أمد/
لندن: رفض نائب رئيس الوزراء البريطاني، أوليفر دودون، في مقابلة مع بي بي سي، تعليقات عضو البرلمان عن حزب المحافظين، لي أندرسون، التي انتقد فيها عمدة لندن، وقال دودون إن خطأ أندرسون أنه لم يعتذر.
وكانت الحكومة قد علقت عضوية أندرسون في البرلمان عن الحزب بعد رفضه الاعتذار عن قوله إن عمدة لندن صادق خان يخضع لسيطرة “الإسلاميين”.
وأضاف دودون أنه يفهم أن تعليقات أندرسون “تسببت في الإساءة … وأنها خاطئة”.
وفاز لي أندرسون بعضوية البرلمان في عام 2019 عن دائرة أشفيلد، لكنه سيصبح بعد قرار تعليق عضويته عن حزب المحافظين نائبا مستقلا.
ماذا حدث؟
أدلى أندرسون ببعض التعليقات على قناة “جي بي نيوز” البريطانية يوم الجمعة الماضي، بحسب ما ذكره المحرر السياسي في بي بي سي بول سيدون، خلال مناقشة بشأن تعامل شرطة العاصمة، في أعقاب احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين خارج البرلمان.
وسُئل أندرسون خلال مقابلة القناة له عن تعليقات وزيرة الداخلية السابقة، سويلا برافرمان، لصحيفة ديلي تلغراف التي قالت فيها إن المظاهرات أظهرت أن الإسلاميين “يتحكمون بزمام الأمور” في البلاد.
ماذا قال أندرسون؟
قال أندرسون ردا على ذلك: “لا أعتقد أن الإسلاميين سيطروا على بلادنا، لكن ما أعتقده هو أنهم سيطروا على (صادق) خان، وسيطروا على لندن، كما سيطروا على كير ستارمر ( زعيم حزب العمال)”، بحسب ما ذكره محرر بي بي سي توماس ماكنتوش.
وأضاف أندرسون: “يأتي الناس بالآلاف، ويفعلون أي شيء يريدونه، إنهم يستغلون شرطتنا. وسبب ذلك هو خان، الذي سلم عاصمتنا لزملائه”.
وعبر أندرسون – كما قال ماكنتوش – عن تقديره لموقف الحزب، قائلا إن الحزب لم “يكن لديه خيار” سوى إيقافه عن العمل، نظرا إلى “الموقف الصعب” الذي فرضه أمام الحكومة. لكنه لم يعتذر عما قاله.
وأضاف أنه “سيواصل دعم جهود الحكومة للقضاء على التطرف بجميع أشكاله، سواء أكان ذلك معاداة السامية أم كراهية الإسلام”.
من هو صادق خان وكيف كان رده؟
يتولى صادق خان منصب عمدة لندن منذ 2016. وهو سياسي بريطاني مسلم من أصل باكستاني، وعضو في حزب العمال. وكان أول بريطاني مسلم يتولى هذا المنصب، وهو أيضا عضو في البرلمان عن دائرة توتينغ في لندن منذ عام 2005.
درس خان القانون وعمل بالمحاماة.
من الأقوال المشهورة التي تنسب إليه: “أنا فخور بأنني مسلم. أنا لندني وبريطاني من أصول باكستانية. وأنا أب وزوج ومشجع لنادي ليفربول منذ زمن طويل. أنا كل هذا”.
يخوض خان الانتخابات لمنصب عمدة لندن للمرة الثالثة في مايو/أيار 2024. وربما يكون التنافس على هذا المنصب بين حزب العمال، الذي مازال يحتفظ به، وحزب المحافظين، الذي يطمح إلى الفوز به، أحد أسباب المواجهة الأخيرة.
وينقل آرشي ميتشيل في صحيفة الإندبندنت عن خان قوله: “آخر ما أريده هو تكرار حملة مثيرة للانقسام والعنصرية والمعادية للإسلام التي شنها المحافظون في لندن عام 2016”. وأضاف: “لقد طفح الكيل، وحان الوقت لكي يوقف المحافظون الانحطاط الأخلاقي الذي لا ينتقص من حزبهم فحسب، بل من القيم التي تفتخر بها بلادنا .. وهي الانفتاح واللياقة والاحترام المتبادل”.
وقال خان في رده على تعليقات أندرسون إنها كانت “معادية للإسلام وللمسلمين وعنصرية. وإنها تشعل نار الكراهية ضد المسلمين”، بحسب ما ذكره ماكنتوش.
ولم ينتقد خان أندرسون فحسب، بل أدان رئيس الوزراء البريطاني أيضا، ريشي سوناك، وحكومته بسبب ما وصفه بـ”الصمت المطبق” حيال هذه المسألة.
