أمد/
واشنطن: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا لكاتب العمود فيها إيشان ثارور بعنوان “خطة نتنياهو “لليوم التالي” لغزة غير قابلة للتطبيق”، قال فيه “إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قام أخيرا بما طالب به النقاد منذ فترة طويلة، فأصدر في نهاية الأسبوع الماضي مقترحا لمجلس الوزراء الحربي يوضح رؤية لمستقبل قطاع غزة بعد الحرب.
لكن رؤية نتنياهو المتشددة، التي تتضمن احتفاظ إسرائيل بسيطرة عسكرية غير محددة على المنطقة، انتقدها المحللون؛ باعتبارها محاولة لتأجيل المشكلة واستعادة الوضع الراهن الذي لا يمكن الدفاع عنه”.
وأشار إلى “أن الخطة هي إلى حد كبير مجموعة من المبادئ التي ظل رئيس الوزراء يتحدث عنها منذ بداية الحرب”، كما أشار جاكوب ماجد من صحيفة تايمز أوف إسرائيل، “لكن هذه كانت المرة الأولى التي يتم فيها تقديمها رسميا إلى مجلس الوزراء للموافقة”.
وأوضح بعض نقاطها الأساسية وهي:
سيبقى الجيش الإسرائيلي في غزة ما دام الأمر يتطلب نزع سلاح القطاع، والقضاء على حماس، ومنعها من إعادة تجميع صفوفها.
سوف تتولى إسرائيل سيطرة أكبر على الحدود الجنوبية لغزة، بالتعاون مع مصر “قدر الإمكان”، وسوف تقيم مناطق عازلة على الحدود لمنع التهريب والمزيد من الهجمات.
سيتم حل وكالة المعونة الأساسية التابعة للأمم المتحدة في غزة والضفة الغربية واستبدالها. وتتهم إسرائيل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) بالتواطؤ مع حماس وتعزيز كراهية اليهود.
يرفض الاقتراح أي اتفاق دائم مع “الفلسطينيين” لا يتم التوصل إليه من خلال المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وكذلك أي دولة فلسطينية “أحادية الجانب”.
وأكد الكاتب على أن “أن الكثير من هذا يتعارض مع التوقعات المعلنة للولايات المتحدة والحكومات الأوروبية والعربية”.
وأشار إلى أن إدارة بايدن زعمت “مرارا وتكرارا على أنه لا ينبغي لإسرائيل أن تبقي على احتلالها إلى أجل غير مسمى لغزة، وتريد أن ترى السلطة الفلسطينية تتولى مسؤولياتها هناك، كما رفضت مصر أي دور إسرائيلي على حدودها مع غزة”.
وأكد ثارور “أن الأونروا مؤسسة حيوية لتوصيل الخدمات إلى الملايين من الفلسطينيين، خاصة في غزة، وعلى الرغم من كل الجدل الدائر حول بعض موظفيها، فمن الصعب أن يتم استبدالها”.
ونوه إلى أنه في الضفة الغربية، رفض مسؤولو السلطة الفلسطينية نهج نتنياهو، حيث قال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إن الخطط التي اقترحها نتنياهو تهدف إلى استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية ومنع قيام الدولة الفلسطينية.
وأكد على أن “إسرائيل لن تنجح في محاولاتها لتغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي في قطاع غزة”.
وأضاف الكاتب: قدم رئيس وزراء السلطة الفلسطينية الاثنين استقالة حكومة الكيان المحاصر بأكملها، حيث تتطلع الولايات المتحدة والحكومات الأخرى إلى الإصلاح وملء الفراغ بعد توقف القتال في نهاية المطاف.
وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية لا تحظى بشعبية كبيرة بين الفلسطينيين بسبب دورها كخادمة للاحتلال الإسرائيلي، فضلا عن الفساد المزعوم لنخبها السياسية الراسخة. لكنها الوحيدة التي يمكن التعامل معها.
ونقل الكاتب عن صحافيين قولهم، “إن هذه الخطوة تأتي بعد أشهر من المداولات المكثفة بين رام الله وواشنطن والدول العربية حول أفضل السبل لتعزيز شرعية وكفاءة السلطة الفلسطينية حتى تتمكن من أن تكون جزءا من حل ما بعد الحرب في غزة”.
