أمد/
لندن: كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن تنامي المخاوف في مدينة غزة من تحولها إلى "مقديشو جديدة" في إشارة إلى العاصمة الصومالية.
ونقلت الصحيفة في عددها يوم الإثنين، عن مسؤولي الإغاثة والخبراء قولهم إن مدينة غزة باتت تواجه، حالة من الفوضى العارمة مع انهيار آخر بقايا النظام المدني، ما يترك فراغًا تملؤه بشكل متزايد "العصابات المسلحة والعشائر والعائلات القوية والمجرمون" وأضافت أنه "بدأ يظهر في غزة إلى جانب التهديد المستمر بالمجاعة والقصف من قبل القوات الاسرائيلية، عالم وحشي جديد".
وتابعت: "غالبًا ما تظهر في هذا النظام البلطجة والتهديد بالسلاح والسكاكين، وتطال من يحصل على المساعدة الإنسانية ومن لا يحصل رغم الحاجة الشديدة لها".
وأدّى الاستهداف الممنهج لقوات الشرطة في غزة، وإطلاق سراح مئات المعتقلين من السجون في وقت مبكر من الحرب، إلى تفاقم حالة الفوضى.
في السياق ذاته، قال مسؤولو إغاثة غربيون إن الهجمات على الشاحنات المحملة بالأغذية أصبحت منظمة على نحو متزايد، حيث يرصد أفراد العصابات الإجرامية في جنوب غزة تحركات القوافل ويقدمون معلومات بشأنها إلى زعماء العصابات التي تعد كمائن في شمال القطاع للاستيلاء عليها.
وفي وصفهم للمستقبل القريب المحتمل لغزة، استخدم كبار المسؤولين في المجال الإنساني عبارة "مقديشو على البحر المتوسط"، رغم كونهم يرون أن الوقت ربما يكون مبكرًا لمقارنة غزة مع الصومال أو أي دولة أخرى تعاني الفوضى.
وفي حين تقترب إسرائيل من تحقيق هدفها الرئيس من الحرب وهو تفكيك القدرات العسكرية والإدارية لحركة حماس، وفقا لمحللين، لكنها لم تضع بعد خطة قابلة للتطبيق لاستبدال الحكومة السابقة في غزة.
وبحسب تقرير الصحيفة، فإن العديد من المراقبين الآن يعتقدون بشكل متزايد أنه لن يكون هناك "يوم تال" بل أزمة مزمنة، وبالتالي تصبح مسألة تحقيق الاستقرار في القطاع، حتى أثناء الأعمال العدائية، أكثر إلحاحًا.
ويشير المسؤولون الإنسانيون إلى أن انهيار القانون والنظام يهدد الفئات الأكثر ضعفاً ويجعل إيصال المساعدات للجميع أكثر صعوبة، وقد وُصفت قوافل المساعدات المتعاقبة بأنها تعرضت للنهب في الأسابيع الأخيرة، بعضها على يد عصابات مسلحة منظمة والبعض الآخر على يد أفراد يائسين. ووصف كبار المسؤولين الأميركيين كيف أن "الخروج على القانون، الذي كان يمثل دائماً مشكلة في الخلفية، انتقل الآن إلى مستوى مختلف تماماً".
قال أحد المسؤولين في شهر مارس/آذار: "هذا نتاج، إذا صح التعبير، تسويق المساعدات؛ العصابات الإجرامية تستولي عليها وتنهبها وتعيد بيعها. لقد حولوا المساعدات الإنسانية إلى أموال”.
وقال أسامة عبد الرحمن أبو دقة، 52 عاماً، وهو زعيم مجتمعي في رفح، أقصى جنوب قطاع غزة: "لقد غيرت الحرب كل شيء، ولكن الأهم من ذلك كله أنه لا يوجد أمن الآن. لا يوجد شيء الآن للضعفاء. الأقوياء فقط هم من يستطيعون البقاء الآن."
وبعد ما يقرب من ستة أشهر من الحرب، نزح حوالي 80% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، وتحولت معظم الأراضي إلى أنقاض. وقد تركز الاهتمام الدولي على الكمية المحدودة من المساعدات التي تصل إلى المنطقة، والتي تقول وكالات الإغاثة إنها ترجع إلى حد كبير إلى رفض الحكومة الإسرائيلية فتح المزيد من نقاط الوصول، وسط الجهود المبذولة لدرء مجاعة واسعة النطاق.