أمد/
كتب حسن عصفور/ في الأول من مايو 2024، وفي مفارقة فريدة مع ذكرى “عيد العمال العالمي”، أقر الكونغرس الأمريكي قانون جديد لتعريف ما أسماه “معاداة السامية”، بنص مركز لبناء “جدار وقاية” مضاف الى الجدر الأمريكية دفاعا ع دولة الكيان، بكل ما تقوم به من جرائم حرب، اغتصاب أرض، مصادرة حقوق شعب، وقبل كل ذلك استخفاف مطلق بالقانون الدولي والشرعية الأممية، رغم أن مؤسساتها الأبرز داخل أراضي الولايات المتحدة ذاتها.
التعريف المستحدث لتعبير “معادة السامية” وفقا للمشرعين الأمريكان هو “تصور معين لليهود يمكن التعبير عنه على أنه كراهية لليهود”، كما أن “المظاهر الخطابية والمادية لمعاداة السامية موجهة نحو الأفراد اليهود أو غير اليهود أو ممتلكاتهم، وتجاه مؤسسات المجتمع اليهودي والمرافق الدينية”.
ومباشرة عبر عدد من المشرعين الأمريكان ومنظمات حقوقية أمريكية ودولية، باعتبار ذلك التشريع يمثل اعتداء واضحا على حرية الرأي والحق في التعبير، وكل ما له صلة بالتفكير الرافض لأي شكل من أشكال الجرائم الإنسانية.
التعريف الجديد لما يسمونه “معادة السامية”، سلاح مضاف ليس لملاحقة الرأي الفردي فقط، بل مطاردة لكل مؤسسة تسمح بوجود من يرفض جرائم حرب دولة إسرائيل، وتبدأ عملية العقاب الفردي والجماعي والمؤسسة ذاتها، فمع الاعتقال وربما الطرد، جاءت مسألة وقف التمويل أو الدعم، وهو السلاح الأشد خطورة، معرفة بقيمة التمويل في المؤسسات التعليمية وخاصة الجامعات، ودور رجال أعمال أمريكا “يهود” باستغلال ذلك لخدمة مصالح دولة الكيان، وتشكيل جدار واقي لها عبر تشريع تم صناعته فقط لتلك المسألة دون غيرها.
وبعيدا عن جوهر مفهوم “الحريات الفردية والعامة” في الدستور الأمريكي، فالحقيقة العامة أنها ترتبط بدور الولايات المتحدة الإمبريالي تاريخيا، والاستخدام الجديد عبر عودتها لتمارس ذلك الشكل المستحدث بعد “حرب غزة”، كقناة عودة استعمارية عسكرية مباشرة، لتتمكن من مواجهة التطورات العالمية وكسر القطبية الأحادية، التي سادت بعد انهيار المنظومة الاشتراكية ورأسها الاتحاد السوفيتي 1991، فزادت من وجودها العسكري البحري في منطقة البحر الأحمر والمتوسط إلى جانب تعزيز قواتها البرية في قواعدها المجاورة وخاصة قاعدة العديد بقطر، كجزء من ترتيبات قادمة.
من مفارقات التعريف الجديد لما يسمونه “معاداة السامية”، أنه أزال البعد الجيني واستبدله بالبعد الديني لليهود فقط، دون أن يضع حدودا واضحة، فبات أي يهودي كان وبأي بلد يعتبر “ساميا” بقرار من الكونغرس الأمريكي، ودون تحديد كيف لسامي الجين مثلا أن يكون معادي لسامي آخر، وكيف يمكن اعتبار الديانة اليهودية استثناء عن الديانات الأخرى، سماوية أو غير سماوية لتأخذ ذلك “الاستثناء المطلق”، والخلط بين الجين والدين، ولما لا ينطبق على المسيحيين غير العرب وغير الشرقيين، وكذا المسلمين غير العرب وغير الشرقيين، باعتبار أن الأديان السماوية جميعها جاءت في ذات المنطقة.
ولكن الحقيقة التي تقف خلف ذلك التعريف الخاص لـ “معادة السامية”، والذي رفضه نواب أمريكان وبينهم يهود الديانة، ليس سوى محاولة مستحدثة لحماية دور دولة الكيان في المشروع السياسي الإمبريالي الجديد في المنطقة، ووضع تشريعات مناسبة لذلك، رغم مخالفتها للدستور الأمريكي، لتعمل مبكرا على حماية الدور القادم لمكونات التحالف الاستعماري المرتقب.
حرب غزة، لم تكن ردة فعل على خطف عدد من سكان دولة الكيان، أو قتل عدد منهم، رغم أنها دولة اغتصاب واحتلال، بل كانت رأس حربة لمشروع استعماري جديد بدأت أمريكا العمل عليه، ما يؤكد قيادتها السياسية للحرب القائمة على قطاع غزة منذ الثامن من أكتوبر 2023، بقدوم وزير خارجيتها “اليهودي” بلينكن، ثم حضور بايدن في سرعة قياسية لا تتناسب وعمره وذاكرته السياسية، والمشاركة في مجلس حرب دولة الكيان قبل قرار الغزو البري لقطاع غزة.
حرب غزة، وجرائم الفاشية اليهودية باتت جزء من “النقاش السياسي – القانوني” داخل الولايات المتحدة، بما يختلف عن دول العالم كافة، وكسرت الدستور الأمريكي ومبادئ “حرية الرأي والحق في التعبير”.
حرب غزة وجرائم الإبادة الجماعية التي تنفذها دولة الفاشية اليهودية، أصبحت قضية “داخلية أمريكية”… مفارقة يجب أن تكون قيد التفكير العام حول حقيقة الحرب وأهدافها وحدودها ونتائجها المرتقبة.
ملاحظة: بعض المال السياسي خدم “الانفصال الوطني” في فلسطين عبر بوابة برية..وبعض المال السياسي يطل برأسه لتطوير “الانفصال الوطني” ولكن عبر بوابة بحرية…ومن الأمريكان مش جايكم يا فلسطينية ما يسر البال..صحصحوا بدري!
تنويه خاص: دول تحذر..فصائل تحذر..قادة يحذرون..منظمات تحذر..وكل يحذر على ليلاه.. وليلى “اليهودية” ترقص على جثمان قضية شعب..ويا غزة لك الصبر الزمني!
لقراءة المقالات للكاتب..تابعوا الموقع الخاص