أمد/ نيويورك: استعرض مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” في تقرير مفصل يوم الأربعاء الأوضاع الإنسانية والصحية التي يعاني منها المواطنون المدنيون في قطاع غزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي لليوم الثاني والثمانين على التوالي.
تُعد كثافة الهجمات ونطاق الدمار من بين العقبات التي تحول دون إيصال المعونات الإغاثية لمن يحتاج إليها في شتى أرجاء غزة. وصرح الأمين العام للأمم المتحدة بأن عملية فعالة لتقديم المعونات تستدعي «الأمن، وعاملين يستطيعون أن يؤدوا عملهم في أمان وقدرات لوجستية واستئناف النشاط التجاري.» وحذر من أن هذه العناصر الأربعة لا وجود لها. تصوير وكالة الأونروا
النقاط الرئيسية
عند نحو الساعة 19:00 من يوم 26 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت شركة الاتصالات الرئيسية في قطاع غزة توقف خدمات الاتصالات والإنترنت بسبب الأضرار التي أصابت بنيتها التحتية، حسبما أفادت التقارير. وجاء ذلك بعد انقطاع هذه الخدمات جزئيًا قبل بضع ساعات من ذلك بسبب استمرار الأعمال القتالية. وقد حذرت الوكالات الإنسانية والمستجيبون الأولون من أن انقطاع الاتصالات يعرض تقديم المساعدات المنقذة للحياة المحدودة بالفعل للخطر في غزة.
بين يومي 23 و26 كانون الأول/ديسمبر، تواصل القصف الإسرائيلي الكثيف من البر والبحر والجو في معظم أنحاء قطاع غزة، وخاصة في المنطقة الوسطى، حيث أفادت التقارير بأن القوات الإسرائيلية نفذت أكثر من 50 غارة على ثلاثة مخيمات للاجئين – وهي البريج والنصيرات والمغازي – في يومي 24 و25 كانون الأول/ديسمبر، وأشارت التقارير إلى مقتل العشرات وتدمير الطرق التي تربط هذه المخيمات ببعضها بعضًا، مما أدى إلى عوق إيصال المساعدات الإغاثية إلى من يحتاج إليها.
استمرت العمليات البرية والقتال العنيف بين القوات الإسرائيلية والجماعات المسلحة الفلسطينية في معظم المناطق. وواصلت الجماعات المسلحة الفلسطينية إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل. وبين يومي 23 و26 كانون الأول/ديسمبر، أشارت التقارير إلى مقتل 858 فلسطينيًا وإصابة 1,598 آخرين بجروح، وفقًا لوزارة الصحة في غزة. وبين يومي 22 و26 كانون الأول/ديسمبر، أفادت التقارير بمقتل 22 جنديًا إسرائيليًا في غزة. ووفقًا للجيش الإسرائيلي، قُتل 162 جنديًا وأُصيب 874 آخرين في غزة منذ بداية العمليات البرية.
عند نحو الساعة 21:00 في 24 كانون الأول/ديسمبر، أشارت التقارير إلى أن القوات الإسرائيلية قصفت مربعًا سكنيًا يضم عدة منازل تعود لعائلات قنديل وأبو عاهد وأبو حميدة وأبو رحمة وسيسالم والنواصرة في مواقع مختلفة من مخيم المغازي بالمنطقة الوسطى، مما أسفر عن قتل أكثر من 70 فلسطينيًا وإصابة العشرات غيرهم، من بينهم أطفال ونساء. ويعتقد أن عددًا غير معروف من الأشخاص ما زالوا محاصرين تحت الركام. وأعرب ناطق رسمي باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن قلق المكتب البالغ إزاء استمرار القوات الإسرائيلية في قصف وسط قطاع غزة، وأضاف أن «مما يثير القلق بوجه خاص أن القصف الكثيف الأخير يأتي بعدما أمرت القوات الإسرائيلية السكان في جنوب وادي غزة بالتوجه إلى وسط قطاع غزة وتل السلطان في رفح.»
