أمد/
واشنطن: صرحت سفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة الأميرة ريما بنت بندر بأن بلادها "حازمة" في موقفها من إسرائيل، وأن الاعتراف بها لن يتم إلا بعد اعتماد مسار لا رجعة فيه نحو حل الدولتين.
وقالت السفيرة في مقابلة صحافية مع "نيويورك تايمز"، إن الرياض لن توقع على أي اتفاق من دون التزامات ملموسة تخدم القضية الفلسطينية، مشددة على أن حل الدولتين يجب أن يكون نهائياً وواضح الملامح وفي إطار زمني محدد.
وبينما تدخل الحرب بين إسرائيل و"حماس" شهرها السابع، أكدت الأميرة ريما لأبرز المشرعين الأميركيين ومسؤولي إدارة بايدن أن إقامة علاقات مع إسرائيل لا تزال في متناول اليد، لكن ذلك يتطلب التزاماً بقيام دولة فلسطينية مستقلة، وفق الصحيفة.
دولة فلسطينية مستقلة
وقالت السفيرة السعودية لدى واشنطن التي بدأت مهامها عام 2019 إن كثيراً ما كان هناك مد وجزر في العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة، لكن "كانت من مسؤولياتي تذكير كل من هو في أميركا بما يبدو عليه بلوغ العلاقة ذروتها من النجاح، والتعاون لإعادة ذلك"، لافتة إلى أنه من غير الممكن "الاتفاق دائماً".
وعاشت السفيرة في سنواتها الخمس بواشنطن حقبتين مختلفتين في تاريخ العلاقات السعودية – الأميركية ما بين ازدهارها في عهد دونالد ترامب الذي اختار السعودية عام 2016 كأول دولة يزورها كرئيس، إلى توترها في عهد جو بايدن الذي وصفها بـ"المنبوذة"، قبل أن يقرر في صيف 2022 السفر إلى جدة، حيث التقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
وقالت الصحيفة إن "حظوظ السعودية في واشنطن تغيرت في السنوات الخمس المضطربة"، مشيرة إلى أن الحرب الروسية على أوكرانيا والحاجة إلى الدعم السعودي في أسواق النفط أسهما في انفراج العلاقة مع واشنطن، ودفعا بايدن إلى زيارة السعودية وإجراء المحادثات مع ولي عهدها.
نصيحة كولن بول: أنت لست والدك
أشارت "نيويورك تايمز" إلى مهمة الأميرة ريما الصعبة كسفيرة لدى واشنطن، وقالت إنها "تبحر في المياه الهائجة" للعاصمة الأميركية، بينما تدافع عن المصالح السعودية، مشيرة إلى أنها أول امرأة تشغل هذا المنصب، الذي شغله في الثمانينيات ولأكثر من عقدين والدها، الأمير بندر بن سلطان، أحد أقوى الدبلوماسيين الذين مروا على واشنطن، وفق وصف الصحيفة.
وكتبت الصحيفة عن شخصية السفيرة السعودية بأن "أسلوبها ودود" و"ملكي" في آنٍ واحد، ويناسب "السليل المباشر لمؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز".
وأثناء المقابلة أشارت الأميرة ريما إلى صورة بالأبيض والأسود معلقة على الجدار لاجتماع عام 1945 بين الرئيس فرانكلين روزفلت والملك عبد العزيز على متن سفينة "يو أس أس كوينسي"، في قناة السويس، وهو اللقاء الذي أطلق العنان لعلاقة الـ8 عقود بين الرياض وواشنطن.
وتطرقت الأميرة ريما لنشأتها في الولايات المتحدة إبان عمل والدها الدبلوماسي، وقالت إن 3 وزراء خارجية أميركيين كانوا ضيوفاً منتظمين في منزل والديها، وهم كولن باول وجيمس بيكر ومادلين أولبرايت، وكشفت عن أنها بعد وقت قصير من وصولها إلى واشنطن اتصلت بصديق والدها القديم كولن باول لأخذ مشورته.
واستذكرت السفيرة السعودية أن باول الذي توفي عام 2021 قال لها "رجاءً، تذكري أنك لست والدك، إذا حاولت أن تكوني والدك، فستفشلين"، مضيفة، "لم أكن أعلم أنني في حاجة إلى سماع هذه الكلمات، لكنني فعلت".