وعقب خان على تعليق عضوية أندرسون قائلا إن سبب تقاعس رئيس الوزراء عن إدانة تصريحات النائب لا يزال أمراً غير واضح حتى الآن.
وقال خان على وسائل التواصل الاجتماعي يوم الأحد إن بيان سوناك لم يذكر “الكراهية ضد المسلمين على الإطلاق”.
وأضاف بأن تعليقي سويلا برافرمان ولي أندرسون “مثالان لتمكين الكراهية ضد المسلمين في حزب المحافظين. في الأشهر الأخيرة شهدنا ارتفاعاً مرعبا في الكراهية تجاه الجاليتين اليهودية والمسلمة. العنصرية هي العنصرية. ويجب الآن أكثر من أي وقت مضى أن نسعى إلى توحيد بلادنا. ويجب ألا يكون هناك أي تسامح مطلقاً مع سياسة الفرقة”.
موقف حزب المحافظين
وكان رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، قد أصدر بيانا مساء السبت، لم يتطرق فيه إلى أندرسون، قال فيه إن “موجة التحيز ومعاداة السامية” زادت عقب هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وأضاف أن الاحتجاجات التي تلت ذلك في الأسابيع الأخيرة “استغلها متطرفون للترويج للإرهاب وتمجيده”.
وقال دودن، نائب رئيس الوزراء، في مقابلته مع بي بي سي إن ما قالته برافرمان “لا يتجاوز الحدود بالطريقة التي فعلتها تعليقات لي أندرسون”.
وقال مصدر من حزب المحافظين لبي بي سي في وقت سابق إن: “أندرسون كان ببساطة يشير إلى أن عمدة لندن، بوصفه المسؤول عن الشرطة والجريمة في لندن، أخفق إخفاقا شديدا في السيطرة على المسيرات الإسلامية المروعة التي شهدناها في لندن في الفترة الأخيرة”.
لكن نيل غارات، زعيم حزب المحافظين في مجلس مدينة لندن، نفى أن يكون صادق خان “إسلاميا، أو يسيره الإسلاميون، وأنا لا أتفق مع أي شخص يقول خلاف ذلك”.
كيف كان رد المسلمين في بريطانيا؟
رحب المجلس الإسلامي البريطاني بإيقاف عضوية أندرسون، لكنه عبر عن القلق لأن الإجراء اتخذ بسبب “رفض الاعتذار، وليس بسبب الإدلاء بتصريحات عنصرية في المقام الأول”.
ودعا المجلس حزب المحافظين إلى إجراء تحقيق داخلي.
وقال أمين عام المجلس، زارا محمد، لبي بي سي: “وجهة نظرنا هي أن كراهية المسلمين، ‘إسلاموفوبيا’، داخل الحزب أمر معروف، لكن القيادة تتسامح معه ويعد مقبولاً لدى قطاعات كبيرة من أعضاء الحزب”.
انتشار كراهية المسلمين بعد حرب غزة
قالت منظمة “تل ماما” البريطانية الخيرية إن الكراهية ضد المسلمين في المملكة المتحدة تضاعفت أكثر من ثلاثة مرات خلال الأشهر الأربعة التي تلت هجمات حماس.
ووثقت المنظمة، بحسب ما قالته سارة مونيتا من بي بي سي، 2010 حوادث معادية للإسلام في الفترة ما بين 7 أكتوبر/تشرين الأول و7 فبراير/شباط، وهو ارتفاع حاد يزيد بنحو 600 حادثة عما سجل في الفترة نفسها من العام الماضي.
وقد تصاعدت الهجمات المعادية للمسلمين واليهود في بريطانيا في أعقاب بدء الحرب بين إسرائيل وحماس.
وتشمل الحوادث التي سجلتها المنظمة ما يلي:
تعرض امرأة مسلمة ترتدي ملابس إسلامية للاعتداء في حافلة في شرق لندن ومخاطبتها بـ “أنتم أيها المسلمون مثيرون للمشاكل”
تهديد مكتوب بالقتل للمصلين في أحد المساجد
تعرض سيارة امرأة للتخريب برسم الصليب المعقوف النازي عليها
وصف نساء مسلمات بـ “الإرهابيات”
وقالت مديرة المنظمة، إيمان عطا، لبي بي سي إن “الأفراد الذين يسيرون في الشوارع يُستهدفون ويُضايقون، وترسم شعارات على الجدران تصف بعض الناس بأنهم “قتلة”، و”إرهابيون”، و”متعاطفون مع حماس”.