في 25 كانون الأول/ديسمبر، زار فريق من منظمة الصحة العالمية مستشفى الأقصى في المنطقة الوسطى، الذي نُقل إليه العديد من الجرحى الذين أصيبوا في الغارة التي استهدفت مخيم المغازي، واستمعوا إلى «إفادات مروعة» من العاملين الصحيين والمرضى على السواء. وأعرب المدير العام للمنظمة عن قلقه حيال «الضغط غير المحتمل الذي تفرضه الأعمال القتالية المتصاعدة على كاهل المستشفيات القليلة التي لا تزال تؤدي عملها في شتى أرجاء غزة – حيث تعرض الشطر الأكبر من النظام الصحي للدمار وبات على شفا الانهيار.»
بين يوم 7 تشرين الأول/أكتوبر والساعة 00:00 من يوم 26 كانون الأول/ديسمبر، قُتل ما لا يقل عن 20,915 فلسطينيًا في غزة، وفقًا لوزارة الصحة في غزة. ويقال إن نحو 70 بالمائة من هؤلاء الضحايا هم من النساء والأطفال. وحتى 26 كانون الأول/ديسمبر، أصيب 54,918 فلسطينيًا بجروح. وثمة عدد كبير من الأشخاص في عداد المفقودين، ويسود الافتراض بأنهم لا يزالون تحت الركام في انتظار إنقاذهم أو انتشالهم.
تواجه العمليات الإنسانية تحديات عملياتية متزايدة بسبب الأعمال القتالية المكثفة، وانعدام الأمن، والطرق المغلقة، وشح الوقود والاتصالات المحدودة للغاية. وهذه العناصر الأربعة لا وجود لها.
في 23 كانون الأول/ديسمبر، وصلت بعثتان تابعتان للأمم المتحدة إلى شمال غزة ووزعتا 19,200 لتر من الوقود والإمدادات الطبية والمواد الغذائية على أربعة مستشفيات، بما فيها مستشفى الشفاء. وكان مستشفى الشفاء أكبر المستشفيات في سابق عهده، ولكن الأعمال القتالية المتواصلة والزيادة الحادة التي شهدتها أعداد المصابين تجاوزت قدراته وأنهكته. ولا يستطيع هذا المستشفى الآن سوى تقديم الإسعاف الأولي الأساسي ويؤوي نحو 50,000 مهجر في هذه الأثناء.
في 25 كانون الأول/ديسمبر، تمكنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني واللجنة الدولية للصليب الأحمر من إخلاء 21 مريضًا من المستشفى الأهلي المعمداني و13 مريضًا من مستشفى الشفاء إلى خانيونس في الجنوب. كما أخلى الهلال الأحمر الفرق من مركز الإسعاف في جباليا في الشمال بعدما أجبرتها القوات الإسرائيلية على مغادرة المركز ودمرت سيارات الإسعاف في 20 كانون الأول/ديسمبر، حسبما أفادت التقارير التي نقلها الهلال الأحمر الفلسطيني.
في 25 كانون الأول/ديسمبر، نشرت وسائل الإعلام الإسرائيلية شريط فيديو، أفادت التقارير بأنه يظهر القوات الإسرائيلية وهي تحتجز المئات من الفلسطينيين داخل استاد اليرموك لكرة القدم في مدينة غزة. ويظهر الفيديو المحتجزين، بمن فيهم أطفال ورجال من كبار السن وأشخاص من ذوي الإعاقة، وهم يُجبرون على التجرد من جميع ملابسهم باستثناء الداخلية منها في ظروف مهينة. وفي 26 كانون الأول/ديسمبر، نشرت وسائل الإعلام شهادات مسجلة على أشرطة فيديو أدلى بها محتجزون فلسطينيون اقتيدوا إلى إسرائيل ثم أطلق سراحهم وأُعيدوا إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، حسبما أفادت التقارير. وادعى هؤلاء المحتجزون، بمن فيهم رجال كبار في السن، بأنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة وهم رهن الأسر، وأظهرت مشاهد الفيديو الكدمات والحروق على أجسامهم. كما أفاد هؤلاء بأنهم حرموا من الطعام والماء والذهاب إلى المراحيض وأنهم كانوا عرضة لتقلبات الأحوال الجوية.
