أمد/
كتب حسن عصفور/ بعد ساعات من كشف عملية 7 أكتوبر 2023، سارع وزير الخارجية الأمريكية للسفر الى تل أبيب، ليتخلى عن كل ما هو "بروتكولي"، ويتجاهل هويته الوطنية ويقف متحدثا بهويته الدينية، بقوله "أتيت هنا لأقف مع إسرائيل بصفتي يهوديا"، ثم يذهب ليشارك في مجلس مصغر الذي قرر شن حرب عدوانية على قطاع غزة، لتسجل أحد كوارث العصور، بارتكاب عمليات "إبادة جماعية" وجرائم حرب، لا سابق لها، باعتراف الإعلام الغربي تقريبا جميعه، وبعض ممن يملكون "بقايا ضمير إنساني" في الغرب المستعمر.
بلينكن شخصيا، وقبل الرئيس الأمريكي، شارك في رسم المخطط العدواني لتدمير قطاع غزة، وشطبه من الجغرافيا، حضارة وأمكنة تاريخية لتصبح الذاكرة الغزية تنظر لما كان لها، فاقدة روح البقاء فوق تلك البقعة الفريدة في كل شي، ومقدمة لشطب "الكيان الوطني الموحد والمستقل".
بلينكن، صاحب الرصاصة الأولى في حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، يعود للمرة الخامسة الى المنطقة بعد مرور أكثر من 90 يوما، فترة ربما لم يكن حسابها دقيقا للخلاص من روح قطاع غزة، وتثبيت مشهد أمريكي يتوافق وثوابت الإدارة التاريخية من القضية الفلسطينية، لكن الجوهري في الجولة الخامسة، أنه قام بزيارة كل المناطق – الدول التي يعتقد أنها ستكون جزءا من رسم "المشهد الفلسطيني القادم".
جولة بلينكن الخامسة، جوهرها وضع قواعد ترتيبات اليوم التالي لحرب قطاع غزة، وفقا لمصلحة دولة الكيان الأمنية – السياسية باعتبارها القضية المركزية للرؤية الأمريكية، والثابت الذي تقاس عليه ثوابت أخرى، وستكون مقترحات وزير جيش دولة العدو الاحلالي غالانت القاعدة الرئيسية للخطة التي يعمل بلينكن على تثبيتها، مع الأطراف ذات العلاقة القادمة.
الموقف الأمريكي والذي يعمل بلينكن على ترسيخه، ينطلق في أي ترتيبات قادمة لما بعد الحرب على قطاع غزة، من ثوابت تتحرك بعضها وفقا لمصلحة دولة الفاشية اليهودية، وبعض "حلفاء أمريكا" العرب، ومنها:
* لا دولة فلسطينية مستقلة وفقا لقرار الأمم المتحدة 19/ 67 لعام 2012، وحدودها مرتبطة كليا بالرغبة الإسرائيلية دون فريق الضم التهويد العام.
* لا سيادة فلسطينية على الأمن الشامل والحدود جنوبا وشمالا، بما يشمل المعابر جميعها.
* وصاية متعددة الأشكال على الكيانية الفلسطينية (لا خلاف على تسميتها دولة)، في جانبي الأمن العام والحدود.
* لا ربط جغرافي في المرحلة الأولى بين الضفة الغربية وقطاع غزة (كما ورد في اتفاق إعلان المبادئ 1993)، وبالتالي الغاء الوحدة الجغرافية بينهما الى حين استكمال المشهد العام بعد سنوات.
* لا وضوح أمريكي حول مساحة الكيان المقترح، مع عمليات التهويد المتلاحقة.
* لا سيادة فلسطينية على القدس الشرقية، وتأجيل علاقة الكيان الفلسطيني بها الى مرحلة لاحقة.
* تكريس "تقاسم مكاني وزماني" لمنطقة البراق بما فيها المسجد الأقصى، ما يؤكد "التهويد الصامت".
* الكيان الفلسطيني المرتقب سيكون محدد البعد العسكري والتسليح.
* العمل على شطب مفهوم "اللاجئين"، بما يلغي موضوعيا بحث موضوع العودة، والتي كانت أحد قضايا الحل الدائم، وبما يمس مكانة وكالة الأونروا.
عناصر مركزية لن يكون هناك "حل أمريكي" للقادم السياسي يتعارض مع تلك "الثوابت"، تستبقها "مرحلة انتقالية خاصة" في قطاع غزة، تشمل:
– إقامة منطقة أمنية عازلة على طول السياج الشرقي لقطاع غزة، بما يشمل أراضي السلة الغذائية (ستصبح مكان عمال للغزيين).
– تشكيل قوات أمنية متعددة الجنسيات ضمن مهام محددة وفترة محددة.
– تكريس دور المنسق الأممي والأمريكي للمساعدات الإنسانية، وقد يتم تطويرها لتشرف على "إعادة الإعمار".
– منح لجنة "إعادة الإعمار" دورا مدنيا يفوق الوظيفة المعلنة، وقد يشتق منها لجان مدنية لإدارة الحكم الانتقالي المؤقت في قطاع غزة.
– لا سيادة فلسطينية في معبر رفح ومحور فيلادلفيا..وقد تتولى القوات المتعددة الجنسيات مسؤولية معبر رفح بوجود مدني فلسطيني وتنسيق كامل مع مصر، وكذلك تشرف على الأمن في المحور.
– فتح الباب "الاختياري" للتهجير العام، بضغط الحاجة الإنسانية للحياة.
أمريكا، بدأت عمليا ترتيبات اليوم التالي للحرب بالتنسيق مع دول عربية، في قطاع غزة وتحتاج فترة لاحقة لترتيب المشهد الفلسطيني العلم، كي تتمكن من "تأهيل السلطة الفلسطينية القادمة"، والتي قد تشمل وجود طرف بها مشتق من حركة حماس بمسمى جديد، خاصة وأن بعض قيادات الحركة الإسلاموية بدأ عملية "التأهيل المسبق"، بعدما أعلن الناطق باسم الأمن القومي الأمريكي كيربي، بأن حماس الفكرة باقية.
"الثوابت الأمريكية" حول القضية الفلسطينية، والتي وضعتها سابقا، وأكدتها فيما عرف بقواعد مؤتمر مدريد 1990، بدأت تشق طريقها نحو التنفيذ..الرد عليها الإعلان الفوري لدولة فلسطينية تحت الاحتلال، دون ذلك يكون مشاركة عملية في شطب الاستقلالية الوطنية الفلسطينية، الكيان والهوية.
ملاحظة: حتى ساعته لا زالت الرسمية العربية غير متفاعلة مع دعوى جنوب أفريقيا لمطاردة دولة الفاشية اليهودية في العدل الدولية..الأردن قال دون تحديد واضح..وغيرهم لا حس ولا خبر وكأنها قضية في بلاد الواق واق..معقول يكونوا خايفين من شي تاني..صبرك يا شعب الصبر كله.
تنويه خاص: تقديم التعازي للأهل في قطاع غزة باتت عادة يومية لانتماء هوية ومكان..لكن غالبا الكلمات لا تنطق بالحقيقة..فثمن الوطنية مكلف جدا وحق لا بد منه.. ولكنه ليس دائما عادل.