أمد/
جدة: شارك وزير الخارجية والمغتربين د.رياض المالكي في أعمال الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والذي جاء بدعوة من المملكة العربية السعودية رئيس القمة الإسلامية الحالية، ودولة فلسطين، والمملكة الاردنية الهاشمية، جمهورية ايران الاسلامية، لبحث عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، الذي عقد اليوم الثلاثاء في مقر الأمانة العامة للمنظمة بجدة.
وقال الوزير د.المالكي في كلمته، إن اجتماع اليوم يأتي والوضع في فلسطين يزداد تدهوراً ومأساويةً أكثر، حيث فرضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سلسلة من الحقائق الكارثية على 2 مليون و300 ألف فلسطيني في قطاع غزة، بما في ذلك، استخدام سياسة التجويع المتعمدة كوسيلة حرب، والتي أودت بحياة ما يقرب من 20 طفلاً ألماً وجوعاً في الأيام القليلة الماضية.
وتوجه د.المالكي بالشكر والتقدير لجميع الدول الأعضاء الذين تداعوا لعقد هذا الاجتماع الاستثنائي ،المملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمية، وجمهورية إيران الإسلامية، الجمهورية الإسلامية الموريتانية رئيس دورة مجلس وزراء الخارجية الحالية، وكافة الدول الأعضاء الأشقاء المشاركين لإدراكهم للمخاطر الحقيقية التي تهدد القضية الفلسطينية، وما يتعرض له أبناء شعبنا في كافة ارض دولة فلسطين بالضفة الغربية بما فيها القدس الشريف وفي قطاع غزة بالتحديد من كارثة إنسانية وإبادة جماعية غير مسبوقة.
كما اشاد وزير الخارجية والمغتربين بالجهود المقدرة والحثيثة التي بذلتها اللجنة الوزارية المشتركة، برئاسة المملكة العربية السعودية، والتي تم تشكيلها خلال القمة، وقامت بعدة زيارات هامة إلى عواصم عدد من الدول وكان لها أيضاً مشاركات بناءة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان. وقد نقل هذا التجمع المهم للدبلوماسية موقفاً عربياً وإسلامياً قوياً وموحداً، بشأن الحاجة الملحة لوقف الحرب وصياغة مسار سياسي واضح للمضي قدماً يضمن وقف الإبادة الجماعية، وعدم تكرارها ويضع حد للنكبة المتواصلة للشعب الفلسطيني. واسست هذه اللقاءات ايضاً لحوار جاد وبناء مع عدد من الدول المؤثرة يتم متابعته وتطويره وصولاً الى الهدف المنشود بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه غير القابلة للتصرف، بما فيها تجسيد دولته المستقلة على ارضه وعاصمتها القدس الشريف.
واشار د.المالكي في كلمته، انه في غضون أربعة أشهر، قتلت إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ما لا يقل عن 30 ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وأصابت أكثر من 80 ألف شخص، ودفنت ما يقرب من 10 آلاف تحت الأنقاض، وأخفت الآلاف قسراً في ظروف مروعة. وأمام أعيُننا وبالبث الحي، دمرت إسرائيل 85% من قطاع غزة، وقتلت الأطفال قصفاً ومرضاً وجوعاً، وحرمت الجرحى والمرضى من أبسط حقوقهم بالنفاد إلى العلاج وأبسط أنواع الأدوية، بما فيها الانسولين وأدوية التخدير والتي تمنع إسرائيل دخولها الى القطاع المحاصر والمدمر.
وأضاف: “80% من الأشخاص الأكثر جوعاً في العالم اليوم يعيشون في غزة”، ولم يبقى مخالفة للقانون الدولي وقواعده الآمرة لم ترتكبها سلطات الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي بحق شعبنا. مؤكداً أن ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من حرب إبادة لا يشكل أزمة للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية فحسب، بل هو أزمة للإنسانية والبشرية جمعاء، وإذا سُمح لهذه المخططات التدميرية بالمرور، فنتائجها ستكون وخيمة على العالم أجمع. وهو ناجم عن إجرام منفلت العقال وإفلات مزمن من العقاب تموله وتدعمه وتحميه وتعذره لعقود من الزمن دول ترى بوضوح أن حياة ومستقبل الشعب الفلسطيني أقل أهمية ويمكن التلاعب بها.
