أمد/ واشنطن: يواجه سكان غزة خطر المجاعة بعدما باتوا مهددين بانعدام الأمن الغذائي الحاد بشكل أسوأ من مما كان عليه الوضع قبل الحرب.
وحذرت لجنة من الخبراء المنتسبين إلى الأمم المتحدة من أن سكان قطاع غزة معرضون لخطر المجاعة الوشيك، حيث يواجه أكثر من 90 في المئة من سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة “انعدام الأمن الغذائي الحاد” وربع السكان يعانون من “مستويات كارثية من الجوع”، بحسب صحيفة “نيويورك تايمز”.
وحتى قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، كان ما يقرب من 70 في المئة من سكان غزة يعتمدون على المساعدات الإنسانية للحصول على الغذاء، لأن القطاع يخضع لحصار إسرائيلي ومصري منذ عام 2007.
وفي الوقت الحالي، يسمح فقط بنسبة 20 إلى 30 في المئة مما يحتاجه الناس هناك بعبور الحدود إلى غزة، وفقا لبرنامج الأغذية العالمي. وقد أدى نقص الكهرباء والوقود واستحالة التنقل بأمان إلى تفاقم تحديات إنتاج الغذاء أو إيصاله إلى الناس.
وقالت لجنة الخبراء إن معظم الناس يقضون يوما أو أكثر دون تناول الطعام.
وكما هو الحال في الغالبية العظمى من الأزمات الغذائية الأخرى التي قيّمتها اللجنة، وهي لجنة مراجعة المجاعة، خلال 20 عاما منذ إنشائها، فإن الوضع في غزة ليس ناجما عن ظروف بيئية بل من صنع الإنسان. لكن الوضع في غزة غير عادي بالنسبة للسرعة التي تحول الوضع فيها إلى سوء التغذية.
وفي مثل هذه الحالات، يقول خبراء التغذية والأطباء إنه عادة ما يستسلم الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات والأشخاص الذين يعانون من حالات طبية وكبار السن أولا لسوء التغذية الحاد.
وتشعر اليونيسف، وهي منظمة إغاثة إنسانية تركز على الأطفال، بالقلق بشكل خاص بشأن الرضع، كما قالت أنورادها نارايان، كبيرة مستشاري الوكالة بشأن تغذية الأطفال في حالات الطوارئ.
وقبل الحرب، كان حوالي 60 في المئة من الرضع في غزة يتغذون على الحليب الصناعي. ولا تستطيع أسرهم الآن الحصول إلا على قدر ضئيل أو معدوم من الإمدادات الغذائية لهم.
بالنسبة للعائلات التي وجدت حليبا صناعيا، يتمثل التحدي في الحصول على مياه نظيفة لإعداده. ويقدر أن 1.6 لتر من مياه الشرب (مقابل 15 لترا كحد أدنى في اليوم التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية) متوفرة للشخص الواحد في غزة الآن.
وقالت نارايان إن المفوضية تقدر أن ما بين 7,000 و8,000 طفل يعانون من سوء التغذية الحاد لدرجة أنهم معرضون لخطر الموت دون علاج فوري، ولكن الصراع الدائر في غزة يجعل من الصعب على وكالات الإغاثة تقييم الوضع.
وبعد هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل في 7 أكتوبر، ردت إسرائيل بهجمات جوية وبرية وإغلاق القطاع، مما ترك 2.2 مليون شخص يعيشون هناك محرومين مما يكفي من الغذاء والماء والإمدادات.
وقد خلصت الأمم المتحدة إلى أنه بدون تدخل كبير، يمكن أن تصل غزة إلى مستوى المجاعة في وقت مبكر من فبراير، وفق الصحيفة.
وتدخل كميات محدودة من الأغذية وغيرها من المساعدات إلى غزة من إسرائيل ومصر عند النقاط الحدودية مع عمليات تفتيش صارمة.
والقصف المستمر والقتال البري يجعلان توزيع تلك المساعدات أمرا بالغ الصعوبة.
يقول علماء المجاعة في تقرير نيويورك تايمز إنه مرت أجيال منذ أن شهد العالم هذه الدرجة من الحرمان من الغذاء في الحرب.
وقال أليكس دي وال، الخبير في الأزمات الإنسانية والقانون الدولي في جامعة تافتس الذي كتب “المجاعة الجماعية: تاريخ ومستقبل المجاعة” للصحيفة إن “صرامة وحجم وسرعة تدمير الهياكل اللازمة للبقاء على قيد الحياة، والحصار، تفوق أي حالة أخرى من المجاعة من صنع الإنسان في السنوات الـ 75 الماضية”.
والوضع في غزة هو الأحدث في سلسلة من الأزمات الأخيرة التي أدت إلى عكس مسار التقدم المحرز ضد المجاعة.
ويقول الخبراء إن غزة فريدة من نوعها، لأن الناس الذين يعيشون هناك محاصرون في القطاع دون إمكانية البحث عن الطعام في مكان آخر.
ونفت إسرائيل بشدة المزاعم بأنها مسؤولة عن نقص الغذاء في غزة.
وقال الكولونيل إلعاد غورين، رئيس الوكالة الإسرائيلية التي تشرف على السياسة للأراضي الفلسطينية، والمعروفة باسم وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، في مؤتمر صحفي عقد مؤخرا: “هناك كمية كافية من الغذاء في غزة”.
ويوم الخميس، أسفت الأمم المتحدة للعقبات التي تضعها السلطات الإسرائيلية أمام إيصال المساعدات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة، مشيرة إلى أن كل تأخير يُكلّف أرواحا.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: “أخبرَنا زملاؤنا في المجال الإنساني أن في الفترة ما بين 1 و10 يناير، لم يكن ممكنا إيصال سوى ثلاث شحنات فقط من أصل 21 شحنة من المساعدات الإنسانية من غذاء ودواء ومياه وغيرها من السلع الحيوية إلى شمال وادي غزة”.
وتشمل الشحنات “بعثات عدة لإدخال معدات طبية إلى مدينة غزة ووقود إلى مرافق للمياه والصرف الصحي في مدينة غزة والشمال. وقد رفضتها السلطات الإسرائيلية”، حسبما أكد دوجاريك.
وأسف دوجاريك لأن “قدرة الأمم المتحدة على الاستجابة للاحتياجات الكبيرة في القسم الشمالي لغزة يعوقها الرفض المتكرر لدخول المساعدات، ونقص تنسيق السلطات الإسرائيلية من أجل وصول آمن”.
وأضاف أن “حالات الرفض هذه والقيود على دخول (المساعدات) تشل قدرة الجهات الفاعلة الإنسانية على الاستجابة بشكل هادف وثابت وعلى النطاق اللازم”، مشيراً إلى “تدهور كبير” في معدل الموافقات على طلبات دخول المساعدات مقارنة بديسمبر.
وشدّد المتحدث على أن “كل يوم لا نستطيع فيه تقديم المساعدات يؤدي إلى خسارة أرواح وإلى معاناة آلاف من الأشخاص ما زالوا في شمال غزة”.
وتواجه إسرائيل ضغوطا دولية متزايدة لزيادة المساعدات الداخلة إلى قطاع غزة من أجل تجنب أزمة إنسانية.
وتشدد إسرائيل على هدفها بالقضاء على حركة حماس التي شنت في السابع من أكتوبر الماضي هجوما مباغتا على البلدات الإسرائيلية الجنوبية، وردت إسرائيل على الهجوم بقصف قطاع غزة والتوغل بريا.