أمد/
واشنطن: يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن اختباراً صعباً في الانتخابات التمهيدية في ميشيغان الأسبوع المقبل، حيث تتصاعد الأصوات التي تطالب بمعاقبته في الانتخابات والتصويت ضده، سواء من الجالية العربية الكبيرة في الولاية، أو من الليبيراليين الديمقراطيين.
ويشعر بعض حلفاء بايدن بالقلق الكبير من التصويت ضده، إذ يمكن لهذه الخطوة أن تكون آثارها كبيرة على الانتخابات الرئيسية، خاصة إذا لم يغير بايدن موقفه تجاه الحرب في غزة، وفق تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وولاية ميشيغان معروفة بالعدد الكبير من النشطاء السياسيين الذين ينحدرون من أصول عربية، بالإضافة إلى الحركة الطلابية التقدمية المعارضة للحرب الإسرائيلية، ما يزيد من المخاطر التي يواجهها بايدن في هذه الانتخابات.
وأفادت "نيويورك تايمز" بأن هناك تحذيرات لبايدن من أن الإحباط بشأن الموقف الأميركي من حرب غزة، قد انتشر إلى ما هو أبعد من مدن ديربورن وضواحي ديترويت، التي تعد قلب الجالية العربية في ميشيغان، إذ وصلت إلى الجامعات في الولاية.
وحذرت حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر، من أن "كل صوت لا يدعم جو بايدن يزيد من احتمال وصول ترامب للرئاسة"، مضيفة أن "أي صوت لا يتم الإدلاء به، أو يتم منحه لطرف ثالث، أو يتم الإدلاء به لإرسال رسالة، يزيد من احتمال أن يكون ترامب رئيساً".
"عقاب بايدن"
ومع اقتراب العد التنازلي للانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر المقبل، تضيق مساحة "المناورة السياسية" للرئيس الأميركي أمام الناخبين العرب.
ورغم أن بعض هؤلاء انحازوا لبايدن في الاستحقاق الذي أوصله إلى البيت الأبيض في مواجهة الرئيس السابق دونالد ترامب، إلا أن موقف الولايات المتحدة من الحرب، جعل قطاعاً من الناخبين العرب ينظرون إلى "عقاب بايدن" انتخابياً كقرار "تم حسمه" بغض النظر عن هوية المرشح البديل.
وفي ديربورن بميشيغان، حيث غالباً ما تستخدم اللغة العربية في المتاجر، يؤكد كثير من السكان أن حرب غزة تصيبهم في الصميم، وينوون "معاقبة" الرئيس جو بايدن في صناديق الاقتراع بسبب دعمه لإسرائيل، وفق وكالة "فرانس برس".
والثلاثاء، استخدمت الإدارة الأميركية مجدداً حق الفيتو في مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار تقدمت به الجزائر، ويطالب بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
وأمام أحد المساجد في ضاحية ديترويت، التي ينحدر جزء كبير من سكانها من أصول عربية ومسلمة، توزع سمراء لقمان منشورات. وتقول الشابة: "صوتوا لفلسطين وليس لبايدن". ويرد أشخاص عدة من بينهم "بالتأكيد".
"تخلوا عن بايدن"
سمراء لقمان، هي من المسؤولين في حملة "تخلوا عن بايدن" (Abandon Biden) في ميشيغان إحدى الولايات الرئيسية التي ترجح نتيجة الانتخابات الرئاسية، وحيث لكل صوت وزن. وهدف سمراء بسيط: إسقاط بايدن في الانتخابات التي يحاول فيها الفوز بولاية ثانية في الخامس من نوفمبر.
وتؤكد الناشطة اليمنية الأصل، أن الرئيس الديمقراطي "ليس فقط متواطئاً في الإبادة بل يرتكب الإبادة ويمولها" من خلال توفير المساعدة لإسرائيل.
في 2020، فاز بايدن في ولاية ميشيغان في مواجهة الجمهوري دونالد ترامب، إلا أن استطلاعاً للرأي أظهر قبل فترة قصيرة أن بايدن يتخلف عن خصمه هذه السنة.
وفي نوفمبر الماضي، كشفت استطلاعات أجرتها صحيفة "نيويورك تايمز" بالاشتراك مع كلية "سيينا كوليدج"، عن تراجع شعبية الرئيس الأميركي جو بايدن، أمام سلفه دونالد ترامب في 5 من الولايات الست الأكثر أهمية في السباق الرئاسي، وذلك قبل عام واحد من الانتخابات الرئاسية.
