أمد/ كتب حسن عصفور/ لا يمكن لغبي سياسي، ان يضع الحرب الكبرى التي أعلنتها الولايات المتحدة يوم 26 يناير 2024 ضد وكالة غوث اللاجئين ” الأونروا”، ساعة بعد قرار العدل الدولية حول قيام دولة الفاشية المعاصرة بارتكاب “إبادة جماعية” ضد الشعب الفلسطيني، كرد فعل على مشاركة عدد لا يتجاوز أصابع اليدين من موظفي الوكالة بقطاع غزة في عملية 7 أكتوبر 2023.
حرب غير مسبوقة منذ عام 1948 ضد وكالة تأسست كجزء من المسؤولية القانونية – السياسية للنظام الدولي في مواجهة النكبة الكبرى التي تعرض لها شعب فلسطين عام 1948، ولادتها جاء بقرار من الجمعية العامة عام 1949، تعرضت خلال سنواتها لعمليات مضايقة وضغط وممارسات لم تصل يوما الى ما كان مؤخرا، رغم الحروب والمعارك والعمل الفدائي والانتفاضات المتلاحقة بين شعب يقاوم محتل ودولة تحاول القيام بعملية إحلال شامل للأرض والانسان.
أمريكا، أعلنت رسميا حرب إبادة سياسية – قانونية على الأونروا، لأسباب لا يمكن أبدا أن ترتبط بعناصر محلية في قطاع غزة شاركت بعمل ضد دولة محتلة، وربما لو تم فتح سجل شهداء فلسطين ومعتقليها لوجد كل من يمتلك هواية الأرقام، ان غالبيتهم من أبناء اللاجئين، لأنهم الأغلبية في شعب هجر من أرضة التي تم اغتصابها بموافقة دولية.
قرار يتعلق بموظفين في قطاع غزة ينتقل ليصبح قاطرة حرب إبادة ضد مؤسسة عالمية، يكشف أن الولايات المتحدة قررت وضع قواعد عمل جديدة لشطب جوهر القضية الوطنية الفلسطينية، تتوافق مع رؤيتها التاريخية، بمنع قيام دولة فلسطين فوق أرض فلسطين، وهي تعلم يقينا أن اللاجئين والوكالة ليسوا في قطاع غزة فحسب، لكنها قرارات استخدام ذريعة سخيفة الى حد التفاهة السياسية، لحربها الكامنة منذ ما بعد مؤامرة حرب عام 1982 ضد الثورة الفلسطينية في لبنان، وفرض منطق “التهجير”.
ولم تتأخر كثيرا كشف حقيقة القرار الاستعماري الاغتصابي الجديد ضد الوكالة الأممية، عندما أشارت وسائل إعلامية، أن الحرب تستهدف البرنامج التعليمي للوكالة، بحيث تريد ربط المنهاج بما يتوافق والرؤية التهويدية خال من الروح الوطنية الفلسطينية، وهي المعركة التي فتحتها دولة الفاشية اليهودية منذ سنوات بعيدة، الى جانب إعادة تعريف مفهوم اللاجئ، وأيضا خدمة لجوهر الرؤية التهويدية للقضية الفلسطينية، بأن يقتصر تعريف اللاجئ على من هاجر، وشطب كل من ولد خارج فلسطين التاريخية.
أمريكا وتحالفها الاستعماري بوقف التمويل عن الوكالة الأممية، تستهدف رسم بناء جديد لشطب جوهر قرار حق العودة وفقا لقرار 194، عر سلاح المال لصناعة “حقائق سياسية” جديدة تتوافق مع رؤية التهويد العام، ليصبح الأمر مرتبطا بتغيير جوهري لمضمون تعريف اللاجئ ومنهاج التربية الذي يجب أن يكون.
قرار “الإبادة السياسية – القانونية” ضد الأونروا بقيادة أمريكا ومشاركة التحالف الاستعماري الجديد، هو المؤشر الأوضح بأن ترتيبات رسم المشهد السياسي الفلسطيني بدأت بوضوح، أن قضية العودة واللاجئين سيتم شطبها من جدول البحث العام، والذي كان أحد قضايا الحل الدائم وفق اتفاق “إعلان المبادئ” عام 1993، وتقليص البحث كليا على من بقي حيا من الجيل الأول من اللاجئين، ليصبح الرقم بالمئات وليس بملايين.
رسالة أمريكية واضحة، بأن التمويل سيكون لاستبدال المفاهيم من حق العودة الى حق التوطين لكل فلسطيني ليس من الجيل الأول المهاجر من فلسطين التاريخية، فحرب الإبادتين من غزة الى الأونروا بقيادة الدولتين هي جوهر المؤامرة السياسية التي بدأت ملامحها تطل برأسها بعد 7 أكتوبر 2023.
هل تكفي بيانات المكونات الفلسطينية كافة، الوصفية للحدث لوقفه وعرقلته، أم لا بد من “حركة غضب نوعية” تربك المؤامرة وجوهرها الحقيقي…رصاصة الفعل تنتظر المسؤولية الوطنية بلا حسابات حزبية.
ملاحظة: الاعدامات على الهواء للفلسطينيين المنتقلين عبر مسارات النزوح التي ينفذها جيش الفاشية المعاصرة يجب إعادة بثها في كل وسيلة فلسطينية وعربية كل ساعة إخبارية..مشاهد لا يجب أن تغيب لمواجهة حرب التغييب التي تريدها أمريكا وأدواتها البازلية.
تنويه خاص: كم هو عار وطني أن لا يكون دافع الدم حاضرا لمناقشة مستقبله في “لقاء باريس الأمني”.. لقاءات تؤشر أن الفلسطيني بات “قاصرا” يحتاج “وصيا” لبلوغ سن الرشد السياسي بالطريقة الأمريكية التهويدية..مبروكين عبعض يا فصائل “أم النكبات”.