أمد/
موسكو: وصلت وزيرة الخارجية الكورية الشمالية، تشوي سونغ هوي، يوم الثلاثاء إلى موسكو؛ في زيارة رسمية تأتي في ظل مخاوف غربية من تنامي العلاقات العسكرية والسياسية بين روسيا وكوريا الشمالية.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قبيل محادثات مع نظيرته الكورية الشمالية، إن موسكو وبيونغيانغ، ستقومان بتلخيص النتائج الأولية لتنفيذ اتفاقيات اجتماع القمة بين الرئيس فلاديمير بوتين والزعيم كيم جونغ أون.
وأضاف لافروف: "التوقيت الذي اخترناه لاجتماعنا هو الأفضل لتقييم النتائج الأولية للعمل الفعال الذي تم الشروع به، وتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها، خلال اجتماع قمة أيلول/سبتمبر، بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس كيم جونغ أون، في قاعدة 'فوستوتشني' الفضائية".
ولفت إلى "أن سياسة الولايات المتحدة وتابعيها الإقليميين المتمثلة في خلق تهديدات أمنية لكوريا الشمالية لا تساهم في حل المشاكل في المنطقة"، مؤكدا أن موسكو ستواصل الدعوة إلى تجنب أي خطوات تؤدي إلى تصعيد التوتر.
وشدد وزير الخارجية الروسي على موقف موسكو إزاء التوتر في شبه الجزيرة الكورية "الداعم للتوصل إلى تسوية شاملة وعادلة للمشاكل القائمة" من خلال "عملية تفاوض دون أي شروط مسبقة من أجل تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في جميع أنحاء شمال شرق آسيا".
من جانبها، وعدت وزيرة الخارجية الكورية الشمالية تشوي سونغ هوي "ببذل قصارى جهدنا لضمان أن تكون علاقاتنا جيدة وتطويرها في المستقبل"، منوهة إلى "ضرورة تكثيف الزيارات المتبادلة على مختلف المستويات".
ويعتبر هذا الاجتماع الثالث بين وزيري خارجية كوريا الشمالية وروسيا خلال الأشهر القليلة الماضية، ففي سبتمبر/أيلول الماضي، رافقت الوزيرة تشوي الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في جولته في الشرق الأقصى الروسي. وبعد ذلك التقت بنظيرها لافروف في بيونغيانغ، في تشرين الأول/أكتوبر لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين.
زيارة وسط مخاوف غربية
تم الإعلان عن زيارة تشوي سونغ إلى روسيا فقط عشية رحلتها، في خبر مقتضب نشرته وكالة الأنباء المركزية الكورية التي أشارت إلى أن الزيارة ستتم بناءً على دعوة من لافروف. وفي اليوم نفسه، أصدرت وزارة الخارجية الروسية بيانا مماثلا، دون ذكر أي تفاصيل سوى لقائها مع نظيرها الروسي.
وسلطت وسائل الإعلام الغربية الضوء على الزيارة التي تأتي بعد اختبار "ناجح" لصاروخ باليستي متوسط المدى يعمل بالوقود الصلب برأس حربي موجه تفوق سرعته سرعة الصوت، في كوريا الشمالية.
وحلق الصاروخ الجديد لمسافة 1000 كيلومتر تقريبًا على ارتفاع 50 كيلومترًا تقريبا وسقط في بحر اليابان.
وتزايد الاهتمام الغربي بالزيارة، على وقع الأنباء التي تتحدث عن نية روسيا شراء أسلحة كورية شمالية شبيهة بالصاروخ الذي تم اختباره.
وقال البيت الأبيض في وقت سابق إن كوريا الشمالية زودت روسيا بصواريخ باليستية، تم استخدامها خلال الهجمات على منشآت المجمع الصناعي العسكري الأوكراني في 30 ديسمبر/كانون الأول 2023، و2 و6 يناير/كانون الثاني 2024، وفرضت واشنطن حينها عقوبات على ثلاث منظمات روسية، لكن روسيا نفت الاتهام الأمريكي الذي "يهدف لصرف الانتباه عن المشاكل الحقيقية التي يعاني منها الغرب"، بحسب بيان رسمي.
ولم ينته الأمر عند الصواريخ والأسلحة، ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نجحت كوريا الشمالية في وضع قمر صناعي للمراقبة العسكرية، وأشارت إلى أن قمرها سيرصد مواقع عسكرية أمريكية وكورية جنوبية.
ونقلت وسائل إعلام في سيول عن الاستخبارات الكورية الجنوبية، أن جارتها الشمالية تلقت مساعدة تكنولوجية ضخمة من العلماء الروس؛ لتمكينها من وضع القمر الصناعي "ماليغيونغ 1" في مداره.
كوريا الشمالية تنتظر بوتين
ويرى خبراء روس أن الهدف الأساسي من الزيارة هو استكمال لمسيرة تطوير العلاقات بين البلدين سواء كانت هذه العلاقات مرتبطة بالاقتصاد أو بالأمور العسكرية، معتبرين أن القلق الغربي طبيعي، وهو يظهر في أي ارتباط تسعى إليه روسيا مع أي دولة في العالم، على حد تعبيرهم.
وقال الخبير في الشؤون الآسيوية، الكسي غوميروف، لـ"إرم نيوز"، إن "الزيارة تهدف للتحضير لوصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية، بعد أن قبل دعوة نظيره كيم جونغ أون".
ويرى غوميروف أن الغرب "من الطبيعي أن يشعروا بالقلق، هذه حالة دائمة يعيشها الغرب اليوم مع كل خطوة تقوم بها موسكو لتوسيع علاقاتها شرقا سواء بالاقتصاد أو السياسة أو الدفاع، ويربطون كل شيء بالحرب .. هذه عقدة لا يمكن التخلص منها بسهولة".
وحول العلاقات الثنائية بين بيونغيانغ وموسكو يوضح الخبير في الشؤون الاقتصادية، فيتالي كروشينين في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "الزيارة تهدف لتنفيذ الاتفاقيات الثنائية"، مشيرا إلى أن "آخر مرة زار فيها وزير خارجية كوري شمالي روسيا كانت قبل ست سنوات".
كما تأتي الزيارة، بحسب كروشينين لـ"إنجاز مجموعة من القضايا العالقة على الصعيد الدبلوماسي بعد انتهاء فترة عمل الدبلوماسيين الروس في بيونغيانغ، بالإضافة إلى ذلك، وجود فرصة لتوسيع التبادل التجاري، وبالتالي ضمان الاستخدام الأوسع للروبل".
وقال الخبير الاقتصادي إن "التجارة بدأت للتو في التعافي بين البلدين، ففي عام 2023، تم إجراء مفاوضات بشأن توريد السلع الزراعية الروسية إلى كوريا، بالإضافة إلى ذلك، كان هناك حديث عن استكشاف مشترك لباطن الأرض في كوريا حيث إن قاعدة الموارد المعدنية في هذا البلد غنية بأنواع مختلفة من المواد الخام".
وأضاف أنه "في عام 2021، وبسبب قيود كوفيد أيضًا، توقفت التجارة الخارجية فعليًا في كوريا الشمالية، وانخفض حجم التبادل التجاري إلى 45 ألف دولار فقط، وفي عام 2022، لم تكن هناك تجارة نهائيا، ولم يتم نشر بيانات عام 2023 أيضا، لكن بالرجوع إلى عام 2020، وفقًا لدائرة الجمارك الفيدرالية الروسية، بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا وكوريا الشمالية 42.74 مليون دولار، ومن المتوقع أن يزيد هذا الرقم بشكل كبير في العام 2024".