عند نحو الساعة 20:20 من يوم 25 كانون الأول/ديسمبر، أعلنت سلطة المياه في غزة أن الخط الإسرائيلي الذي كان يزود منطقة بني سهيلا شرق خانيونس بإمدادات المياه توقف عن العمل نتيجة للغارات الجوية التي ألحقت أضرارًا فادحة به، مما أدى إلى العجز عن ضخ المياه إلى جميع مناطق خانيونس. وكان هذا الخط يوفر نحو 14,400 متر مكعب من المياه في اليوم، وهو أحد خطين يمدان المنطقة الجنوبية بمياه الشرب. ولا تعمل الخطوط الإسرائيلية التي تغذي الشمال بإمدادات المياه منذ يوم 8 تشرين الأول/أكتوبر.
في 26 كانون الأول/ديسمبر، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، اليوم عن تعيين السيدة سيغريد كاغ من هولندا في منصب كبيرة منسقي الشؤون الإنسانية وشؤون إعادة الإعمار في غزة بناءً على قرار مجلس الأمن رقم 2720 (2023). وسوف تتولى السيدة كاغ، في هذا الدور، تيسير وصول شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة وتنسيقها ومتابعتها والتحقق منها. وسوف تعمل كذلك على إنشاء آلية تابعة للأمم المتحدة من أجل تسريع إرسال شحنات الإغاثة الإنسانية إلى غزة من خلال الدول التي لا تُعَدّ طرفًا في النزاع. وسوف تحظى بدعم مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع في سياق تنفيذ هذه الوظائف. ومن المتوقع أن تباشر السيدة كاغ مهام عملها في 8 كانون الثاني/يناير 2024.
الأعمال القتالية والضحايا (قطاع غزة)
كانت الحوادث التالية من بين أكثر الحوادث الدموية التي نقلتها التقارير بين يومي 22 و25 كانون الأول/ديسمبر:
عند نحو الساعة 13:00 من يوم 22 كانون الأول/ديسمبر، أشارت التقارير إلى مقتل 40 فلسطينيًا على الأقل بعدما قصفت ثماني بنايات سكنية في مدينة جباليا في الشمال.
عند نحو الساعة 21:40 من يوم 24 كانون الأول/ديسمبر، قتل 21 فلسطينيًا على الأقل وأصيب كثيرون آخرون حسبما أفادت التقارير عندما قصف منزلهم في خانيونس.
عند نحو الساعة 15:30 من يوم 25 كانون الأول/ديسمبر، أفادت التقارير بأن 10 فلسطينيين قتلوا وأن كثيرين آخرين أصيبوا بجروح عندما قصف منزلهم القريب من المستشفى الأوروبي، شرق خانيونس.
في 26 كانون الأول/ديسمبر، أعيدت جثامين 80 فلسطينيًا أشارت التقارير إلى أنهم قتلوا في شمال غزة عبر معبر كرم أبو سالم إلى السلطات المحلية ودفنت في قبر جماعي في رفح. ووفقًا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، كانت هذه الجثامين قد أخذت إلى إسرائيل لمعاينتها من أجل تحديد ما إذا كانت تعود لرهائن.
في 23 كانون الأول/ديسمبر، قتل مهجران عندما قصفت مدرستان تابعتان لوكالة الأونروا وتؤويان مهجرين في النصيرات بالمنطقة الوسطى. وفي جباليا (الشمال)، أفادت التقارير بأن الغارات الجوية استهدفت منطقة قريبة من مدارس تؤوي المُهجرين، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات منهم.
