أمد/
الرياض: نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا أعدته ميسي ريان من العاصمة السعودية، الرياض قالت فيه إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن حاول يوم الاثنين تسويق خطط تأمين وإعادة بناء غزة بمجرد انتهاء الحرب. لكن التحفظ بين الدول العربية الذي يرى المسؤولون الأمريكيون أنها ستساعد في الإشراف على المنطقة المدمرة يؤكد الصعوبة التي تواجهها واشنطن في صياغة مخطط “اليوم التالي”.
وفي حديثه خلال فعالية للمنتدى الاقتصادي العالمي في العاصمة السعودية، قال بلينكن إن إدارة بايدن ستواصل سعيها المستمر منذ أشهر للتوصل إلى ترتيب بشأن غزة، التي تسيطر عليها حماس منذ عام 2007. وتعهدت إسرائيل بتدمير الجماعة المسلحة والتأكد من عدم قدرتها على شن هجوم مرة أخرى، لكنها لم توافق على أي خطط تدعمها الولايات المتحدة للمستقبل.
وقال بلينكن: “لقد تم إنجاز الكثير من العمل في هذا الشأن. ويتعين علينا القيام بالمزيد من العمل حتى نتمكن من أن نكون مستعدين. في الوقت نفسه، أعتقد أنه من الواضح أنه في غياب أفق سياسي حقيقي للفلسطينيين، سيكون من الصعب للغاية، إن لم يكن من المستحيل، أن يكون لدينا خطة متماسكة لغزة نفسها، لذلك نحن نعمل على ذلك أيضا”.
وكان تردد الدول العربية بشأن الالتزام بتقديم قوات أو تمويل لغزة واضحا مباشرة بعد تصريحات بلينكن، عندما قال وزراء خارجية مصر والأردن والسعودية إنه قبل أن يوافقوا على المشاركة في أي عملية لحفظ السلام، يجب أن يكون هناك وضوح بشأن عملية حفظ السلام والطريق إلى الدولة الفلسطينية. وأشاروا إلى حجم الدمار في غزة واحتمال أن ينظر إلى القوات الأجنبية على أنها قوات احتلال جديدة دون خطة قابلة للتطبيق لتحقيق سلام دائم.
وقال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي: “كل من يذهب إلى هناك، إذا شوهد أو تصور أنه موجود هناك لتعزيز البؤس الذي خلقته هذه الحرب، فسوف ينظر إليه على أنه العدو. أعتقد ألا أحد يريد أن يكون جزءا من هذا التشكيل”.
ورفض وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود القول فيما إن كانت بلاده ستساهم في قوة أمنية دون التزام إسرائيل بحل الدولتين، وهي فكرة تتطلب من حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو التراجع عن موقفها.
وقال: “إنه يجعل الأمر أكثر قابلية للتطبيق من الناحية العملية لأن هذا يعني أن أي شخص سيشارك، سواء كانت قوة دولية مفوضة من قبل الأمم المتحدة، أو كانت قوة مختلطة من بعض الدول الراغبة … أيا كانت فسيكون لها مصداقية للتفاعل على الأرض”.
وبعد وقت قصير من إطلاق إسرائيل حملتها في غزة بهدف القضاء على حركة حماس، شرعت إدارة بايدن في وضع خطة لتوفير الأمن والحكم في غزة ما بعد الحرب. واقترح المسؤولون الأمريكيون أن السلطة الفلسطينية بعد تجديدها، قد تتولى المسؤولية في غزة.
وتصور المسؤولون الأمريكيون مشاركة الجيران العرب في خطط “اليوم التالي” كجزء من صفقة أكبر تشمل أيضا التطبيع بين إسرائيل والسعودية وإطارا ملزما لدولة فلسطينية في نهاية المطاف. ويقول المسؤولون إنهم يحرزون تقدما في صياغة الخطوط العريضة للصفقة.
وتقول الصحيفة إن تنظيم صفقة كبرى يواجه مجموعة من المشاكل. وينظر الإسرائيليون والعديد من الفلسطينيين إلى السلطة الفلسطينية على أنها فاسدة وغير مؤهلة. ومن المرجح أن تبقى حماس كجماعة متمردة. والأمر الأكثر أهمية هو أن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة تظل معارضة لإقامة دولة فلسطينية والتنازل عن الأراضي، وهو ما قد يؤدي إلى الحكم بالفشل على الاتفاق الذي تسعى الولايات المتحدة، أقرب حلفاء إسرائيل، إلى التوصل إليه. واعترف وزير الخارجية المصري سامح شكري باستعداد بلاده للمشاركة – مع تحذير كبير.
وقال: “بالطبع، نحن على استعداد للعب دور كامل بأي شكل من الأشكال. لكن هذا الدور وما سنقبله من حيث المخاطر والمكافآت سيخضع للتقييم الشامل للنتيجة النهائية وما إذا كانت متوافقة مع أهدافنا”.
وقال بلينكن إن حل مشكلة الحكم في غزة سيتطلب “ضمان تحقيق الفلسطينيين لتطلعاتهم المشروعة في إقامة دولة خاصة بهم”، لكنه لم يستبعد لا التحدي أو الأمل وقال: “أعتقد أن العديد من هذه الأشياء يمكن تحقيقها، ولكن لا يزال أمامنا الكثير من العمل لنقوم به.. واسمحوا لي قول شيئا آخر: أعتقد أننا لا نستطيع حقا أن نسعى للمضي قدما بسرعة فيما يتعلق بالمنطقة ككل، وكذلك بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين على وجه الخصوص”.
وعلق المفاوض الأمريكي السابق آرون ديفيد ميلر، ويعمل الآن في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إن “ثمن قبول” الدول العربية للمشاركة في غزة ما بعد الصراع – الدعم الإسرائيلي لقيام دولة فلسطينية – قد يكون بعيدا عن متناول الولايات المتحدة الآن. وانتقد الوزراء العرب إسرائيل لرفضها إقامة دولة فلسطينية جملة وتفصيلا.
وقال الصفدي: “التحدي الذي نواجهه هو أنه ليس لدينا شريك في إسرائيل الآن”. وجاءت زيارة بلينكن إلى الرياض قبل زيارات مقررة إلى الأردن وإسرائيل، حيث سيركز على زيادة المساعدات الإنسانية للمدنيين المحتاجين في غزة.
وتطرقت مناقشاته في الرياض أيضا إلى الجهود الجارية للتوسط في اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل وحماس. وحث بلينكن حماس على قبول الاقتراح الإسرائيلي الأخير، الذي وصفه بأنه “سخي للغاية وغير عادي” و”الشيء الوحيد الذي يحول بين سكان غزة ووقف إطلاق النار هو حماس. عليهم أن يقرروا، وعليهم أن يقرروا بسرعة”، حسب قوله.