أمد/ واشنطن: أقر نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر، في اجتماع مغلق مع القادة الأميركيين العرب في ولاية ميشيغان يوم الخميس، بـ”أخطاء” في رد الإدارة الأميركية على الحرب في قطاع غزة، قائلاً إنه ليس لديه “أي ثقة” بأن الحكومة الإسرائيلية مستعدة لاتخاذ “خطوات ذات مغزى” لإقامة دولة فلسطينية، بحسب ما نقلته صحيفة “نيويورك تايمز”.
وقدم فاينر بعضاً من أوضح تعبيرات الإدارة الأميركية عن أسفها لما أسماه بـ”الأخطاء” التي ارتكبتها منذ بداية الأزمة في غزة في أكتوبر الماضي، متعهداً بأنها “ستفعل ما هو أفضل”.
وخلال الاجتماع الذي عقد مع القادة السياسيين العرب الأميركيين في مدينة ديربورن بولاية ميشيغان، قال فاينر: “ندرك جيداً أن لدينا أخطاءً في سياق الاستجابة لهذه الأزمة منذ 7 أكتوبر”، وفقاً لتسجيل صوتي للاجتماع حصلت عليه صحيفة “نيويورك تايمز”، وأكد مسؤول في مجلس الأمن القومي صحته.
وأضاف فاينر هو المسؤول الثاني في مجلس الأمن القومي: “لقد تركنا انطباعاً ضاراً للغاية بناءً على ما كانت حسابات غير كافية تماماً لمدى تقدير الرئيس والإدارة والبلاد لحياة الفلسطينيين. وقد بدأ ذلك، بصراحة، في وقت مبكر جداً من الحرب”.
وسبق أن أشار الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه إلى المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين الذين أصبحوا حاضرين بشكل متكرر في مناسباته العامة، ففي الشهر الماضي، قاطع المتظاهرون فعاليات تجمع انتخابي بشأن حقوق الإجهاض في ولاية فرجينيا، وحثوا بايدن على الدعوة إلى وقف إطلاق النار.
وبعد هذا التجمع، التقى بايدن على انفراد مع حوالي 40 من الحاضرين المدعوين، وحثهم على عدم النظر إلى المتظاهرين كأعداء سياسيين، قائلاً إنهم “يستحقون التعاطف”، وأن قضيتهم “مهمة حقاً”، وفقاً لـ3 أشخاص حضروا الاجتماع.
لكن تسجيل اجتماع ديربورن يقدم “لمحة غير عادية”، من وراء الكواليس عن محاولات الإدارة لحشد الدعم في ميشيغان التي تعتبر ساحة معركة مهمة، والتي تضم عدداً كبيراً من السكان الأميركيين العرب في ديربورن وضواحي ديترويت الأخرى، وفق “نيويورك تايمز”.
وتآكل دعم بايدن في الولاية، حسبما تظهر استطلاعات الرأي. وحذر حلفاء بايدن بالبيت الأبيض خلال الأشهر الأخيرة، من أنه يواجه خطر خسارة الولاية التي فاز بها في عام 2020.
وسافر فاينر والعديد من كبار المسؤولين الآخرين في إدارة بايدن، بما في ذلك سامانثا باور، مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، إلى ديربورن يوم الخميس، لحضور سلسلة من الاجتماعات، بما في ذلك الاجتماع الذي تم فيه تسجيل تعليقات فاينر.
وجاءت تلك الجلسات بعد أسبوع من سفر مساعدي حملة بايدن، بمن فيهم جولي تشافيز رودريغيز، مديرة حملته لعام 2024، بهدوء إلى المدينة، والتقت بعض المسؤولين، بمن فيهم النائب رشيدة طليب، وهي تقدمية أميركية من أصل فلسطيني في طليعة الدعوات الديمقراطية لوقف إطلاق النار في غزة.
أوضح فاينر جهود الحكومة الأميركية لوقف الحرب في غزة، معتبراً أن “بناء علاقة دبلوماسية رسمية بين إسرائيل والسعودية خطوة حاسمة نحو إقامة دولة فلسطينية”.