وأضافوا، “لقد تقارب الإجماع حول رؤية لدور رئيس وزراء متمكن وحكومة تكنوقراط، مع كبح بعض السلطات المطلقة التي تراكمت حول عباس البالغ من العمر 88 عاما، وفقا لمسؤولين أمريكيين وفلسطينيين”.
وبحسب ثارور، “فمهما حدث هناك، فقد أشار نتنياهو إلى رفضه الشامل لأي حلول من شأنها تمكين الفلسطينيين فهو يعارض سيطرة السلطة الفلسطينية على غزة، ويعارض أي حديث عن إعادة الإعمار في غزة دون برنامج غير متبلور لإزالة التطرف في المنطقة ويعارض أي مناقشة حول إقامة دولة فلسطينية في أعقاب الصراع”.
ويرى أنه “على كل هذه الجبهات، يمكن لنتنياهو أن يجادل بشكل مبرر بأنه يتماشى مع الرأي العام الإسرائيلي، لكن مواقفه تتعارض مع مواقف الولايات المتحدة والشركاء الأوروبيين وجيران إسرائيل العرب”.
وذكر أن الدول الغنية مثل الإمارات والسعودية ربطت الاستثمار المحتمل في إعادة إعمار غزة بإحياء المسار السياسي الذي من شأنه أن يؤدي إلى إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، فيما تريد إدارة بايدن أيضا تعزيز احتمالات حل الدولتين الذي أمضى نتنياهو عقودا في تقويضه.
وأشار الكاتب إلى قول ألون بنكاس، وهو دبلوماسي “إسرائيلي” كبير سابق، إن اقتراح نتنياهو “يتسق” مع سجل نتنياهو في “التلاعب والتهويل”.
وذكر أن بنكاس خلص إلى أن خطته “لليوم التالي هي في الواقع رفض لخطة بايدن، وهي قائمة من التصريحات التي تشكل سيطرة إسرائيلية مفتوحة على غزة دون أي جانب إيجابي سياسي”.
ولكن ثارور استدرك بالقول إنه “بهذا المعنى، فهي أيضا محاولة لإعادة إسرائيل إلى 6 تشرين الأول/ أكتوبر – وهو الوضع الراهن المحموم حيث احتفظت إسرائيل بالسيطرة على حياة ملايين الفلسطينيين إما تحت الاحتلال أو الحصار الاقتصادي”.
وأشار إلى ما كتبته نوعا لانداو في صحيفة هآرتس: “خطة نتنياهو لليوم التالي هي أنه لا توجد خطة لليوم التالي. في عهد نتنياهو، من المقدر للإسرائيليين والفلسطينيين، كما في فيلم ‘يوم جرذ الأرض’، أن يستيقظوا صباح أمس. إنه يريد ما أراده دائما: إدارة الصراع دون حله على الإطلاق”.
ولفت إلى أنه “ربما يحاول نتنياهو، الذي يواجه معدلات تأييد منخفضة قياسية، ببساطة كسب الوقت، وتفادي ضغوط إدارة بايدن مع الحفاظ على ائتلاف يميني متنوع يساعده على البقاء في السلطة”.
ونوه إلى ما قالته نومي بار يعقوب، الزميلة المشاركة في مركز تشاتام هاوس البحثي البريطاني، لبي بي سي، من أن “الخطة غير قابلة للتنفيذ، ولا أعتقد أنها ستحدث، فنتنياهو يتحدث مع ائتلافه اليميني”.
وذكر أنه خلال عطلة نهاية الأسبوع، “أعلنت الحكومة الإسرائيلية عن خطط لتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية، حتى بعد أن اعتبرت إدارة بايدن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير متوافقة مع القانون الدولي وهو عكس لسياسة عهد ترامب المنحازة للمستوطنين”.
وأكد الكاتب على أن توسيع المستوطنات، التي تقسم الضفة الغربية بطرق معزولة وغيرها من البنية التحتية المدنية، يعتبر حجر عثرة رئيسيا أمام ظهور أي دولة فلسطينية قابلة للحياة. وهذا أحد الأسباب التي تجعل العديد من الخبراء يشككون في الثرثرة المتجددة بشأن حل الدولتين.
وأشار إلى ما كتبه شبلي تلحمي ومارك لينش في مجلة فورين أفيرز الأمريكية من “أن التأثير الرئيسي للحديث مرة أخرى عن الدولتين هو إخفاء واقع الدولة الواحدة، الذي من المؤكد تقريبا أنه سيصبح أكثر رسوخا في أعقاب الحرب”.