وخلال السنوات التي قضاها سفيراً من عامي 1983 إلى 2005 عمل الأمير بندر على "حماية التحالف غير المستقر بين السعودية والولايات المتحدة من التوترات الاقتصادية المتمحورة حول استخدام السعودية لأسعار النفط لاستعراض قوتها، وحربين في العراق، والهجمات الإرهابية في الـ11 من سبتمبر 2001"، وفق الصحيفة.
ووصفت "نيويورك تايمز" الأمير بندر بأنه كان "فريداً من نوعه" في واشنطن وصاحب "شخصية كاريزمية وعبقرية"، ومنحته علاقاته الوثيقة بالرؤساء رونالد ريغان وجيمي كارتر، وبخاصة بوش الأب والابن، وصولاً استثنائياً إلى أعلى المستويات الحكومية.
ما بين ترامب وبايدن
حملت حقبة بايدن تحديات من نوع مختلف للسفيرة السعودية، كما يشير براين هوك الذي كان مبعوث ترامب الخاص لإيران، إذ قال "من الواضح أن ريما واجهت مشكلات مختلفة من (فترتي) ترامب وبايدن، لكنها حافظت على النهج نفسه في البحث عن المصالح المشتركة، وعثرت عليها مع إدارة بايدن في نهاية المطاف، مما أدى إلى تعزيز دورها".
وقالت الصحيفة إن السفيرة السعودية نشطت لتعريز علاقات بلادها مع الكونغرس واستطلاع آراء اللجان المهمة فيها مثل لجنتي العلاقات الخارجية والقوات المسلحة، وعززت الروابط مع كل من الديمقراطيين والجمهوريين. كما جابت الولايات المتحدة لنقل رسالة بلدها ورتبت لقاءات للوزراء السعوديين الزائرين للولايات المتحدة مع مسؤولين أميركيين في منزلها في مدينة ماكلين بولاية فرجينيا، وهو المكان نفسه الذي نشأت فيه.
وفي إشارة إلى أسلوبها الدبلوماسي المنفتح، أشارت الصحيفة إلى حفل عشاء في مطعم "كافيه ميلانو" جلست الأميرة ريما خلاله بالقرب من عضو الكونغرس رو خانا، وهو ديمقراطي من كاليفورنيا معروف بانتقاداته الشديدة للسعودية، وألقى خانا في حديثه ذلك المساء باللوم على السعوديين في الأزمة الإنسانية في اليمن، وقال إنه كان يتوقع "رداً بارداً" من السفيرة السعودية، لكنه تلقى دعوة بدلاً من ذلك. وتستذكر السفيرة، "ببساطة قلت، العشاء ليس المكان المناسب للتحدث، ولكن هل يمكنني القدوم إلى مكتبك؟"، مشيرة إلى أنه "كان مرحباً ومنفتحاً جداً".
مساعي دبلوماسية
وتسعى إدارة الرئيس جو بايدن منذ أشهر إلى إقناع السعودية بإقامة علاقات مع إسرائيل في مقابل ضمانات أمنية وعسكرية، في حين تشترط الرياض قيام دولة فلسطينية مستقلة كجزء من أي اتفاق مقبل.
وتوقفت المحادثات بين الرياض وواشنطن في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 الذي شنته حركة "حماس" على جنوب إسرائيل والهجوم الإسرائيلي اللاحق على غزة، لكن المحادثات استؤنفت خلال الأشهر القليلة الماضية.
وكجزء من الاتفاق تريد السعودية إبرام اتفاق دفاع مشترك مع واشنطن والحصول على دعم أميركي لبرنامجها النووي المدني، وفق تقارير صحافية.
ولم تعترف السعودية أبداً بإسرائيل ولم تنضم إلى "اتفاقات أبراهام" الموقعة عام 2020 برعاية أميركية بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، كما انتقدت مراراً وبأشد العبارات الهجمات الإسرائيلية على المدنيين في بيانات رسمية، وكذلك فعل ولي العهد بنفسه قبل استضافته قمة عربية – إسلامية تمحورت حول الحرب في غزة.