أمد/ بيروت: أكّد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، أنّ قطاع غزّة، شهد على مدى 130 يوماً، “صموداً أسطورياً وبطولاتٍ تصل إلى حدّ الإعجاز والصبر، الذي لا مثيل له في التاريخ”، مؤكّداً أنّ الاحتلال الإسرائيلي لا يزال “يواجه سياسة العجز والفشل”، ومُشدّداً أنّ المقاومة الإسلامية لن توقف جبهة جنوبي لبنان “حتى يتوقّف العدوان على غزة”.
وفي كلمةٍ ألقاها في الاحتفال التكريمي للجرحى والأسرى المقاومين في “يوم الجريح المقاوم”، أشار السيد نصر الله إلى أنّ “ما يجري على أبناء غزّة، يجب أن يهزّ كلّ الضمائر ويزلزل وجدان كلّ إنسان في العالم”.
وشدّد السيد نصر الله على أنّ ما تقوم به المقاومة الإسلامية في لبنان، منذ الـ8 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، من مساندةٍ لغزّة، “هو استجابة صادقة للمسؤولية الأخلاقية والدينية الملقاة على عاتق كلٍّ منّا”.
وفي هذا الإطار، أكّد السيد نصر الله أنّنا “في الجبهة اللبنانية، نصرةً لغزّة، منسجمون مع قيمنا ومسؤوليتنا الأخلاقية والدينية، وفي هذا لا تأخذنا لومة لائم”.
“ما نقوم به مسؤولية وطنية”
وإذ لفت الأمين العام لحزب الله إلى أنّ ما تقوم به المقاومة في الجبهة اللبنانية هو مسؤوليةٌ وطنية، فإنّه شدّد أيضاً على أنّ فتح الجبهة اللبنانية مع الاحتلال شكّل “مصلحةً وطنيةً بالدرجة الأولى، منعاً لانتصار إسرائيل”.
وأوضح أنّ نشوء كيان الاحتلال الإسرائيلي هو “أصل كلّ الأزمات في المنطقة”، مؤكّداً أنّ تاريخ لبنان يشهد على ذلك، ومُضيفاً أنّ “إسرائيل القوية” تشكّل خطراً على المنطقة، فيما تشكّل “إسرائيل المردوعة والخائفة حالةً أقلّ خطراً”.
وجدّد السيد نصر الله تأكيده أنّه أمام يجري في غزّة، فإنّ “المصلحة الوطنية في دول المنطقة، قبل المصلحة الفلسطينية، هي في خروج إسرائيل مهزومة” من الحرب.
كذلك، رأى السيد نصر الله أنّ المشكلة هي في اعتبار البعض “أن لا جدوى مما نقوم به في الجبهة اللبنانية”، واصفاً هذا الأمر بـ”الكارثي”.
في السياق نفسه، أشار السيد نصر الله إلى أنّ “هناك من يقول عباراتٍ مهينةً لكلّ التضحيات التي يتم تقديمها في مواجهة العدو”، مضيفاً أنّ ثمة “أطراف لها أحكام مسبقة، أيّاً تكن الإنجازات والانتصارات، وتصف ما يتحقّق بأنّه إنجاز وهمي”.
وعن هذه الأطراف، رأى السيد نصر الله أنّ “قول صمّ بكم عمي ينطبق عليها، أيّاً كان النقاش معها”.
كما لفت إلى أنّ البعض “يجادل بجدوى المقاومة”، وذلك على الرغم من الهزيمة التي ألحقتها المقاومة بـ”جيش” الاحتلال الإسرائيلي، مبيّناً أنّ هذه الفئة “تدّعي أنّ القانون الدولي يحمينا”، وترى أنّ المقاومة “ميؤوس منها”.
وأمام ذلك، أكّد الأمين العام لحزب الله “إمكان الحوار مع الشرائح التي لا مواقف مسبقة لها”، مشدّداً على وجوب “الحرص على عدم تحويله إلى حوارٍ طائفي”.
ولفت السيد نصر الله أيضاً إلى “وجود الانقسام حيال إسرائيل في لبنان، منذ نشوئها”، مشيراً إلى ارتقاء شهداء مسيحيين ومسلمين في مواجهته”.
وفي ظلّ هذا الانقسام، حثّ السيد نصر الله على “عدم تحويل المشكلة إلى جدال طائفي”، إضافةً إلى “عدم تحميل مسؤولية أي موقف لطائفة معيّنة”.
“أهل القرى الحدودية هم المقاومة”
ولدى حديثه عن المواجهات الدائرة عند الحدود مع فلسطين المحتلة، أكّد الأمين العام لحزب الله أنّ “من يتحمّل العبء الأول في المواجهة على الجبهة اللبنانية، هم أهل القرى الحدودية وأهل الجنوب”، مشيراً إلى أنّ عدداً كبيراً من الشهداء، الذين ارتقوا على طريق القدس، هم “من أبناء القرى الحدودية الأمامية”.