وكرر الوزير المالكي الشكر والتقدير الصادق للتضامن الساحق والنشط الذي أبدته الدول والشعوب في جميع أنحاء العالم، والذي تُرجم إلى إحالة الوضع عدة مرات إلى المحكمة الجنائية الدولية من قبل عدد من الدول، فضلاً عن دعمه للقضية التاريخية النبيلة التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل امام محكمة العدل الدولية بسبب انتهاكاتها الصارخة لاتفاقية الإبادة الجماعية والتي أسفرت عن امر المحكمة بتدابير احترازية مهمة. مطالبا الدول الأعضاء الى طلب المشاركة في إجراءات محكمة العدل الدولية المتواصلة، والتي أعقبتها قضية رفعتها نيكاراغوا في المحكمة ضد ألمانيا بتهمة التواطئ على انتهاك أحكام اتفاقية الإبادة الجماعية والقانون الإنساني الدولي، وأن هذه الإجراءات مهمة وساهمت بشكل كبير في زيادة الضغط على سلطات الاحتلال وداعميها وعزلهم، وإيصال رسالة واضحة مفادها أن غالبية شعوب وحكومات العالم ترفض إجرام إسرائيل واستثنائيتها ولن تستسلم لشلل النظام الدولي، بما فيها مجلس الأمن، الذي يرسخ هذا العدوان الهمجي ويوفر له الوقت والحماية.
وتابع: “لا يمكننا، ولا يجب علينا أن نقف موقف المتفرج ونراقب بينما يتم تفككيك النظام الدولي لتوفير الغطاء والحماية لحرب الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل. والمطلوب منا جميعا تبني نهج جديد للتعاطي مع هذا الواقع. وعلينا، ومن دون أي تردد، أن نواجه الدول التي تواصل تسليح وحماية هذا العدوان بالأفعال. وتحتاج هذه الحكومات إلى تلقي رسالة قوية، ولا لبس فيها، من الأمة مجتمعة ومن كل دولة عضو بشكل منفرد، مفادها أن التواطؤ في الإبادة الجماعية والمعايير المزدوجة التي يتبعونها، سيكون لها عواقب دبلوماسية وسياسية واقتصادية وخيمة”.
وناشد الوزير د.المالكي المجتمعين باستخدام كافة الوسائل المتاحة لوقف الإبادة الجماعية، وقال “لدينا القوة والنفوذ لجعل استمرار هذه الإبادة الجماعية أمراً لا يمكن الدفاع عنه أخلاقياً وسياسياً ومالياً بالنسبة للدول التي تواصل تمكين ودعم هذه الحرب الوحشية، ويجب على الدول المتواطئة في هذه الإبادة الجماعية أن تفهم أن مصالحها وعلاقاتها مع العالم الإسلامي معرضة للخطر، وأن ترى أنه لن يكون هناك عمل كالمعتاد بينما تستمر الإبادة الجماعية في فلسطين، ونناشدكم العمل مع الأصدقاء والحلفاء في جميع أنحاء العالم، وخاصة في دول الجنوب، لتنسيق مثل هذه الإجراءات من أجل توسيع نطاق وحجم العواقب الدبلوماسية والمالية.