وفقًا لوزارة التربية والتعليم، قُتل أكثر من 4,037 طالبًا و209 من أعضاء الهيئات التدريسية، وأصيب ما يزيد عن 7,259 طالبًا و619 معلمًا في قطاع غزة بين يومي 7 تشرين الأول/أكتوبر و26 كانون الأول/ديسمبر.
وفقًا لنقابة الصحفيين الفلسطينيين في غزة، قتل 82 صحفيًا وإعلاميًا فلسطينيًا خلال الغارات الجوية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقتل 310 مسعفين فلسطينيين حسب وزارة الصحة في غزة. وقتل ما لا يقل عن 20 فردًا من أفراد الدفاع المدني منذ نشوب الأعمال القتالية، حسبما أفاد الدفاع المدني الفلسطيني به.
التهجير (قطاع غزة)
أعاد الجيش الإسرائيلي اليوم، 26 كانون الأول/ديسمبر، تأكيد الدعوة التي وجهها إلى السكان للرحيل عن منطقة كانت مخصصة أصلًا للإجلاء في 22 كانون الأول/ديسمبر، وتغطي نحو 15 في المائة، أو تسعة كيلومترات مربعة تقريبًا، من مساحة محافظة دير البلح في وسط قطاع غزة. وقبل بداية الأعمال القتالية، كان نحو 90,000 شخص يقطنون في هذه المنطقة، وباتت الآن تضم ستة مراكز إيواء تستوعب نحو 61,000 مهجر، معظمهم من الشمال. وفي الأيام الأخيرة، أشارت المنظمات الشريكة في العمل الإنساني إلى تدفق المُهجرين من محافظة دير البلح إلى الجنوب الذي يعاني من الاكتظاظ الشديد بالفعل.
تضم المناطق المتضررة مخيمي البريج والنصيرات للاجئين وشمال النصيرات (الزهراء والمغراقة). وتدعو التعليمات المرفقة مع الخريطة السكان إلى الانتقال على الفور إلى مراكز الإيواء في دير البلح، التي تعاني من الاكتظاظ الشديد أصلًا وتؤوي مئات الآلاف من المُهجرين. ولا يزال نطاق التهجير الناجم عن هذا الأمر الصادر بالإخلاء غير واضح حتى وقت كتابة هذا التقرير.
لا تزال التحديات تعتري الحصول على رقم دقيق للعدد الكلي للمهجرين. فوفقًا للأونروا، بات عدد يقدر بنحو 1.9 مليون شخص في غزة، أو ما يقارب 85 بالمائة من سكانها، مهجرين من بينهم أشخاص تعرضوا للتهجير في مرات متعددة، حيث تجبر الأسر على الانتقال مرارًا وتكرارًا بحثًا عن الأمان.
يزيد الافتقار إلى الغذاء والمواد الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة وتردي ظروف النظافة الصحية من تفاقم الأحوال المعيشية البائسة في الأصل، وتضخم المشكلات المتصلة بالحماية والصحة العقلية وتزيد من تفشي الأمراض.
الكهرباء
منذ 11 تشرين الأول/أكتوبر، لم يزل قطاع غزة يشهد انقطاع الكهرباء عنه بعدما قطعت السلطات الإسرائيلية إمدادات الكهرباء ونفاد احتياطيات الوقود من محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. وانظر لوحة متابعة إمدادات الكهرباء في قطاع غزة للاطّلاع على المزيد من المعلومات في هذا الشأن.
الرعاية الصحية، بما يشمل الهجمات عليها (قطاع غزة)
في حادثين منفصلين وقعا في 25 كانون الأول/ديسمبر، تعرض مستشفى الخير في جباليا والمنطقة القريبة من المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا (وكلاهما يقع في شمال مدينة غزة) للقصف والتدمير. وكان المستشفيان خاليين ولا يعملان عندما قصفا. وقتل ثلاثة فلسطينيين وأصيب آخرون في المستشفى الإندونيسي.