ووفقاً له، فإنّ “تقديم القرى الحدودية لهذه التضحيات يعبّر عن الإرادة الحقيقية للأغلبية الساحقة”، مشدّداً على أنّ هذا الأمر “عابر للطوائف”.
وأضاف السيد نصر الله أنّ أهل هذه القرى هم “أكثر من عانوا بسبب وجود الكيان الغاصب”، متابعاً أنّ هذه القرى أيضاً هي التي “تمارس فعل المقاومة، من خلال الآلام والتضحيات، ويجب احترام إرادتها أيضاً”.
كما أكّد السيد نصر الله، في هذا السياق، أنّ “أهل تلك القرى شهدوا أنّ من يستعيد أرضهم ويحمي أبناءهم وأرضهم، وأعادهم إلى بيوتهم هو المقاومة”، وشهدوا أيضاً أنّ “المقاومة هي التي تضع حدّاً لأطماع إسرائيل، فكانوا هم المقاومة”.
ولفت أيضاً إلى أنّ أهل القرى الجنوبية عند الحدود مع فلسطين المحتلة “قدّموا بيوتهم للمقاومة، وذلك على الرغم من علمهم بأنّها ستُدمَّر، مؤكّداً أنّ بيوتهم “سيُعاد بناؤها بصورةٍ أحسن ممّا كانت عليه”.
ورأى السيد نصر الله أيضاً أنّ إصرار أهل القرى الحدودية على تشييع أبنائهم، بحضورٍ حاشد، ودفن شهدائهم في أراضيهم، “هو تعبير عن خيارهم”، موضحاً أنّ “قوة المقاومة في الجنوب، بكلّ فصائلها هي أيضاً في الاحتضان الشعبي الصادق الكبير والوفي، وهذه نقطة القوة الأولى”.
“الوفود الغربية إلينا هدفها حماية إسرائيل”
إضافةً إلى ذلك، شدّد الأمين العام لحزب الله على أنّ “الجبهة في جنوبي لبنان هي ضغط ومساندة ومشاركة في إلحاق الهزيمة بالعدو، وإضعافه حتى يوقف العدوان”، مشيراً إلى أنّ “المقاومة بتضحياتها تدافع عن كلّ لبنان الذي كان سيكون لولاها مباحاً للعدو”.
وأوضح السيد نصر الله في كلمته أنّ الاحتلال الإسرائيلي “يقاتل بحدودٍ معيّنة، بسبب موازين الردع المكرّسة من جانب المقاومة، التي تُعدُّ نقطة قوة كبيرة للبلد”، إذ إنّ كيان الاحتلال “يحسب ألف حسابٍ للبنان، بسبب المقاومة”، فيما “يرسل العالم الوفود بسبب الجبهة الجنوبية”.
وفي هذا الإطار، بيّن السيد نصر الله أنّ “زيارات الموفدين الغربيين إلى لبنان لها هدف وحيد، وهو حماية إسرائيل وإعادة المستوطنين إلى الشمال”، مضيفاً أنّ “الوفود الغربية تتبنّى الورقة الإسرائيلية بالمطلق، وتكتفي بتقديمها إلى لبنان”.
كما أضاف أنّ “الوفود الغربية لا تتناول في أوراقها أي أمرٍ يتعلّق بما يحصل في غزّة من عدوان وجرائم ومجاعة، وتتجاهل أي حديثٍ سوى عن أمن الإسرائيلي وعودة المستوطنين”.
وإزاء ذلك، رأى السيد نصر الله أنّه يمكن اختصار مبادرات وطروحات الوفود الغربية بـ”علينا الدفع سلفاً، وعالوعد يا كمّون”، مضيفاً أنّ هذه الوفود، “التي تستعين بتصريحات إسرائيلية، تحاول التهويل علينا”.
كذلك، شدّد الأمين العام لحزب الله على أنّ “المكاسب السياسية التي يتم التلويح بها لنا، من هنا وهناك، لن تؤثّر علينا، ولن تجعلنا نوقف الجبهة”.
إلى جانب ما سبق، أكّد السيد نصر الله أنّ الاحتلال الإسرائيلي “ليس في موضع فرض الشروط على لبنان، بل هو الضعيف والمأزوم”، داعياً الجانب اللبناني في المقابل إلى “وضع شروطٍ إضافيةٍ، غير تنفيذ القرار 1701”.
وأشار السيد نصر الله إلى وجود “جوٍّ كبيرٍ من التهويل في لبنان، يشارك فيه سياسيون وشخصيات، يرقى إلى مستوى الانحطاط الأخلاقي والسفالة”، لافتاً أيضاً إلى أنّ “هناك أطرافاً في لبنان تهوّل على أهل الجنوب ببدء الحرب، وهذا يُعدُّ أسفل السافلين”.
