أمد/ واشنطن: قالت مجلة “ناشونال ريفيو” إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يشكل أزمة حقيقية، فقد كان آخر رئيس يترشح للانتخابات لولاية ثانية، ويكون عاجزاً بوضوح عن أداء فترة رئاسية أخرى لمدة 4 سنوات هو روزفلت عام 1944، ولكن روزفلت كان في خضم إدارة حرب عالمية ببراعة، واتضح أنه اختار نائبه بحكمة وفطنة.
قدرة بايدن على أداء واجباته العامة تدهورت بالفعل
وأضافت المجلة الأمريكية في افتتاحيتها: “كان التدهور العقلي والجسدي لبايدن واضحًا لفترة من الزمن، وكان أكثر إثارةً للقلق خلال الأسابيع الماضية، ويُسلِّط تقرير روبرت هور، الخاص بسوء تعامل بايدن مع وثائق سرية، الضوء على حالته المتدهورة.
ففي جملة صادمة، قال هور إن فريقه استنتج أنَّ المحلفين سيعتبرون بايدن “رجلاً مسناً عطوفاً وحسن النية يعاني من ذاكرة ضعيفة”. وبالطبع، شملَ التقرير تفاصيلَ دامغة عن عدم قدرة بايدن على تحديد السنوات التي أمضاها نائباً للرئيس، ولا السنة التي مات فيها ابنه بو، وهو ما دعاه إلى عقد مؤتمر صحافي، صبّ فيه غضبه على التقرير.
غضب في غير محله
ووُجّهت انتقادات شديدة إلى هور لإدراجه هذه المادة في تقريره. وهذا الغضب في غير محله، بحسب الافتتاحية، حيث يشير التقرير إلى أنَّ هور كان بإمكانه تبرير التوصية بتوجيه الاتهام إلى بايدن بارتكاب جرائم خطيرة (وجدَ هور أن بايدن أساء التعامل عمداً مع المعلومات الاستخباراتية السرية لسنوات، ومع ذلك فإن القانون المعمول به يتطلب من المُدَّعين العامين إثبات الإهمال الجسيم فقط، وهو معيار أقل صعوبة ومشقة).
فضلاً عن ذلك، فقد طُلب من هور بموجب اللوائح تقديم تقرير سريّ يشرح منطقه، ثم يقرر النائب العام ما إذا كان سينُشر أم لا. وأمسى إصدار مثل هذه التقارير القاعدة المعمول بها على مر السنين، وقرر المدعي العام ميريك غارلاند نشره دون أي تنقيحات.
وقالت الافتتاحية إن جريمة هور الحقيقية هي إجراء مقابلة مع بايدن على انفراد والتصريح بالحقيقة عمّا رآه. جدير بالذكر أن أحداً لم ينكر التفاصيل. ولا شيء في أداء بايدن العلني، بما في ذلك مؤتمره الصحافي، الذي تضمن العديد من الهفوات والزلات الواضحة، يشير إلى أنه افتراء. إن ارتباك الرئيس في المناسبات العامة، وضعف ذاكرته وأخطاؤه اللفظية ومشيته المتعثرة كلها أمور تشير إلى تدهور جسدي وإدراكي جسيم.
وأضافت المجلة أن قدرة بايدن على أداء واجباته العامة تدهورت بالفعل، ومن المفترض أن تتراجع أكثر بمرور الوقت، في حين أنه لا توجد طريقة للوقوف على أدائه خلف الأبواب المغلقة. ستكون حالته مثيرة للقلق بما فيه الكفاية، إذا كان يشغل منصب نائب وزير الخارجية، ناهيك عن المنصب الأكثر مشقة على سطح هذا الكوكب الذي يصيب رجالاً أصغر عمراً بالهرم، ويكسر شوكتهم في بعض الأحيان.
ضرر جسيم
ولفتت الافتتاحية إلى أن سعي بايدن وراء فترة رئاسية تمتد 4 سنوات أخرى في هذا المنصب يمثل ضرراً جسيماً للجمهور. فإذا فاز بايدن، وهو احتمال قائم جداً بالنظر إلى أنه يخوض الانتخابات في مواجهة خصم عليه علامات استفهام عديدة في مناخ اقتصادي متحسن، فسيستحيل أن يصدِّق أحد أنه سيكون قادراً على أداء هذه المهمة خلال ولاية أخرى.
ويشير التاريخ إلى أن المقربين من البيت الأبيض نادرًا ما يكونون صريحين بشأن اعتلال صحة الرئيس، ما يثير احتمالات بذل جهود حثيثة للتغطية على رئيس عديم الكفاءة. وهذا من شأنه أن يشكل أزمة مستمرة.
ومن ناحية أخرى، إذا اضطر بايدن إلى تسليم زمام الأمور إلى نائبة الرئيس كامالا هاريس، فستمثل هذه الخطوة ترقيةً لرئيس لم يُنتخب لهذا المنصب. وغني عن القول أن هذه لن تكون خطوة إيجابية للسياسة الأمريكية، خاصةً إذا كان الديمقراطيون قد أمضوا القسم الأكبر من الحملة في نبذ احتمال أن تصبح هاريس رئيسة بهذه الطريقة.
وقالت الافتتاحية إن بايدن أكبر من أن يضطلع بهذه المهمة. وكان ينبغي له أن يتوصل هو وزوجته جيل إلى هذا الاستنتاج العام الماضي ويرفضان إطلاق حملة أخرى. لو فعلا ذلك، لكان بإمكانه الخروج من المشهد السياسي رجلَ دولة أكبر سناً اتخذ قرار نكران الذات، بعد أن أنقذ الدولة من ترامب وارتقى بالأوضاع الاقتصادية إلى وضع أفضل. وكان من الممكن أن تتاح الفرصة لكثير من المرشحين للظهور والتنافس في ظل عملية انتخابية تنافسية. لقد ضاعت الآن فرصة الإقدام على أي خطوة بديهية كهذه، غير أنّ بايدن لا يزال مدينا للبلاد بالانسحاب من سباق 2024 الرئاسي.
بايدن وضرورة التنحي
واختتم المجلة افتتاحيتها بالقول: “إذا لم يستطع بايدن الاستمرار في أداء هذه المهمة، فلا ينبغي له أن يسعى للحصول على المنصب. قد يُخيَّل إليه أنه الديمقراطي الوحيد الذي يمكنه هزيمة دونالد ترامب أو تنفيذ أجندة الديمقراطيين.
وبحسب ما جاء على لسان ديغول في مقولته الشهيرة، المقابر ملأى بالرجال الذين لا غنى عنهم. إننا نتمنى لجو بايدن سنوات عديدة سعيدة مقبلة، لكن شرط أن يمضيها متقاعداً كي لا يكون للآثار الحتمية لهرمه تبعات وخيمة على الشعب الأمريكي”.