وقال د.المالكي إن الإبادة الجماعية التي ترتكب في فلسطين تهدد العالم أجمع، وإذا سمحنا لها بالاستمرار، فإن إسرائيل وداعميها سينجحون في إعادة تعريف عالمنا لأجيال مقبلة حيث يسود حكم العنف والوحشية على حكم القانون والإنسانية، وحيث يتم سحق العدالة بقوة الأطماع الاستعمارية والخارجة عن الحدود الإقليمية للدول المارقة، ولدينا مسؤولية جماعية وتاريخية لوقف هذه الإبادة الجماعية وإنهاء اختطاف النظام الدولي من قبل عدد قليل من الدول، مشدداً على أن “وجود الشعب الفلسطيني على المحك، ولكن كذلك مستقبل أمتنا. ولا يمكننا أن نتحمل عواقب التعثر في مساعينا أو الاستسلام لهذا الواقع الوحشي”.
وقال المالكي إن “الوضع في القدس وبقية الضفة الغربية المحتلة لا يقل سوءاً. فلقد أطلقت قوات الاحتلال وميليشيات المستعمرين العنان لحملة من الإرهاب المنظم والدمار والموت ضد السكان المدنيين، ما أسفر عن مقتل وجرح المئات، بمن فيهم الأطفال، وتسبب في دمار لا يوصف للاقتصاد والبنية التحتية وفقدان أي شعور بالأمن لدى المواطنين الفلسطينيين، علاوة على حملات الخطف والاعتقال واسعة النطاق والإجراءات العقابية بحق الاسرى والمعتقلين الذين يقبعون بالآلاف في معسكرات الاعتقال الإسرائيلية، محرومين من الحقوق والكرامات الأساسية، ويتضورون جوعا بسبب نقص الطعام، ويحرمون من الرعاية الطبية، ومعزولون عن بقية العالم”.
وأضاف: “مع اقتراب شهر رمضان المبارك وعيد الفصح المجيد، أعلنت سلطة الاحتلال عن نيتها فرض المزيد من القيود على الحقوق الأساسية للمؤمنين في فلسطين في الوصول إلى الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية في القدس. فالمدينة المقدسة معزولة عن محيطها الفلسطيني الطبيعي، ويتعرض سكانها الفلسطينيون الأصليون الصامدون لقيود صارمة وانتهاكات متصاعدة وواسعة النطاق. إن هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة الفاشية تتعمد صب الوقود إلى النار، وتهدد بمزيد من تدهور الوضع على الأرض وإغراق المنطقة برمتها في التوترات والعنف والمزيد من الحزن. وأمام الإفلات المزمن من العقاب على جرائمها وانتهاكاتها، أدمنت إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على الإجرام، وهي عازمة على الاستمرار في حملتها القاتلة لتدمير الشعب الفلسطيني بكل الوسائل الفاسدة اللازمة”.
وأشار المالكي إلى أن أكثر من شهر مر منذ أن أمرت محكمة العدل الدولية باتخاذ التدابير المؤقتة، وما زالت قوة الاحتلال تتصرف مع حصانة كاملة وتجاهل فادح للإنسانية وحياة الفلسطينيين والقانون الدولي. وبدلاً من السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة، خفضت إسرائيل المساعدات الواردة إلى النصف في تجاهل تام لأوامر المحكمة. وبدلاً من وقف أي أعمال من شأنها أن تسبب ضرراً جسدياً أو نفسياً للسكان، صعدت إسرائيل حملتها القاتلة، بما في ذلك ذبح 117 مدنياً يتضورون جوعاً عندما تجمعوا لتلقي المساعدات الغذائية لأسرهم فيما بات يعرف بـ”مجزرة الطحين”. ومع ذلك، لا تزال قوة الاحتلال تتمتع بالحماية الدبلوماسية والدعم السياسي والعسكري والمالي من حلفائها. ويظهر ذلك بوضوح الى أي مدى يمكن ان تذهب هذه الدول في التغطية على همجية وعدوان هذا المحتل دون أي اعتبار للتهديد الذي تسببه إزدواجية المعايير بانتهاك النظام الدولي القائم على القانون بشكل كامل ولا رجعة فيه، وجعل الآليات المتعددة الأطراف غير ذات أهمية على الإطلاق.