أمد/ واشنطن: في خطوة تعكس تزايد القلق بشأن الخسائر الفادحة في صفوف المدنيين الفلسطينيين جراء الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، وما تبعها من تفاقم للأزمة الإنسانية بالقطاع، دعا 60 عضوا ديمقراطيا في مجلس النواب الأمريكي الجمعة 19 كانون الثاني/يناير إدارة الرئيس جو بايدن إلى تأكيد معارضتها للتهجير القسري والدائم للفلسطينيين من غزة.
وفي رسالة وجهوها إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن، عبر النواب عن قلقهم مما وصفوه بـ “الخطاب المتطرف” الصادر عن مسؤولين إسرائيليين، ومن مقترحات الحكومة الإسرائيلية التي “تدعو للتهجير القسري للفلسطينيين خارج غزة”.
وجاء في الرسالة “نحثكم على مواصلة التأكيد على التزام الولايات المتحدة الثابت بهذا الموقف ونطلب منكم تقديم توضيحات بشأن بعض أحكام طلب التمويل الإنساني والأمني التكميلي الذي تقدمت به الإدارة”.
تعقيبا على ذلك، قال متحدث باسم وزارة الخارجية إن “الوزارة لا تعلق عادة على مراسلات الكونغرس”، ولكن فيما يتعلق بقضية التهجير قال المتحدث “لقد كنا واضحين. يجب ألا يكون هناك تهجير قسري دائم للفلسطينيين، سواء داخل غزة أو خارجها”.
وفي سياق تنامي الأصوات الداعية إلى حماية المدنيين بغزة وتعزيز الإجراءات الرامية إلى تجنب المزيد من الخسائر البشرية، أكد أعضاء ديمقراطيون في مجلس الشيوخ بشكل منفصل، أن 18 سيناتورا ديمقراطيا يؤيدون تعديلا يلزم أي دولة تتلقى تمويلا أو مساعدات، أن تستخدم المساعدات الأموال وفقا للقانون الأمريكي والقانون الإنساني الدولي وقانون النزاعات المسلحة.
تمنح الولايات المتحدة إسرائيل 3.8 مليار دولار في شكل مساعدات عسكرية سنوية. وقد طلب بايدن من الكونغرس الموافقة على مبلغ إضافي قدره 14 مليار دولار، وهو جزء من طلب تمويل إضافي شامل متوقف في المجلس بسبب استمرار مفاوضات الجمهوريين والديمقراطيين على تغييرات في سياسة الهجرة.
وخلال الأسبوع الجاري، صوت عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي بيرني ساندرز، على قرار كان من شأنه تجميد المساعدات الأمنية لإسرائيل ما لم تصدر وزارة الخارجية تقريرا في غضون 30 يوما لفحص ما إذا كانت تل أبيب قد ارتكبت انتهاكات لحقوق الإنسان في حملتها العسكرية بغزة.
وصوت 72 سيناتورا لصالح إلغاء القرار، مقابل 11 عضوا أيدوه، مما أدى بسهولة إلى الحصول على الأغلبية البسيطة اللازمة لإلغائه في المجلس المؤلف من 100 عضو.
وليست هذه المرة الأولى التي يتعرض فيها بايدن إلى الضغط أو الانتقاد من قبل أعضاء في حزبه بشأن الحرب في غزة، إذ سبق أن أثار تخطي إدارته موافقة الكونغرس على صفقة بيع أسلحة إلى إسرائيل شهر كانون الأول/ديسمبر 2023، بتوظيف “صلاحية الطوارئ”، حفيظة أعضاء في مجلس الشيوخ طالبوا بتفسير لهذا القرار معتبرين أنه “يضع الشعب الأمريكي في الظلام”.
واحد من هؤلاء كان السيناتور تيم كين الديمقراطي عن ولاية فرجينيا، الذي وصف الأمر بأنه “تحايل وزارة الخارجية على الكونغرس في موافقتها على بيع أسلحة بقيمة 147.5 مليون دولار لإسرائيل”.
من جهة أخرى، ذكرت شبكة “إن بي سي نيوز” الأمريكية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يفقد دعم المشرعين الأمريكيين من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بشكل سريع.
وفقا للشبكة يدق المؤيدون لإسرائيل في كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري ناقوس الخطر حول فقدهم الثقة بنتنياهو وطريقة تعامله مع الحرب ضد حركة “حماس” في قطاع غزة.
وأشارت الشبكة إلى أن أحد الجمهوريين في مجلس النواب لم تكشف عن اسمه قال “إنه بات من الصعب الدفاع عن نتنياهو أو تبرير استراتيجيته السياسية، وإن هناك انعداما حقيقيا للثقة في قيادته ناهيك عن التساؤلات حول قدرته على القيادة”.
وأضاف ذات المصدر إلى “أنه يرى على المستوى الشخصي أن مصلحة نتنياهو السياسية هي في أن يبقى منخرطا في الصراع، سواء كان ذلك مع حزب الله أو في غزة، كون أي وقف لإطلاق النار أو اتفاق سلام أو جهود لإعادة البناء أو الخروج عن الطريق سيضر به سياسيا”.
ولفتت إلى أن المشرعين التقدميين في الكونغرس الأمريكي ينتقدون باستمرار نتنياهو والاعتداء الإسرائيلي على قطاع غزة، أما الآن فباتت هذه الانتقادات تصدر عن المشرعين المؤيدين لإسرائيل الذين يعملون في لجان الأمن القومي الرئيسية، وباتوا يعبرون الآن عن إحباطهم بشأن قيادة نتنياهو، وإن كان ذلك يتم بهدوء.
وتطرقت الشبكة إلى تصريحات 3 من المشرعين الأمريكيين الذين يتساءلون عما إذا كان نتنياهو البالغ من العمر 74 عامًا لديه استراتيجية لإنهاء الحرب الدموية في غزة، وأشاروا إلى أن نتنياهو الذي لا يحظى بالشعبية ربما يحاول عمدا إطالة أمدها من أجل البقاء في السلطة.
وفي وقت سابق ذكرت شبكة NBC أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رفض اقتراح وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن التطبيع بين إسرائيل والسعودية، مقابل قيام دولة فلسطينية.
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن الولايات المتحدة حذرت رئيس الوزراء الإسرائيلي من أن أمن إسرائيل على المدى الطويل لن يتم ضمانه إلا من خلال إقامة دولة فلسطينية.
وقالت الصحيفة نقلا عن وكالة “رويترز” إن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميللر قال إنه “لا توجد طريقة” لحل المشاكل الأمنية الإسرائيلية على المدى الطويل، وكذلك تنظيم عملية إعادة إعمار غزة في نهاية الحرب، دون إقامة دولة فلسطينية.