أمد/
تل أبيب: اعتبرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن ثمن تحرير المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة يعني اعتراف حكومة الاحتلال وجيشه بالفشل، في إشارة إلى فشل حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة في تحقيق أهدافها.
وقال المحلل العسكري في الصحيفة عاموس هارئيل، يوم الاثنين، إنه من أجل التوصل إلى صفقة جديدة، ستطلب حركة حماس وقفاً دائماً لإطلاق النار والتزاماً إسرائيلياً بعدم المس بقيادتها، وهذا يعني انتهاء الحرب من دون أن تحقق أهدافها المعلنة من قبل إسرائيل، وهي تفكيك حركة حماس وقدراتها.
وأضاف الكاتب أنه بخلاف ما يمكن أن يفهم من بعض التقارير الإعلامية، فإنه لا يوجد بعد على الطاولة أي عرض تسوية بشأن صفقة جديدة لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين لدى حركة حماس في قطاع غزة، وإنما هناك أفكار يطرحها الوسطاء من قطر ومصر بدعم أميركي.
ويعتقد الكاتب أن "طلبات حماس في الجولة الحالية تبدو مرتفعة جداً"، وأن الحديث لا يدور فقط عن صفقة "الجميع مقابل الجميع"، أي إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين مقابل الأسرى الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية، وكذلك مقاتلي النخبة الذين ساهموا في عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وإنما ستطلب حماس برأيه "أمرين إضافيين متعلقين بعضهما ببعض، وهما وقف دائم لإطلاق النار والتزام بعدم المس بقيادتها".
كما يرى الكاتب أن الموافقة الإسرائيلية على صفقة كهذه "ستعني نهاية الحرب بشكلها الحالي، وأكثر من ذلك، سيعني ذلك اعتراف الحكومة والجيش أنهما فشلا مرتين، مرة في بدء الحرب ومرة في تحقيق الأهداف الطموحة التي رسماها لنفسيهما في أعقابها: هزيمة حماس وتفكيك قدراتها".
وتابعت الصحيفة بأنه "يوجد في القيادة الأمنية والسياسية من يدّعون أنه لا مفر من ذلك (أي من الموافقة)، لأن هذه الأهداف تتصادم مع الهدف الآخر وهو إطلاق سراح المختطفين، في حين أن الهدف الثاني هو الوحيد الذي يمكن بالفعل تحقيقه حاليا".
وبرأي المسؤولين نفسهم، فإن "فشل الدولة الفظيع في 7 أكتوبر"، الذي عرّض عائلات في منطقة غلاف غزة ومشاركين في الحفل الذي نُظم في المنطقة للقتل والأسر، "يُلزمها بإصلاح هذا الوضع حتى لو كان الثمن الاعتراف بالفشل، والذي سيعني فعلياً الموافقة على انتصار حركة حماس في الحرب. وبالنسبة لحماس، الهدف لم يعد التوصل إلى وقف إطلاق نار مؤقت، وإنما تطمح إلى مسار يؤدي في نهايته إلى وقف إطلاق نار يضمن بقاء الحركة في السلطة ويحمي قيادتها من الاستهداف".
تنازل غير مسبوق
وبحسب ما ورد في الصحيفة، فإن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو "سيجد صعوبة كبيرة جداً في قبول صفقة من هذا النوع، أولاً لأنه إلى جانب الاعتراف بفشل الحرب، سيكون هناك تنازل غير مسبوق في حجم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وثانياً لأن خطوة من هذا النوع ستفضي إلى احتمال كبير بانهيار الائتلاف الحاكم الذي يتزعمه وانسحاب شركائه المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وكتلتيهما البرلمانيتين".
وتابع الكاتب أن "نتنياهو يتهرب حالياً ويماطل. فهو من جهة ينشر كل يومين وعوداً فارغة حول الحرب حتى النصر. ومن ناحية أخرى، ينقل لحماس إجابات غامضة عبر الوسطاء، ما يجعل من الممكن الحفاظ على وضع يُظهر وكأن هناك مفاوضات، من دون تقدم حقيقي نحو التوصل إلى صفقة".
خلافات بشأن قضية المحتجزين في غزة
وأشار الكاتب إلى أن الأيام الأخيرة تشهد تحركات جديدة في الحملة الشعبية المؤيدة لإطلاق سراح المحتجزين، في إسرائيل والخارج، "وربما كان ذلك نابعاً في الأساس من الإدراك بأن قضية المختطفين لا تحتمل إضاعة الوقت"، لافتاً إلى أن هناك تغييراً في استطلاعات الرأي، في الأسبوع الأخير، يشير إلى أفضلية بسيطة لمؤيدي الصفقة حتى لو كان الثمن "الجميع مقابل الجميع"، بعد إدراك الإسرائيليين أن المحتجزين في غزة يعانون ظروفاً صعبة، لكنه شكك في أن هذا يمكن أن يغيّر موقف نتنياهو.
ولفت المحلل العسكري في "هآرتس" إلى وجود خلافات بشأن قضية المحتجزين بين نتنياهو وشريكيه المؤقتين في الحكومة ومجلس الحرب بني غانتس وغادي آيزنكوت، اللذين يدفعان باتجاه صفقة ومنح الأولية لإطلاق سراح المحتجزين.
وكتب في هذا السياق أنه "في الأسابيع القريبة، قد يتعيّن على غانتس وآيزنكوت أن يقررا ما إذا كانا سينسحبان مع حزب (المعسكر الرسمي) من الائتلاف، على الرغم من الخطر الواضح المتمثل في أن خطوة كهذه ستزيد من تأثير معسكر اليمين المتطرف على عملية صنع القرار في الحكومة. هذه مخاطرة معروفة، لكن سيتعين على غانتس وآيزنكوت أن يسألا نفسيهما عما إذا كانت استراتيجية البقاء إلى جانب نتنياهو لم تستنفد نفسها، وما إذا كانت تطيل بقاءه رغم عدم تحقيقه أهداف الحرب".