أمد/ كتب حسن عصفور/ يبدو أن رئيس حكومة التحالف الفاشي نتنياهو، اختار طريقة مبتكرة للهروب من “الضغط الغربي والأمريكي” وكذا الداخلي فيما يتعلق بضرورة العمل على تقديم “مبادرة” حول “هدن إنسانية” أطول قليلا مما سبق إلى عدة أسابيع، خاصة وأن قرار “العدل الدولية” يتجه بقوة لقرار حول وقف إطلاق النار يوم الجمعة، ورفضه سينقل القضية الى مجلس الأمن، ما سيضع أمريكا في إحراج سياسي غير مسبوق، لو استخدمت حق النقض الفيتو ضد قرار يطالب بوقف الحرب.
نتنياهو، وعبر جهازه الأمني الموساد، نقل الى قطر (وبعلم مصر)، ما أسماه “عرض لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوما وبالحد الأدنى 30 يوما، تتضمن عناصر تنفيذية متدرجة”، بدأت وكأنها تمثل “تغيرا جوهريا في التفكير السياسي لحكومة التحالف الفاشي”، ولكن الحقيقة الأبرز، انه وضع بداخلها “قنبلة تفجير” لا يمكن قبولها، عندما اشترط مغادرة قيادة حماس من غزة الى الخارج.
حاول إعلام نتنياهو تسويق المقترح بطرد قيادة حماس الغزية من أرضها، بما حدث في لبنان 1982، بعد حرب التاريخ الثوري التي استمرت 88 يوما، كانت درسا كفاحيا لدولة العدو، لكن لبنان بكل مقوماته لم يعد قادرا على استمرار حرب ومواجهة حرب، فطلبوا من قيادة الثورة وزعيمها الخالد ياسر عرفات الاستجابة لطلب الخروج، فكان قرارا تقديرا لمن احتضن الثورة بعد عام 1971، فيما قيادة حماس فوق أرضها وبين أهلها، وكان نتنياهو مدرك تماما للرفض دون تفكير لمطلبه السام.
لم يكن تقديم “صفقة الهدنة الطويلة” سوى مناورة هروبية مما بات ضغطا يفوق رفضا ساذجا، فلجأ الى “خدعة الطرد” شرطا، لتبدوا أن حماس من يرفض وليس هو، وكي يزيد من درجة التوتر المحيط، التقى بعد فترة من المناشدات مع عائلات الرهائن أو “الأسرى”، وهاجم قطر ودورها مع حماس، وهو يعلم تماما أنه كلامه سيسجل من قبل الحاضرين، هجوم من أجل عرقلة التفاوض بذرائع أخرى.
الهجوم على قطر، كان غريبا ربما للبعض، خاصة وأنه رئيس الوزراء الوحيد الذي سمح لطائرات نقل حقائب المال نقدا، وبإشراف جهازه الأمني الموساد، من الدوحة الى مطار اللد فقطاع غزة، ولعبت قطر دور قناة الاتصال المستمرة مع حكوماته السابقة، دون أي تذمر أو شكوى بل تقديرا، لكنه اختار توقيتا حساسا لفتح باب الهجوم لإغلاق بابا لا يريد أن يذهب اليه.
وقبل شرطية “طرد قيادة حماس” و”مهاجمة قطر” على الهواء تقريبا، فتح النار على مصر دورا ومكانة، سواء ما يتعلق بمسألة المساعدات، أو البعد الأمني على الحدود الفلسطينية المصرية، ما يعرف بمحور صلاح الدين “فيلادلفيا”، معلنا بأن احتلاله بات شرطا لليوم التالي، ما اعتبر مساسا بالأمن القومي لمصر.
مناورات نتنياهو، مكشوفة الى درجة السذاجة، وهو قبل أي طرف آخر يدرك تماما ذلك، ولكنه بحث عن سبيل إغراق المشهد بـ “صداع سياسي” يشتت درجة التركيز الى عناوين مختلفة، فلم يكن “تحديه العلني الوقح” لأمريكا ورئيسها حول رفضه دولة فلسطينية، وحقه بقول لا له، سوى جزء من “تكتيك الصداع السياسي”، اعتقادا أنه سيضع الآخرين في حالة من الارباك.