وتساءل: “هل ستكون إسرائيل مستعدة للقيام بالشيء الصعب المطلوب منها، وهو خطوات ذات مغزى للفلسطينيين بشأن مسألة الدولتين؟ لا أعرف ما إذا كانت الإجابة على ذلك هي نعم. ليس لدي أي ثقة بهذه الحكومة الإسرائيلية الحالية”.
وقالت وزارة الخارجية السعودية، الأسبوع الماضي، إن موقف المملكة “كان ولا يزال ثابتاً تجاه القضية الفلسطينية”، مشيرة إلى أنها أبلغت الإدارة الأميركية أنه “لن يكون هناك علاقات دبلوماسية مع إسرائيل ما لم يتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية”.
وأكد المسؤول الأميركي على ضرورة أن تقوم إدارة بايدن بشكل أسرع في الإدانة العلنية للتصريحات التي أدلى بها بعض المسؤولين الإسرائيليين والتي قارنت “سكان غزة بالحيوانات”، لافتاً إلى أن المسؤولين لم يفعلوا ذلك لأنهم كانوا يحاولون العمل مع الحكومة الإسرائيلية.
وتابع: “بدافع الرغبة في التركيز نوعاً ما على حل المشكلة، وعدم المشاركة في حوار كلامي مع أشخاص يُعتبرون، في كثير من الحالات، مثيرين للاشمئزاز بالنسبة لنا جميعاً، لم نشر بشكل كافٍ إلى أننا نرفض تماماً، ونختلف مع هذا النوع من التصريحات”.
ولم يوضح من هم المسؤولون الإسرائيليون الذين كان يشير إليهم، ولكن في الأيام الأولى للصراع، قال وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت: “نحن نقاتل حيوانات بشرية، ونتصرف وفقاً لذلك”، كما واجه بعض المسؤولين الإسرائيليين الآخرين انتقادات بسبب اللغة اللاإنسانية.
وذكر فاينر أنه “لم يعالج هذا بأي شكل من الأشكال الخسائر في أرواح الفلسطينيين خلال الأيام الـ 100 الأولى من الحرب. لا يوجد عذر لذلك. ما كان ينبغي أن يحدث هذا. أعتقد أن ذلك لن يحدث مرة أخرى. لكننا نعلم أنه كان هناك الكثير من الضرر الذي حدث”.
الأضرار المدنية
من جهتها، قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي أدريان واتسون: “كان الرئيس وفاينر يفكران في المخاوف التي كانت لدينا لبعض الوقت، وستظل لدينا مع استمرار العملية الإسرائيلية، بشأن الخسائر في أرواح الفلسطينيين في هذه الحرب والحاجة إلى الحد من الأضرار المدنية”.
ووصف سكان ميشيغان الذين حضروا اجتماعات، الخميس، مع مسؤولي إدارة بايدن الاجتماعات بأنها مكثفة، وقالوا إنهم يشعرون بخيبة أمل؛ لأن الوفد من واشنطن لم يلتزم بتغييرات في السياسة.
والتقى بايدن بقادة أميركيين عرب ومسلمين في أكتوبر الماضي، وسط توترات متزايدة داخل البيت الأبيض وخارجه.
واعتذر بايدن عن التشكيك في عدد الضحايا في غزة وعن رسائل أخرى من الإدارة، لكنه دافع إلى حد كبير عن دعمه للحرب الإسرائيلية، مشيراً إلى اعتبارات السياسة الخارجية.
وفي نوفمبر الماضي، التقى مسؤولو الإدارة أيضاً عبر الفيديو مع قادة أميركيين فلسطينيين أعربوا عن قلقهم بشأن استطلاعات الرأي التي تظهر تراجع الدعم لبايدن في مجتمعاتهم. وقال المسؤولون لهم إن “نتائج الاستطلاعات لا تحدد قرارات السياسة الخارجية للرئيس الأميركي”.