في 26 كانون الأول/ديسمبر، أصيب عدة مهجرين عندما قصفت الطوابق العلوية من مقر جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في خانيونس، حيث كان الآلاف من المُهجرين يلتمسون المأوى فيها، ولحقت الأضرار بها.
في 25 كانون الأول/ديسمبر، أوصلت الأونروا 80,000 قارورة من لقاحات الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية إلى غزة لحماية الأطفال من الأمراض التي يمكن الوقاية منها بالتطعيم.
وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، لم تزل تسعة مستشفيات من بين جميع مستشفيات قطاع غزة البالغ عددها 36 مستشفى تؤدي عملها جزئيًا حتى 22 كانون الأول/ديسمبر، وجميعها يقع في الجنوب. وتعمل هذه المستشفيات بثلاثة أضعاف طاقتها الاستيعابية، في الوقت الذي تواجه فيه نقصًا حادًا في اللوازم الأساسية وإمدادات الوقود. وحسب وزارة الصحة في غزة، تصل معدلات الإشغال الآن إلى 206 بالمائة في أقسام المرضى المقيمين و250 بالمائة في وحدات العناية المركزة.
في 23 كانون الأول/ديسمبر، صرحت منظمة الصحة العالمية بأن شمال غزة تُرك دون أي مستشفى يعمل فيه بسبب نفاد الوقود وغياب الموظفين ونقص اللوازم الطبية. ولا يزال المستشفى الأهلي يقدم العلاج للمرضى ولكنه لا يستقبل أي مرضى جدد، مثلما هو حال مستشفيات الشفاء والعودة والصحابة. وما زالت هذه المستشفيات تؤودي الآلاف من المُهجرين.
المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية
عند نحو الساعة 19:37 من يوم 22 كانون الأول/ديسمبر، دمرت محطة النيل لتحلية المياه في مدينة جباليا (الشمال). وكانت هذه هي محطة التحلية الوحيدة التي يستخدمها السكان في شمال غزة.
في 20 كانون الأول/ديسمبر، صرحت اليونيسف بأن الأطفال في غزة لا يستطيعون الحصول على 90 بالمائة من حاجتهم الاعتيادية من استهلاك للمياه. وهذا يؤثر تأثيرًا شديدًا على الأطفال لأنهم أكثر عرضة للتجفاف والإسهال والأمراض وسوء التغذية. وتزداد المخاوف بشأن الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والإسهال المزمن بوجه خاص بسبب نقص المياه المأمونة، وخاصة بعد هطول الأمطار الموسمية والفيضانات. وقد سجل المسؤولون زيادة قاربت نحو 20 ضعفًا عن المتوسط الشهري من حالات الإسهال المبلغ عنها بين الأطفال دون سن الخامسة، فضلًا عن 160,000 حالة من التهابات الجهاز التنفسي الحادة، وزيادات في الحالات المعدية الأخرى والأمراض، بما فيها الجرب والقمل وجدري الماء والطفح الجلدي.
في 20 كانون الأول/ ديسمبر، أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية عن قلقه إزاء ارتفاع معدلات الأمراض المعدية. فقد صرح بقوله: «تشهد غزة بالفعل معدلات مرتفعة من تفشي الأمراض المعدية. حيث زادت حالات الإسهال بين الأطفال دون سن الخامسة عن المستويات التي كانت عليها قبل النزاع بـ25 ضعفًا. ويمكن أن تكون هذه الأمراض مميتة للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، ولا سيما مع غياب الخدمات الصحية العاملة.»
