أمد/
كتب حسن عصفور/ عندما بدأت الحرب العدوانية الكبرى على الشعب الفلسطيني، وخاصة في قطاع غزة، بدأت مخاوف مصر والأردن تظهر حول ما أسموه بعمليات "التهجير القسري" للفلسطينيين تحت ضغط وابل جرائم الحرب المرتكبة، وغير المسبوقة.
الإشارة الى عملية "التهجير القسري"، وخاصة لسكان قطاع غزة جاء كمخاوف طبيعية بعدما قامت دولة الفاشية الجديدة، بعمليات تدمير كل مقومات الحياة، وأحدثت خرابا لا مثيل له في الكوكب الأرضي، قياسا بالمساحة والزمن، وطبيعة الفعل، في حرب هدفها المركزي قطع الطريق لسنوات طويلة أن تعود الحياة الإنسانية الى من كان يجب ان يكون جنوب دولة فلسطين، العضو المراقب 194 في الأمم المتحدة.
ما يحدث في قطاع غزة من حرب تدميرية ترمي فيما ترمي، ليس لإعادة المنطقة لما قبل عصر حجري فحسب، بل لكسر روح التحدي التاريخية التي يتميز بها أهل القطاع، ما بدأ يسمونه بـ "كي الوعي الوطني" نحو المواجهة التي تتقد جذوتها دائمة الاشتعال ضد العدو ودولته الفاشية، ووضعهم أمام خيارات بين الموت جوعا وقهرا داخل "رماد قطاع غزة"، أو الهجرة بحثا عن بعض حياة علها تعيد جزءا مما كان يوما ما قبل 7 أكتوبر 2023.
وكي لا تبقى الشعارات الرنانة سائدة في تناول القضايا المصيرية، فربما أصبح ضرورة مركزية أن تقف منظمة التحرير وكافة المسميات المنبثقة عنها، سلطة ودولة تائهة في غرف مقر الرئيس محمود عباس، وخاصة بعدما أصابها "غضب جنوني" من ورقة مصرية لم تعلن من حيث المبدأ، أمام الخطر الحقيقي الذي يزحف بقوة نحو مستقبل قطاع غزة، فيما يعرف باليوم التالي.
الحديث عن "التهجير القسري" بنقاب "التهجير الطوعي" هو القضية الأساسية التي بدأت دولة العدو الفاشي الاستعداد لها، بل والقيام بتحضير واسع عبر اتصالات مع دول متعددة، هدفها الحصول على موافقات استقبال من يرى ان "التهجير خيارا" في ظل دمار شامل من أهل القطاع.
وبعيدا عن "المثالية الكفاحية" للشعب الفلسطيني وطبيعة الغزي وارتباطه بأرضه ووطنه، فما كان من نتائج حرب الاستئصال والإزالة لمظاهر الحياة الإنسانية لسنوات طوال، تضع المواطنين أمام خيارات المرارة الوطنية، لا تستبعد أبدا خيار التهجير اجباري، مع ما سيكون في اليوم التالي للحرب الشاملة.
وقبل الذهاب الى هروب "الثورية الفارغة"، ليقف كل من له صلة بالتمثيل السياسي، منظمة وفصائل، أمام مشهد أهل قطاع غزة في اللحظة التي يمكن أن تقف بها أكثر حروب الإجرام في تاريخ الصراع مع دولة العدو، ماذا سيفعل الغزي، الذي لا يملك مكانا ولا عملا ربما لسنوات، لن يجد موقعا يلجأ اليه…هل ينتظر في شوارع وأزقات ويعيش فوق خراب هو السمة الأبرز للمشهد الغزي العام.
هل يعتقد البعض أن "التعبئة اللغوية" بالصمود سنوات للبقاء في عراء الحياة منتظرين "كوبونات المساعدات الإنسانية" حتى يجدوا لهم مكانا للسكن والعمل والعيش، هل يمكن أن تستبدل "النصائح الثورية" للبعض الذي لم يعرف ماذا حدث حقا، مصالح الإنسان الغزي البدائية، في سكن وإقامة وعمل.
خروج البعض الرسمي الفلسطيني وخاصة "رأس الشرعية" بالحديث عن رفض التهجير القسري، دون أن يملك رؤية لما سيكون يوما تاليا لسكان قطاع غزة المشردين في أرضهم، كما لم يشرد شعب في تاريخ الإنسانية، فتلك ليس سوى فعل تهجيري بطريقة هروبية.
لو حقا يراد منع التهجير القسري، يجب من اليوم وليس الغد المسارعة بوضع رؤية متكاملة لكيفية مواجهة الحياة البشرية للمهجرين في داخل كيانهم، وكيفية توفير شروط الحياة البدائية الكفيلة بمنحهم بعض مقومات البقاء.
الاكتفاء بالحديث الإعلامي عن رفض التهجير والتهجير القسري دون رؤية محددة، في ظل رفاهية الكلام، ستكون القطار السريع للخروج بحثا عما سيكون "واقيا إنسانيا" من حياة إهانة وذل كوبوني قادم.
ملاحظة: حديث الرئيس محمود عباس عن شروطه الأربعة لدخول حماس منظمة التحرير في ظل الحرب العدوانية على قطاع غزة سقطة سياسية كبرى توازي كلامه عن أنها حربها وليس حرب الشعب…ليت الرئيس يستريح من الكلام السياسي فترة الحرب العدوانية كي لا يشعل حربا باتجاه معاكس.
تنويه خاص: تعيين الهولندية كاخ منسقا أمميا لأهل قطاع غزة بادرة مريحة بصفتها ومواقفها..إنسانة بها روح الفلسطيني..عاشت همومه..ليكن منصبها القادم طاقة فعل تراكم بها قيما تختلف عمن يبحثون مناصبا تراكم لهم ثروة.