أمد/ كتب حسن عصفور/ تصر بعض الأطراف الرسمية العربية، ومعها الفلسطينية، منذ إعلان دولة الفاشية اليهودية حربها التدميرية على قطاع غزة، وضع مسافة فاصلة بين موقف الإدارة الأمريكية وحكومة التحالف العدواني في تل أبيب، رغم أنها من أعلن الحرب في ساعته الأولى، وكانت جزءا ولا تزال من مجلس العدوان الحربي.
بعد مرور أكثر من 100 يوم، رفض مجلس الشيوخ الأمريكي اقتراحا عرضته مجموعة من “يسار الحزب الديمقراطي” بقيادة اليهودي بيرني ساندرز، مطالبين وزارة الخارجية العمل على إعداد تقرير في غضون 30 يوماً، للتحقق مما إذا كانت إسرائيل قد ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان في حربها على قطاع غزة، كي لا يوجه “رسالة خاطئة الى إسرائيل”، فيما قال البيت الأبيض، إنه يعارض القرار الذي كان من الممكن أن يمهد الطريق نحو فرض شروط على المساعدات الأمنية لإسرائيل.
رفض مشروع القرار ومسببات الرفض من مجلس الشيوخ والبيت الأبيض، هي الرسالة السياسية الأهم التي تلخص بوضوح نادر حقيقة الموقف الأمريكي، بأنها هي صاحبة قرار استمرار الحرب من عدمه، وأنها شريك مباشر في حرب الإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني وأهل قطاع غزة، وهي ليست داعم فقط لدولة الكيان، بل هي صاحبة القرار العسكري في دولة الكيان.
من حق “الرسميات العربية” شمالها وجنوبها، شرقها وغربها، أن تكون مرتبطة بعلاقات خاصة وحماية خاصة مع أمريكا، بأي ثمن ترتضيه، فذلك خيارها، ولكن ليس من حقها أبدا ان تستخدم تضحيات الشعب الفلسطيني ممرا استخداميا لتمرير مصالحها عبر “تبيض” صفحة القائد الحقيقي لجرائم حرب الإبادة، وأن تعيد تسويقه الى شعوب المنطقة وكأنه “طرف محايد” و”وسيط مقبول”، فيما هو يسمسر علانية لتدمير حلم الوطنية الفلسطينية.
ما كان في جولة مندوب “دولة الإبادة” و”جرائم الحرب” بلينكن الخامسة في المنطقة، عملية تزوير سياسية تساهم في استمرار الحرب العدوانية، وتوسيعها نحو أشكال جديدة من التصفية الشمولية، بمسميات مختلفة، وقرار الشيوخ الأمريكي تأكيد المؤكد العام، والعمل على خلق ظروف سياسية تتوافق ونتائج الحرب العسكرية.
أن تهرب “الرسميات العربية” من حقيقة الموقف الأمريكي بكونها شريك مباشر في الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني فذلك خيارها وقرارها، فلعنة التاريخ ستلاحقها مع حساب شعوبها، لكن ما لا يجب أن يستمر أبدا موقف الرسمية الفلسطينية في اعتبار واشنطن “طرفا وسيطا” ويستقبل ممثليها بـ “حرارة خاصة”، بعدما رفض “الشيوخ الأمريكي” و “البيت الأبيض” تقرير يوضح الدعم العسكري المقدم، لم يطالب بوقفه بل معرفته، ومدى توافقه مع “الدستور الأمريكي” حول حقوق الإنسان وقتل المدنيين في فلسطين.
لا يمكن للفلسطيني الوطني أن يقرأ مواقف اليهودي اليساري عضو الشيوخ الأمريكي ساندرز، وهو يرفض قرارات دولته، ويعتبر ما يحدث دعما لقتل الفلسطينيين، فيما تحتض الرسمية الفلسطينية المفترض أنها “ممثل شرعي وحيد لا شريك له”، ممثلي حرب الإبادة الجماعية وممثلها المتحرك بلينكن، وما الفرق بينه وبن غفير وسموتريتش وغالانت ونتنياهو وهاليفي وغانتس (معذرة للرئيس عباس المس بصديقه الشخصي)، فكلهم أعضاء مجلس الحرب الشاملة والتصفية الوجودية – الكيانية للشعب الفلسطيني.
ألم يدرك راس “الرسمية الفلسطينية” أنه اصبح خارج دائرة الاهتمام كونه لم يعد المرغوب به، رغم كل الخدمات طوال 19 عاما، وما طالبه بلينكن في أخر زيارته كان رسالة بأن زمنه السياسي انتهى، وعليه حزم حقائبه للمغادرة، بعيدا عن تذكيره بما كان بعد يونيو 2002 وبداية 2003، يوم أن كان “المطلوب الأول “..رسالة كانت كافية ليقف ويعلن التحدي العام أو التناول العام بأنه ليس رجل المواجهة مع المشروعين الأمريكي – الإسرائيلي، ما يتوجب قيام المجلس المركزي باختيار من هو قادر على ذلك.
بعد قرار الشيوخ الأمريكي، برفض طلب تقرير خلال 30 يوم من الخارجية حول استخدام المساعدات، أصبح كل حديث عن دور أمريكا وسيطا في الحرب، هو مشاركة فعلية فيها أي كان مسمى الطرف العربي، وكذا الفلسطيني..فكل زيارة تستقبل فيها أدوات أمريكية هي جزء من توسيع دائرة حرب الإبادة الشاملة ليس على الشعب فحسب بل وعلى الكيانية الفلسطينية.
كان الاعتقاد، بعد تهديدات بلينكن للرئيس عباس أن تحدث “هزة شاملة” في أركان الرسمية الفلسطيني لتفيق من سباتها السياسي، وتدرك أن الحرب ليست على حماس وبالقطع ليست على قطاع غزة، بل هي على الوطنية الفلسطينية لإنتاج أدوات خدمة مشروع التهويد لا أكثر.
الحرب على قطاع غزة هي حرب على المستقبل الوطني، الذي كان يجب أن يكون دولة..تهربت الرسمية الفلسطينية من إعلانها كحق ترضية لأمريكا الى أن باتت تراها “عبئ” وجب ازاحتها..درس من التاريخ وللتاريخ أيضا.
ملاحظة: في يوم 15 يناير توافق ذكرى ميلاد المناضل الأمريكي مارتن لوثر كينج..المفارقة ما قاله الرئيس اللي ناسي اسمه ووزيره اليهودي الصهيوني عن تمسكهم بما قاله حول الانسان وحقوقه..كلام بتقرأه كأنهم بيقولوا ان الفلسطينيين مش شعب والحقوق مش لهم..هاي هي أمركا يا عرب!
تنويه خاص: غريب أمر الرسمية الفلسطينية كيف ركبها بترجف لو قربت على الامريكان..طلعت بيان بعد نشر فضيحة رئيسها مع بلينكن ما قدرت تحكي اسمه..قالت كلام أي كلام عشان تقول أي كلام..بتصدقوا كلام هالصهيوني عنكم مش غلط طلع ..انتم خزي وطني.