الأمن الغذائي
في 24 كانون الأول/ديسمبر، أسقط الجيش الأردني المعونات الإنسانية والإمدادات الغذائية للمرة السابعة على مدينة غزة لمساعدة الأشخاص الذين يلتمسون المأوى داخل كنيسة القديس برفيريوس. وتشير التقديرات إلى أن نحو 800 شخص يوجدون في الكنيسة وتفيد التقارير بأنهم يواجهون نقصًا في المواد الغذائية ويفتقرون بشدة إلى الضرورات الأساسية.
أشار كبير الاقتصاديين في برنامج الأغذية العالمي إلى أن سرعة تطور وحجم أزمة انعدام الأمن الغذائي الحادة التي تتكشف في غزة، والتي لوحظت خلال فترة تزيد عن شهرين بقليل، لم يسبق لها مثيل في حدتها. ويواجه سكان قطاع غزة بأكملهم خطرًا وشيكًا بحدوث مجاعة، وفقًا لأحدث التقديرات الصادرة عن مبادرة الشراكة العالمية للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي في 21 كانون الأول/ديسمبر. وتعد نسبة الأسر المتأثرة بارتفاع مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد في غزة أكبر نسبة تسجل على الإطلاق على مستوى العالم، وفقًا للتقرير الصادر عن المبادرة.
تحذر لجنة استعراض المجاعة، التي جرى تفعيلها بسبب الأدلة التي تتجاوز المرحلة الخامسة من مراحل انعدام الأمن الغذائي الحاد (العتبة الكارثية) في قطاع غزة، من أن خطر حدوث مجاعة يزداد يومًا بعد يوم وسط النزاع المحتدم والقيود المفروضة على وصول المساعدات الإنسانية. وأضافت اللجنة أن الضرورة تقتضي وقف تدهور الصحة والتغذية والأمن الغذائي والوفيات من خلال استعادة الصحة وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، وذلك من أجل القضاء على خطر المجاعة. ويعد وقف الأعمال القتالية واستعادة الحيز الإنساني اللازم لتقديم المساعدات المتعددة القطاعات من الخطوات الأولية الحيوية لاستئصال خطر حدوث المجاعة.
الأعمال القتالية والضحايا (إسرائيل)
قُتل أكثر من 1,200 إسرائيلي وأجنبي في إسرائيل، من بينهم 36 طفلًا، وفقًا للسلطات الإسرائيلية. وقد قُتلت الغالبية العظمى من هؤلاء في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
خلال فترة الهدنة الإنسانية (24-30 تشرين الثاني/نوفمبر)، أُطلق سراح 86 إسرائيليًا و24 أجنبيًا. وتقدر السلطات الإسرائيلية أن نحو 129 إسرائيليًا وأجنبيًا ما زالوا في عداد الأسرى في غزة. وفي 22 كانون الأول/ديسمبر، جدّد الأمين العام للأمم المتحدة دعوته لإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين على الفور ودون شروط.
العنف والضحايا (الضفة الغربية)
في 26 كانون الأول/ديسمبر، قتلت القوات الإسرائيلية فلسطينيين، أحدهما طفل يبلغ من العمر 17 عامًا، وأصابت اثنين آخرين بالذخيرة الحية في أثناء عملية تفتيش واعتقال نفذها في مخيم الفوار للاجئين في الخليل.
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، قتل 295 فلسطينيًا، من بينهم 77 طفلًا، في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. كما قتل فلسطينيان من الضفة الغربية وهما ينفذان هجومًا في إسرائيل في 30 تشرين الثاني/نوفمبر. وكان من بين من قتل في الضفة الغربية 285 فلسطينيًا قتلوا على يد القوات الإسرائيلية، وثمانية على يد المستوطنين الإسرائيليين واثنان إما على يد القوات الإسرائيلية وإما على يد المستوطنين. وتمثل هذه الحصيلة نحو 60 بالمائة من إجمالي الفلسطينيين الذين قتلوا في الضفة الغربية خلال هذه السنة. وتعد سنة 2023 السنة الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ أن شرع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تسجيل عدد الضحايا في سنة 2005، حيث قتل ما مجموعه 495 فلسطينيًا خلالها.
