أمد/ كتب حسن عصفور/ ما قبل 7 أكتوبر 2023، يوم قيام دولة الفاشية اليهودية حربها العدوانية الشاملة على قطاع غزة، كانت قوات الحوثيين تنشط ضد بعض السفن في منطقة البحر الأحمر، وبالقرب من باب المندب، وخطفت بعضها والاستيلاء على ما بها بضائع، تحت مسميات مختلفة، ولكنه من حيث المبدأ تلك النشاطات لم تكن مرتبطة أبدا بالقضية الفلسطينية، ولا بالحرب الشاملة على قطاع غزة.
عمليات السطو المسلح على سفن تجارية بمسميات مختلفة، كانت عمليات للفرق الحوثية، لم تكن ردا على جرائم حرب دولة العدو، بل هي جزء من “مناورات” خاصة بين إيران والولايات المتحدة، ضمن “حسابات مركبة”، وتلك هي المسألة التي يجب أن يتم رؤيتها بعيدا عن “الشعارات الاستخدامية”، التي تحاول بعض الأطراف تمريرها بعدما تسارعت نسبيا بعد 7 أكتوبر 2023، وكأنها نصر لفلسطين ووحدة مع قطاع غزة ضد الحرب عليه.
دون العودة لمسلسل العمليات العسكرية الحوثية التي مثلت مظهرا من مظاهر السطو، من المهم جدا رؤية الهدف النهائي لتلك العمليات، ومن هي الأطراف ذات المصلحة الحقيقية في تلك “النشاطات”، والفائدة الجانبية، مع المتضررين منها، كي لا تصبح العمليات وكأنها جزء من “حرب شاملة” ضد دولة العدو الفاشي، لا وجود لها واقعيا.
ما قبل حرب دولة الكيان عدوانها الشامل على قطاع غزة، شكلت “العمليات الحوثية” ضررا مباشرا لمصر واقتصادها، نظرا لتعطيل الملاحة والعبور الى قناة السويس، بتحويل المسار نحو ممر رأس الرجاء الصالح، رغم زيادة التكلفة المالية، لكنه الخيار “الآمن” في ظل حركة “الزعرنة المسلحة” التي تنفذ، ما زاد خسائره أضعافا بعد حرب أكتوبر 2023، وتبين بشكل عملي أن الخاسر الأكبر هو مصر وليس دولة الاحتلال.
استخدمت الولايات المتحدة بشكل مباشر، عمليات الخطف والاستيلاء التي قامت بها العناصر الحوثية، كأفضل استخدام عسكري – أمني، ليس لعودة قواتها البحرية التي تركت المنطقة فحسب، بل كانت بوابة واسعة لتشكيل أول “تحالف عسكري بحري” باسم “تحالف الازدهار” يضم 12 دولة بينها البحرين، ليكون عنوان واضح لعودة الاستعمار بشكله البحري، وما يحمل من رسائل لا تتعلق بالنشاط الحوثي، بل نحو المنطقة بكاملها، وتحديدا بعض دول الخليج التي تتحرك في مساحات لا تتوافق والمصالح الاستراتيجية العليا للولايات المتحدة، اقتصاديا وسياسيا.
تشكيل “التحالف الاستعماري البحري” الجديد، هو الفائدة السياسية الأهم، للولايات المتحدة، والتي حرصت مبكرا للتأكيد، بانه لا يستهدف إيران، في تفسير يستحق التفكير، خاصة مع معرفة العلاقة العضوية بين النشاط الحوثي في البحر الأحمر، والاهداف الإيرانية، بل وتشارك عمليات الخطف والاستيلاء أحيانا.
الحرص الأمريكي، بأن الضربات التي حدثت على صنعاء لم تكن تغييرا في “قواعد السلوك” مع إيران، ولا تستهدف بلاد فارس، كان لافتا، بل أن واشنطن ولندن حرص كل منهما، وضع مسافة “وهمية” بين السلوك الحوثي والسلوك الإيراني في البحر الأحمر، ليس جهلا بالحقيقة السياسية بل تأكيدا لها نحو أطراف غير معلنة، بأن الهدف الرئيسي هو فرض “الهيمنة العسكرية” في منطقة البحر الأحمر، والتحكم اللاحق بحركة الملاحة في باب المندب، ضمن حسابات التغييرات الاستراتيجية، التي بدأت تتشكل ما بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والنهوض الصيني المتسارع عالميا، من الباب الاقتصادي – الاستثماري وملمح عسكري جديد، و ما حدث في 12 و13 يناير 2024، رسائل عسكرية من “التحالف الاستعماري الجديد”، مؤشر بأن المنطقة تدخل مرحلة مواجهة متجددة، بعناوين متعددة.
العاطفة السياسية لم تكن يوما أداة نصر سياسي بل غالبا ما شكلت خطرا سياسيا..تلك المسألة التي تغيب كثيرا في ظل الصراع المركب.
ملاحظة: بعيدا عن “الشك الفطري” باختيار تحالف المستعمرين ضرباتهم للحوثيين بالتزامن مع محاكمة القرن لدولة الفاشيين المعاصرين..فالصورة في لاهاي كانت أكثر إشراقا مما تخيل غالبية أهل المعمورة..يوم مش للتاريخ هو يوم التاريخ نفسه..رصيده يمكن يتأخر لكنه بالتأكيد جاي جاي..بروح “ثنائية عرفات – مانديلا”.
تنويه خاص: جون كوزاك..فنان أمريكي عام 2021 اعتبر محاولات التهجير القسري من حي الشيخ جرّاح “جريمة حرب”..مجددا طل من حواف قطاع غزة رأس رمح فني لإدانة جرائم حرب ذات الكيان..شهادات هيك ناس وزنها ذهب سياسي…مش غلط ثقافة فلسطين تهتم شوية بمن اختار الحقيقة رغم كل حملات التشويه والترهيب..الحركة بركة وطنية لو فيكم شوية منها!