أمد/
رام الله : قال مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" أن الرعب في قطاع غزة لا يمكن وصفه نتاج العدوان الإسرائيلي المستمر على القطاع ، وأن الاضطرابات والصدمات النفسية وتبعاتها المستقبلية كارثية على الأطفال ، كما وحذر المركز من التبعات والمخاطر النفسية المستقبلية على الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة نتيجة عدوان الاحتلال المستمر على القطاع ، من أهوال الحرب والعدوان المتواصل إذ ينعكس كل ذلك على الأطفال بآثار وصدمات نفسية جسيمة على صحتهم النفسية والإدراكية والسلوكية والاجتماعية سواء كان ذلك في الوقت الحالي أو على المدى المتوسط أو البعيد ، حيث تتمثل تلك الصدمات والآثار النفسية على الأطفال في عدد من التجليات والأعراض أهمها التوتر والقلق الشديد والخوف من الموت أو الإصابة أو فقدان أفراد العائلة، ومشاكل في النوم والكوابيس والأحلام المزعجة والمخيفة بسبب الذكريات والمشاهد المؤلمة إلى يتعرض لها الأطفال، والتبول اللاإرادي، والحزن الشديد وحالات الاكتئاب، والغضب الشديد وسرعة الانفعال، وهذا كله ناتج عن استخدام الاحتلال للقوة المفرطة ، ونتاج القصف العشوائي والإعدامات وما ينتج عنها من مشاهد تبقى عالقة في أذهان .
كما وأكد مركز "شمس" على أن استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أدى إلى صدمات نفسية كبيرة لدى الأطفال الفلسطينيين الناتجة عن عمليات القصف والتدمير للبيوت والمساكن والأعيان المدنية من مدارس وجامعات ومراكز صحية ومستشفيات ومراكز إيواء وخاصة أثناء الليل إذ يصاب الأطفال بنوبات من الفزع والهلع عند حدوث الانفجارات الليلية، وقد أكد ذلك التقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية العاملة في مجال الصحة النفسية ، فقد أفاد تقرير لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا عن ارتفاع معدلات الإصابة بالصدمات النفسية للأطفال في قطاع غزة وأوضحت ذلك في تقريرها الذي بين العديد من النقاط والتي تتلخص في (مواصلة فرق العمل التابعة للأونروا العمل في تقديم الخدمات للأطفال في قطاع غزة ، إذ قام فريق مكون من ( 284 ) عاملاً اجتماعياً في الملاجئ، تقديم الإسعافات الأولية النفسية الاجتماعية وغيرها من خدمات الحماية المتخصصة للنازحين، وحتى 30 كانون الأول، وصلت هذه الخدمة لحوالي ( 77,206 ) نازحين، في الفترة ما بين 28 – 29 كانون الأول، تعامل مرشدو المدارس مع ما مجموعه ( 1,133 ) استشارة فردية وعائلية في رفح وخانيونس، إلى جانب ( 1,046 ) جلسة جماعية للدعم النفسي الاجتماعي، واستفاد من هذه الجهود ( 14,798 ) نازحاً، ما ساهم في إجمالي تراكمي قدره( 51,204 ) جلسة دعم نفسي اجتماعي تم تقديمها منذ 7 تشرين الأول، خلال نفس الفترة، قدم مرشدو المدارس الدعم النفسي لما مجموعه (303 ) موظفين من موظفي الأونروا من خلال الاستشارات الوجاهية والاستشارات عن بعد، وبلغ العدد الإجمالي لموظفي الأونروا الذين تلقوا الدعم النفسي منذ بداية الأعمال العدائية 5,000 موظفاً).