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، قتل أربعة إسرائيليين، من بينهم ثلاثة من أفراد القوات الإسرائيلية، في هجمات شنها فلسطينيون في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. كما قتل أربعة إسرائيليين آخرين في هجوم نفذه فلسطينيون من الضفة الغربية في القدس الغربية (ويبدو أن أحد هؤلاء قتل على يد القوات الإسرائيلية التي أخطأت في التعرف على هويته).
قُتل ما نسبته 71 بالمائة الضحايا الفلسطينيين الذين سقطوا في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر خلال عمليات التفتيش والاعتقال وغيرها من العمليات التي نفذتها القوات الإسرائيلية وشهد بعضها تبادل إطلاق النار مع الفلسطينيين، وخاصة في محافظتي جنين وطولكرم. وقتل أكثر من نصف الضحايا في عمليات لم تشهد اشتباكات مسلحة، حسبما أفادت التقارير.
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، أصابت القوات الإسرائيلية 3,803 فلسطينيين، من بينهم 576 طفلًا على الأقل. وقد أُصيب 51 بالمائة من هؤلاء في سياق المظاهرات و41 بالمائة في سياق عمليات التفتيش والاعتقال وغيرها من العمليات. كما أُصيب 88 فلسطينيّا على يد المستوطنين، وأُصيب 18 آخرين إما على يد القوات الإسرائيلية وإما على يد المستوطنين. وكان نحو 33 بالمائة من هذه الإصابات بالذخيرة الحية، بالمقارنة مع متوسط شهري بلغ 9 بالمائة خلال الأشهر التسعة الأولى من سنة 2023.
عنف المستوطنين
بين 23 و26 كانون الأول/ديسمبر، أسفرت ثماني هجمات شنها المستوطنون عن إلحاق الأضرار بممتلكات تعود للفلسطينيين. ففي ستة حوادث، أتلف المستوطنون ما مجموعه 1,588 شجرة ومحاصيل زراعية في التجمعات السكانية الفلسطينية في دير استيا (سلفيت)، وخربة التوامين وطوبا والقواويس وسوسيا (وجميعها في الخليل) وجالود (نابلس)، كما دمروا غرفة زراعية وهدموا جدارين حجريين. وفي حادث آخر، اقتحم مهاجمون مسلحون معروفون لدى السكان الفلسطينيين بأنهم مستوطنون مع أنهم كانوا يرتدون الزي الرسمي للجيش الإسرائيلي تجمع أم التيران (الخليل)، وهدموا مبنيين سكنيين وحطموا منظومة من ألواح الطاقة الشمسية. وفي الحادث الأخير، أطلق المستوطنون النار على مزارع فلسطيني كان يفلح أرضه، مما ألحق الضرر بخزانات المياه وأجبره على مغادرة المنطقة.
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، سجل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية 367 هجمة شنها المستوطنون على الفلسطينيين وأسفرت عن سقوط ضحايا (36 حادثًا) أو إلحاق أضرار بالممتلكات (285 حادثًا) أو سقوط ضحايا وإلحاق أضرار بالممتلكات معًا (46 حادثًا).
وصل المتوسط الأسبوعي لهذه الحوادث منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر إلى 32 حادثًا بالمقارنة مع 21 حادثًا في كل أسبوع بين 1 كانون الثاني/يناير و6 تشرين الأول/أكتوبر 2023. وشهد عدد الحوادث منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر تراجعًا تدريجيًا من 80 حادثًا في الأسبوع الأول (7-14 تشرين الأول/أكتوبر) إلى 11 حادثًا بين 16 و22 كانون الأول/ديسمبر. وانطوى ثلث هذه الحوادث على استخدام الأسلحة النارية، بما شمله ذلك من إطلاق النار والتهديد بإطلاقها. وفي نصف الحوادث المسجلة تقريبًا، رافقت القوات الإسرائيلية أو وردت التقارير بأنها شوهدت وهي تؤمّن الدعم للمهاجمين.
