أمد/ كتب حسن عصفور/ بعد قطيعة طالت بينهما وصلت الى 30 يوما تقريبا، عاد الرئيس الأمريكي جو بايدن متصلا برئيس حكومة دولة الفاشية اليهودية نتنياهو، اتصال أوضح “خنوعا مظهريا” من قبل رئيس البيت الأبيض للمتغطرس في تل أبيب، خاصة بعدما أعلن بدون أي ارتعاش بأنه سيقول “لا” قاطعة لـ “الأصدقاء” في أمريكا لو تطلب الأمر ذلك.
اتصال بايدن بعد تلك التصريحات، ربما كان مفاجئا للبعض الرسمي العربي، الذين راهنوا سريعا بأن “تصريحات نتنياهو” ستدفع الإدارة الأمريكية وضع قواعد عمل جديدة في التعامل مع رأس التحالف الفاشي وبالتالي دولة الكيان الاحتلالي، زاد توقعها قيام وسائل إعلام عبرية بفتح مساحة هجوم غير مسبوق في زمن الحرب ضد “الحاكم” و “قصره السياسي”.
مبدئيا، لا يمكن اغفال أن سلوك نتنياهو العلني، والتحدي اللغوي للبيت الأبيض ورئيسه، يمثل “إهانة علنية وإحراجا سياسيا” لهيبة واشنطن في المنطقة، وهي بلا أدنى شك تعمل ومبكرا جدا على اليوم التالي لرحيل نتنياهو، وفتحت باب الحراك الضروري لذلك، وربما يتم قبل وقف الحرب العدوانية (ليس نهايتها فهناك فرق كبير بين وقفها ونهايتها)، ولكن الحسابات الاستراتيجية للمصالح الأمريكية من تلك الحرب تتطلب “مرونة” في التعامل والعلاقة مع شخصية باتت تدرك أن “زمنها السياسي” ليس طويلا.
أمريكا، وهي المستفيد الأساسي مع دولة الكيان من “حرب غزة”، وربما من خطط لها قبل زمن ومن اختار توقيتها، كونها فتحت لها الباب لترتيبات جديدة، وخاصة في البحر الأحمر بإقامة أوسع تحالف عسكري في المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ما يعرف بـ “تحالف الازدهار”، كقواعد مستحدثة للوجود الاستعماري القديم، وإعادة الحراك السياسي وفقا لهواها، ومنع أي مشاركة عربية رسمية وكذلك فلسطينية في حرب قطاع غزة، رغم حجم جرائم الحرب والتدمير البشري والسكاني (جينوسايد – دوم سايد).
لذا، لم يكن مفاجئا أبدا، أن يتصل بايدن بنتنياهو، وكأنه من يحتاج له وليس العكس، وقدم تنازلا سياسيا جوهريا علنيا، لم يكن سابقا ضمن “الأجندة الأمريكية” بإعادة تعريف “حل الدولتين” وفقا للرؤية النتنياهوية وليس الإسرائيلية عامة، عندما أعلن من طرفه بأنه “نتنياهو ليس رافضا لحل الدولتين، وخاصة هناك أنماط مختلفة ونماذج متعددة لدول أعضاء في الأمم المتحدة غير مسلحة”.
بالتأكيد، هذا ليس الشرط الوحيد في دولة الكيان ورئيس حكومتها حول “حل الدولتين”، لكن بايدن اختار ما يراه الأكثر حساسية في المرحلة الراهنة، فيما يتعلق بـ “أمن دولة الكيان”، بالحديث عن “دولة فلسطينية منزوعة السلاح”، كرسالة طمأنة كاملة حول تلبية شرطا من “شروط نتنياهو وحكومته” بمنع وجود أي “تهديد” مستقبلي، ليس من قطاع غزة بل ومن مناطقها بالضفة الغربية أيضا.
إعلان بايدن “شرطية منع سلاح أي دولة فلسطينية” (والتي سيضاف لها لاحقا مواصفات ترضية أخرى ناقصة السيادة، غير متصلة لزمن، لا سيطرة على الحدود والأمن الشامل ليس لها)، رسالة سياسية من أمريكا لـ “تهدئة النقاش الداخلي المتصاعد في دولة الكيان، ومنعه من الانفجار المبكر قبل الانتهاء من “ترتيبات ما بعد حرب غزة”، ولذلك جاءت مكالمة الترضية لمحاصرة خطر غير محسوب”.
إعلان بايدن بتغيير جوهري في مفهوم “الدولة الفلسطينية”، يمثل استجابة عملية لرغبة نتنياهو، كي تكون بمقاس حذائه السياسي، وخالية من أي قدرة على إزعاج دولة الكيان لأمد طويل.
رسالة أمريكا التي أعلنها بايدن هي الموقف الحقيقي الذي تبحث عنه واشنطن، بدون مكياج سياسي لترتيبات ما سيكون لاحقا، وكل حديث عن “دولة فلسطينية” دون ذلك وهم ووهم كبير.
هل تدرك الرسمية الفلسطينية تلك الحقيقة السياسية الأمريكية الناطقة بأن لا دولة وطنية أبدا..أم تصر أن تتجاهلها لحسابات “غير سياسية”..تلك هي المسألة!
ملاحظة: أعلن الاتحاد الأوروبي موقفه بـ “تفكيك حماس” شرطا مسبقا..دون توضيح شو يعني التفكيك والتركيب وتركوها لفهم دولة اليهود وقدرتها…لكن الأغرب انهم طالبين لقاء يوم الاثنين بمشاركة فلسطينية وعربية…لو شاركت فلسطين ضمن هيك موقف شو حيكون موقفها..يا خوف ما تأيدهم وهات ركبها يا ركيب بعدين!
تنويه خاص: لما جيش العدو وفرقه الإرهابية تغتال فلسطيني معاه جنسية أمريكية، واشنطن بتصدر بيان أنها “زعلانة وقلبها بيفطر دم”..بس ولا كلمة إدانة أو تزبد وترعد لو كان العكس…حتى بالقتل بين ناسها وناسها عنصرية…وبدكم هيك إدارة تكون وسيط..يكسر وسطكم يا شيخ بلكن الدنيا ترتاح منكم.