كما وحذر مركز "شمس" من تبعات وآثار الصدمات النفسية على الأطفال في المستقبل في ظل تدمير المستشفيات والأقسام الخاصة بالصحة النفسية فيها وتدمير المراكز الطبية والمؤسسات المتخصصة في مجال الصحة النفسية في قطاع غزة، إضافة إلى استهداف الجامعات والمختصين في العلاج النفسي والاجتماعي وتوقف الجامعات عن التعليم واستشهاد عدد من المختصين من الأساتذة والمعالجين في مجال الصحة النفسية، مما يفاقم تلك المشكلة أكثر فأكثر ويجعل كافة المصابين بالصدمات النفسية من الأطفال بدون علاج بسبب عدم توفر المؤسسات المختصة وعدم توفر الكادر الطبي أيضاً. هذا إلى جانب عدم توفر الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة ، وذلك بسبب الحصار المفروض على القطاع ومنع دولة الاحتلال من دخول تلك الأدوية.
كما ودعا مركز" شمس" إلى ضرورة توفير سبل التفريغ والترفيه للأطفال للمعالجة من تلك الآثار والصدمات النفسية الناتجة عن أهوال الحرب والعدوان وذلك من خلال تنظيم بعض الأنشطة والفعاليات التي تتضمن الرسم والقراءة والحوار مع الأطفال من قبل ذويهم أو من قبل أشخاص مختصين وضرورة إعطاء الأطفال الحرية في التعبير عن ما يشعرون به كنوع من التفريغ عما يوجد في داخلهم لكي يشعروا بالراحة والاطمئنان، وتنظيم جلسات تأهيل نفسي لهم من أجل التخلص من الآثار السلبية التي تفرضها الحرب على حالتهم النفسية والتخلص من المشاعر السلبية لديهم.
وشدد مركز "شمس" على أن تأثيرات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وانعكاساتها السلبية على الأطفال تشكل انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني وللقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة لاتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12/8/1949م والتي أكدت على حماية المدنيين وخاصة الأطفال والنساء في أوقات الحرب والنزاع المسلح وعلى ضرورة إقامة مناطق آمنه لهم وإبعادهم عن مناطق الاشتباك والعمليات الحربية، إذ نصت المادة رقم (14) من الاتفاقية على أن (لأطراف النزاع بعد نشوب الأعمال العدائية أن تنشئ في أراضيها، أو في الأراضي المحتلة إذا دعت الحاجة، مناطق ومواقع استشفاء وأمان منظمة بكيفية تسمح بحماية الجرحى والمرضى والعجزة والمسنين والأطفال دون الخامسة عشرة من العمر، والحوامل وأمهات الأطفال دون السابعة)، والمادة رقم (24) والتي نصت على (أطراف النزاع أن تتخذ كافة التدابير الضرورية لضمان عدم إهمال الأطفال دون الخامسة عشرة الذين تيتموا أو تفرقت عائلاتهم وأن تضمن رعايتهم وإعالتهم وتعليمهم)، وتمثل تلك الأعمال التي يقوم بها جيش الاحتلال الإسرائيلي انتهاك جسيم للقانون الدولي لحقوق الإنسان أيضاً وخاصة للاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لسنة1989م، التي تطالب كافة الدول وأطراف النزاع بضرورة توفير الضمانات اللازمة لحماية الأطفال وتحييدهم عن الخطر وتوفير سبل الحياة والعيش الكريم لهم، إذ نصت المادة رقم (38) من الاتفاقية على أن (تتعهد الدول الأطراف بأن تحترم قواعد القانون الإنساني الدولي المنطبقة عليها في المنازعات المسلحة وذات الصلة بالطفل وأن تضمن احترام هذه القواعد، وتتخذ الدول الأطراف وفقاً لالتزاماتها بمقتضى القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين في المنازعات المسلحة، جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بالنزاع المسلح).
وفي نهاية بيانه الصحفي طالب مركز "شمس" المقرر الخاص للأمم المتحدة لشؤون الطفولة ومنظمة اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية والمؤسسات الدولية العاملة في مجال حقوق الإنسان، بضرورة الوقوف عند مسؤولياتها والضغط على حكومة الاحتلال وإجبارها على وقف جرائمها بحق الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة استناداً إلى المبادئ السامية لميثاق الأمم المتحدة والقيم الأخلاقية والإنسانية والقانونية الدولية.