات هجومية لانتقاد مواقفها، وتصويرها على أنها تقف على “الجانب الخطأ من التاريخ والإنسانية”.
واعتبر التقرير أن ما يحدث يشير إلى معركة بين التيارين مع استخدام الأموال على نطاق كبير للتأثير على الرأي العام ضد المستهدفين في هذه الحملة وهم أعضاء الكونغرس المعارضين لسياسات إسرائيل.
من جانبه، يؤكد لاري جاكوبس، مدير مركز دراسة السياسة والحكم في جامعة مينيسوتا أن الجماعات المنظمة جيدًا والتي تمتلك الموارد المالية الكبيرة تنظر إلى الانتخابات التمهيدية كوسيلة لتصفية الحسابات.
وأشار إلى استهداف تلك الجماعات المؤيدة لإسرائيل “للفرقة” على وجه الخصوص من منطلق اعتقادها بأنه كان من الممكن التأثير على الانتخابات الماضية بمزيد من التمويل.
ويتوقع جاكوبس أن تشهد الانتخابات المقبلة زيادة كبيرة في الدعم المالي، ما يعكس الجهود المتضافرة للتأثير على نتائجها، خاصة في السباقات المتقاربة بشدة، كما حدث عندما فازت النائبة التقدمية إلهان عمر، بفارق ضئيل قدره 2% فقط.
ومع استمرار الحرب في غزة وارتفاع حصيلة القتلى المدنيين، فإن الانقسامات الداخلية في الحزب الديمقراطي مرشحة للازدياد، بحسب الصحيفة البريطانية التي لفتت إلى أن مصدر القلق الأكبر أن يؤدي الاقتتال الداخلي إلى تقويض فرص الحزب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لا سيما في ظل التهديدات التي تلوح في الأفق وعلى رأسها الرئيس الأسبق دونالد ترامب والجمهوريون من اليمين المتطرف.