أمد/ واشنطن: نقلت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية عن مسؤولين أمريكيين أن البيت الأبيض يفكر بالانسحاب الكامل من سوريا.
وقالت 4 مصادر داخل وزارتي الدفاع والخارجية، للمجلة إن البيت الأبيض لم يعد مهتماً بمواصلة المهمة الأمريكية في سوريا، والتي يرى أنها “غير ضرورية”.
وبحسب المصادر، تجرى الآن مناقشات داخلية نشطة لتحديد كيف ومتى يمكن أن يتم الانسحاب.
وتأتي هذه التطورات مع بلوغ التوترات في الشرق الأوسط ذروتها، مع ارتفاع الاعمال العدائية في جميع أنحاء المنطقة.
هدية لداعش
وعلى الرغم من التأثير الكارثي الذي قد يخلفه الانسحاب على نفوذ الولايات المتحدة وحلفائها في سوريا، فإنه سيكون أيضاً “هدية” لتنظيم داعش الإرهابي، بحسب المجلة.
وتابعت المجلة “على الرغم من ضعف الكبير الذي مني به التنظيم خلال السنوات الأخيرة، إلا أنه في الواقع مهيأ للظهور من جديد في سوريا، إذا أتيحت له المساحة الكافية”.
وكان التحالف الدولي الذي أطلقته الولايات المتحدة وأكثر من 80 دولة شريكة عام 2014 لهزيمة الجماعة الإرهابية، ناجحاً بشكل ملحوظ، مع تحرير الجيب الأخير من الأراضي السورية التي كانت خاضعة لسيطرة التنظيم في أوائل عام 2019.
وفي العراق أيضاً، اختفى داعش تقريباً، وتدهور إلى درجة أنه في عام 2023، بلغ متوسط عدد الهجمات التي شنها 9 هجمات شهرياً فقط، مقارنة مع 850 هجوماً شهرياً في 2014.
وبحسب المجلة، فإن الوضع في سوريا أكثر تعقيداً، ومع وجود ما يقرب من 900 جندي على الأرض، تلعب الولايات المتحدة دوراً فعالاً في احتواء وتثبيط التنظيم في شمال شرق سوريا، عبر العمل مع قوات سوريا الديمقراطية.
التهديد قائم
ومع ذلك فإن التهديد لا يزال قائماً، ففي 16 يناير (كانون الثاني) الماضي، شن داعش هجوماً صاروخياً على سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية يضم حوالي 5000 سجين من التنظيم، مما أدى إلى محاولة هروب جماعية.
وفي حين تم إحباط هذه العملية، فإن الانتشار الأمريكي يلعب دوراً حيوياً في تحقيق الاستقرار في المنطقة التي يتم فيها احتجاز 10000 من مقاتلي داعش، داخل ما لا يقل عن 20 سجناً مؤقتاً، كما يتم احتجاز 50000 آخرين من النساء والأطفال المرتبطين بهم في معسكرات آمنة.
وفي حين تمكنت القوات الأمريكية وقوات سوريا الديمقراطية من احتواء داعش شمال شرق سوريا، فإن الوضع مختلف على الجانب الآخر من نهر الفرات، حيث يسيطر النظام السوري.
وبحسب المجلة، بدأ داعش في الانتعاش ببطء في هذه المساحة الشاسعة من الصحراء، مستغلاً عجز النظام السوري عن فرض سيطرته الشاملة.
وتضيف المجلة، أن الجماعة الإرهابية أعادت أيضاً تأسيس وجود عملياتي لها في درعا التي يسيطر عليها النظام في جنوب سوريا، ووسعت بشكل ملحوظ حجم ونطاق وتعقيد عملياتها في جميع أنحاء الصحراء الوسطى، حيث استولت مؤقتاً على أراضي مأهولة بالسكان، واستولت على الغاز واحتجزته ومارست ضغطاً كبيراً حول مدينة تدمر الاستراتيجية.
وفي شرق ووسط سوريا، عاد نفوذ داعش، إذ أعادت المجموعة تأسيس عمليات ابتزاز معقدة، حيث باتت تفرض “ضرائب” على جميع سكان هذه المناطق.
وفي حين أن أنشطة داعش كانت في المناطق الريفية، فإن التنظيم بات يستهدف المدن، وفي العديد من المناطق بات السكان يعترفون بـ”سلطة” داعش.
وبحسب المجلة، فقد لا تتصدر هذه الأنشطة الأقل وضوحاً من الهجمات الإرهابية عناوين وسائل الإعلام، لكنها تمثل المكونات الأساسية لخلق تمرد إرهابي سيعود ليضرب العالم.