ولكن، يبدو أن حسابات بيدره السياسي لن تطابق محصوله، فمصر أوضحت في بيان شامل موقفها من مسألة الحدود والمساعدات، وفضحت أمره بشكل مباشر، وجاءت الصفعة الأهم برفض الرئيس السيسي أي اتصال من نتنياهو، تزامن نشر الخبر مع تصريح للخارجية القطرية ردا على تسريبات أقواله مع عائلات الرهائن.
رد مصر وقطر، السريع والحازم، رسالة سياسية لن تقف مفاعيلها عن حدود الخبر، خاصة تزامنها مع غضب نواب ديمقراطيين أمريكان من تصرفاته واهانته العلنية الى الرئيس بايدن، ما قد يفرض خطوات “مفاجئة” لنتنياهو لم تكن ضمن حسابته الخاصة بأن وجوده “ضرورة أمريكية”، بالتزامن مع موقف الاتحاد الأوروبي الذي بدأ يخرج عن نمطية سابقة، بالحديث العلني نقدا صريحا، وإن لم يصل الى حدا الإدانة الشاملة، مع مجريات محكمة العدل الدولية.
بعيدا عن قدرة النواب الأمريكان بسن قانون يربط بين تقديم السلاح لدولة الكيان العدواني ومسألة “حقوق الانسان”، كما يحاول بعضهم، فالغضب المصري والقطري ربما يحدث تحولا في مسار العلاقة مع حكومة نتنياهو وتحالفه الفاشي، وهو ما يمكن أن يحدث تغييرا جوهريا في المشهد العام، ولديهما كثيرا من الوسائل الكفيلة بتلقينه وحكومته “درسا سياسيا”، خاصة مع تنامي حركة “التمرد الداخلي” بتحالفه بل في حزبه الليكودي.
هل تصبح “مناورات نتنياهو” الاستعدائية للظهور كـ “بطل اللا” سلاح تسريع الإطاحة به، باعتباره بات يمثل “عقبة متنامية” لوضع حد لحرب إبادة جماعية وجرائم حرب لا مثيل لها في تاريخ الإنسانية، والتفكير برؤية سياسية ذات بعد “إقليمي” لحل يشمل القضية الفلسطينية باعتبارها الطريق الوحيد لفرض الاستقرار العام.
الإمكانيات تتزايد لمحاصرة نتنياهو وتحالفه الفاشي، لو تعاملت الدول العربية والرسمية الفلسطينية بجدية سياسية وآلية عملية تختلف عما كانت عليه منذ 7 أكتوبر 2023، حتى تاريخه، والانتقال من الحديث عما يجب أن يكون الى استخدام آليات تنفيذية لما يجب أن يكون..وهناك أدوات كفيلة بتحقيق الهدف السياسي سريعا.
الاستعداد برؤية سياسية مع آلية تنفيذية، بعد قرار العدل الدولية يصبح المهمة الرئيسية التي يجب بلورتها فلسطينيا عربيا، لتصبح هي قاعدة النقاش الدولي وليس غيرها، لما بات يعرف بـ “اليوم التالي” للحرب على قطاع غزة.
ملاحظة: رئيس حكومة دولة الفاشية اليهودية نتنياهو، تفاخر يوم 24 يناير 2024 بتدمير قواته مقر المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان) في غزة..موقف ما كان يجب أن يمر هكذا خاصة من الذين يدعون بحرصهم على “الانتخابات الفلسطينية”..تخيلوا “حجم النصر” اللي عمله “هتلر العصر”.
تنويه خاص: مجددا تعود قضية توزيع “المساعدات الإنسانية” الى التداول بين المفترض أنهم مستحقيها..مع السرقة والسطو من “بلطجية معلومين جدا”، صار الحكي عن توزيع مش عادل..ليش الإصرار على ان الفوضى تشوه ملحمة المواجهة للفاشيين الجدد..اهتموا بالناس اللي بيدفعوا دمهم قبل غيرهم ثمن هالحرب المفروضة عليهم..