وتوجّه السيد نصر الله إلى هؤلاء مؤكّداً: “مهما هوّلتم علينا، فلن نرضخ وحتى لو نفّذتم حرباً علينا، فنحن لن نوقف جبهة الجنوب حتى يتوقّف العدوان على غزة”.
ولفت الأمين العام لحزب الله إلى أنّ “ثمّة من يتصّل بأهل الجنوب، ويدعو إلى إخلاء المنازل وزرع البلبة خدمةً للعدو”، حاثّاً على “الانتباه إلى الحرب النفسية التي يشنّها العدو وأطراف يخدمونه، وإلى ما يُشاع في مواقع التواصل بهدف تخويف الناس، والمسّ بإرادتهم وموقفهم”.
“نقاتل في الجنوب وعيننا على غزّة.. وكلّ الاحتمالات مفتوحة”
إضافةً إلى ذلك، جدّد السيد نصر الله “أنّنا نتابع كلّ التطورات في المنطقة، وكل الاحتمالات مفتوحة”، مضيفاً “نحن نقاتل في الجنوب، وعيننا على غزة”، ومؤكّداً أنّ إطلاق النار “سيقف في الجنوب عند إيقاف العدوان وإطلاق النار في غزّة”.
وردّ السيد نصر الله على تهديدات وزير أمن الاحتلال، يوآف غالانت، قائلاً: “إذا لم ترد وقف الحرب معنا، فأهلاً وسهلاً”. وأضاف أنّ غالانت قال إنّه “سيكمل في الجنوب”، مؤكّداً أنّ المقاومة “تكمل في الجنوب” أيضاً.
وأضاف أنّ المقاومة “ستعود إلى المعادلات التي كانت قائمةً ، وستكون ردودنا متناسبة وهي دائماً فعّالة ومؤثرة، حين يوقف العدو الحرب على غزّة”، محذّراً من أنّه إذا “نفّذ العدو تهديداته ضدّنا، عليه أن يدرك أن المئة ألف مستوطن الذين غادروا الشمال لن يعودوا”.
كما حذّر “من يهدّدنا بتوسيع الحرب”، مؤكداً “أنّنا “سنوسّع إذا وسّع، وإذا اعتقد أنّ المقاومة قد تشعر بخوف، فهو مشتبه تماماً”.
وشدّد السيد نصر الله على أنّ “المقاومة اليوم أكثر يقيناً وأشدّ عزماً على الاستعداد لمواجهة العدو، على أي مستوى كان”، مؤكّداً أنّ على “العدو أن يمارس فعل الهزيمة، ويوقف العدوان على غزة”، واصفاً هذا الأمر بـ”الانتصار بحدّ ذاته لمحور المقاومة”.
وفي ردٍ على وزير الأمن الإسرائيلي، قال السيد نصر الله إنّ عليه أنّ “يدرك أنّه إذا شنّ حرباّ علينا، فإنّه سيكون لديه مليونا نازح من الشمال، وليس مئة ألفٍ فقط”.
“مسؤوليتنا هي المحافظة على الإنجازات”
وفيما خصّ المناسبة، أكّد الأمين العام لحزب الله أنّ جرحى المقاومة “الشريحة الغالية من المضحين”، متحدّثاً عن أسرى المقاومة أيضاً، الذين ” أياماً طويلةً في السجون”.
وأشار السيد نصر الله أيضاً إلى أنّه “ما زال لدينا عدد من الملفات العالقة مع العدو”، مثل قضية الأسير اللبناني في سجون الاحتلال، يحيى سكاف.
كذلك، أكّد السيد نصر الله أنّ “هذه الجراح والدماء صنعت لشعبنا ولوطننا الكثير من الإنجازات الحقيقية”، مشدّداً على أنّ مسؤوليتنا هي “المحافظة على الإنجازات”.
وأضاف: “الجرحى والأسرى هم أولى الناس بالحفاظ على الإنجازات، لأنّهم شركاء بذلك، والمقاومة هي جزء من وجودهم وكرامتهم”.
كما شدّد الأمين العام لحزب الله على أنّ “أسرانا اليوم، بحمد الله، كلهم تحرّروا ببركة تضحيات المقاومة”، لافتاً إلى أنّ ما يعيشه محور المقاومة اليوم، “من مواقع قوة واقتدار في العديد من الجبهات، هو ببركة انتصار الثورة الإسلامية في إيران”.
وفيما يتعلّق بالثورة الإسلامية في إيران، التي تصادف هذه الأيام ذكرى انتصارها، بارك السيد نصر الله “للإخوان في الحرس الثوري يومهم وعيدهم”، مؤكّداً أنّهم “بحق، ومنذ البداية، السند الحقيقي والداعم القوي لكل حركات المقاومة”.