التهجير (الضفة الغربية)
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، هُجر ما لا يقل عن 198 أسرة فلسطينية تضم 1,208 أفراد، من بينهم 586 طفلًا، بسبب عنف المستوطنين والقيود المفروضة على الوصول. وتنحدر الأسر المُهجرة من 15 تجمعًا رعويًا أو بدويًا. ونُفذ ما يربو على نصف عمليات التهجير في أيام 12 و15 و28 تشرين الأول/أكتوبر، حيث طالت سبعة تجمعات سكانية.
في 26 كانون الأول/ديسمبر، أجبرت ثلاث أسر فلسطينية على هدم مبانيها السكنية في جبل المكبر وشعفاط (وكلاهما في القدس الشرقية) لتفادي دفع الغرامات التي تفرضها السلطات الإسرائيلية، وذلك بحجة افتقار هذه المباني إلى رخص البناء الإسرائيلية التي يستحيل الحصول. ونتيجة لذلك، هُجر سبعة أشخاص، من بينهم أربعة أطفال.
وبذلك، يرتفع العدد الكلي للأشخاص الذين هجروا في أعقاب عمليات الهدم التي طالت منازلهم بحجة افتقارها إلى رخص البناء التي تصدرها السلطات الإسرائيلية ويُعدّ الحصول عليها أمرًا من ضرب المستحيل إلى 393 فلسطينيًا، من بينهم 208 أطفال، في المنطقة (ج) بالضفة الغربية والقدس الشرقية. ويمثل المتوسط الشهري لعمليات التهجير التي نُفذت بين 7 تشرين الأول/أكتوبر و7 كانون الأول/ديسمبر زيادة نسبتها 27 بالمائة بالمقارنة مع المتوسط الشهري للتهجير خلال الأشهر التسعة الأولى من هذه السنة.
هدم ما مجموعه 19 منزلًا على أساس عقابي منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، مما أسفر عن تهجير 95 فلسطينيًا، من بينهم 42 طفلًا. ويعد هذا الرقم أعلى من المنازل الستة عشر التي هُدمت عقابيًا خلال الأشهر التسعة الأولى من هذه السنة وأفضت إلى تهجير 78 فلسطينيًا. وقد خلصت لجنة حقوق الإنسان في استعراضها للتقرير الدوري الرابع الذي قدمته إسرائيل في العام 2014 إلى أن عمليات الهدم العقابي شكل من أشكال العقاب الجماعي وتنتفي الصفة القانونية عنها، بحكم ذلك، بموجب القانون الدولي.
هجر 483 فلسطينيًا آخرين، من بينهم 222 طفلًا، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر في أعقاب تدمير 73 مبنًى سكنيًا في أثناء عمليات أخرى نفذتها القوات الإسرائيلية في شتى أرجاء الضفة الغربية. وأشارت التقارير إلى أن 55 بالمائة من عمليات التهجير جرت في مخيم جنين للاجئين و39 بالمائة في مخيمي نور شمس وطولكرم للاجئين (وكلاهما في طولكرم).
التمويل
حتى يوم 20 كانون الأول/ديسمبر، صرفت الدول الأعضاء 622.6 مليون دولار لصالح النداء العاجل المحدَّث الذي أطلقته الأمم المتحدة وشركاؤها لتنقيد خطة الاستجابة التي وضعوها من أجل دعم 2.2 مليون شخص في قطاع غزة و500,000 آخرين في الضفة الغربية. ويشكل هذا المبلغ نحو 51 بالمائة من المبلغ المطلوب وقدره 1.2 مليار دولار. وتجمع التبرعات الخاصة من خلال الصندوق الإنساني.