ويواجه بايدن شكوكاً هائلة حول عمره، واستياءً شديداً من طريقة إدارته للاقتصاد، ومجموعة من القضايا الأخرى، في مقدمتها: الحرب على غزة، وخاصة بعد استطالة أمدها، وتفاقم تداعياتها الكارثية.
وتضيف لقمان: "السبيل الوحيد لكي أصوت لبايدن هو في أن يعيد 30 ألف شخص إلى الحياة" في إشارة إلى عدد الذي قضوا في الحرب الإسرائيلية على غزة.
وتواصل إسرائيل منذ السابع من أكتوبر حرباً مدمرة على قطاع غزة، قتلت فيها قرابة 30 ألف فلسطيني، غالبيتهم من الأطفال والنساء.
وتحث لقمان الناخبين على عدم اختيار بايدن خلال الانتخابات التمهيدية الديمقراطية في 27 فبراير في ميشيغان، بل التصويت بورقة بيضاء أو كتابة "فلسطين حرة" على البطاقة.
ويؤكد عباس علوية الناطق باسم "أنصتوا إلى ميشيغان" (Listen to Michigan) لوكالة "فرانس برس"، أن "الهدف هو ممارسة الضغط على الرئيس لكي يطالب بوقف إطلاق نار دائم"، وأن نظهر له أن الناخبين الذين ساهموا في فوزه يمكنهم سحب دعمهم له.
وهذه المبادرة التي وجهت نداءً لمقاطعة بايدن خلال الانتخابات التمهيدية شكلها كثيرون، منهم ليلى العبد، شقيقة النائبة الديمقراطية عن ميشيجن رشيدة طليب الفلسطينية الأصل.
وقال علوية، المولود في لبنان: "ضمن هذه المجموعة تضرر الكثير من الناس مباشرة بالحرب".
وحذر عباس علوية، الذي كان مدير مكتب نواب يساريين في واشنطن لسنوات عدة، من أن الديمقراطيين "قد يخسرون هذه المجموعة ليس فقط في نوفمبر، بل لجيل كامل ربما".
وأتى محمد العمارة، طالب الطب (23 عاماً)، ومن أصول عراقية، لحضور لقاء ديني روحاني في مدرسة.
وقد صوت الشاب في 2020 لصالح بايدن، لكنه يقول اليوم: "كان ذلك أسوأ خطأ في حياتي" مؤكداً: "لا يمكنك قتل 30 ألف شخص وأن تتوقع أن نصوت لك". ويشدد على أنه حسم أمره بالنسبة لانتخابات الخامس من نوفمبر، مضيفاً: "لن أصوت أبداً" لبايدن بعد الآن.
ومع أنها صوتت لصالح الديمقراطيين في الانتخابات الأخيرة، تؤكد الممرضة فاطمة الصغير (27 عاماً) أنها مستعدة للتصويت لترامب. وتوضح: "أظن أنني سأختار أهون الشرين، وراهناً ترامب هو أهون الشرين".
وإزاء عدم الفهم الذي غالباً ما يثيره خيار التصويت لترامب، الذي أصدر خلال ولايته السابقة مرسوماً مثيراً للجدل حول الهجرة استهدف دولاً إسلامية (حظر المسلمين)، تقول سمراء لقمان إنها تدرك جيداً الرهان. وأضافت: "نحن لسنا أغبياء. هدفي هو معاقبة بايدن. أنا نجوت من حظر المسلمين، إلا أن أطفال غزة لم ينجوا من جو بايدن".
"يجب أن يستيقظ"
في هذه المنطقة التي تعتبر مهد صناعة السيارات، يعرب الكثير من العمال، وغالبيتهم أعضاء في نقابات مع ميول يسارية، عن غضبهم أيضاً.
يعمل مروان بيضون في مصنع للفولاذ، وهو عضو في اتحاد عمال مصانع السيارات UAW الذي أعلن دعمه للرئيس الأميركي الحالي.
ويؤكد بيضون أنه "غاضب جداً" من دعم بايدن لإسرائيل، وأعلن أنه سيتوقف عن المساهمة في صندوق التحرك السياسي لـUAW، لكنه سيبقى عضواً فيه.
وبقي بيضون لفترة طويلة "مؤيداً جدا للديمقراطيين" ومن كبار مناصري الحركة النقابية، غير أنه يفضل عدم القول كيف سيصوت في الانتخابات الرئاسية، لكنه يشدد على أن بايدن "يجب أن يستيقظ" وأن يغير سياسته إن أراد الحصول على تأييده.