أمد/
كتب حسن عصفور/ بشكل مفاجئ، وبعدما أوشكت وزارة الدفاع الأمريكية أن تعلن بدء عمل الممر البحري في غزة، خرج الناطق باسم الخارجية المصرية، ليعلن أن محاولة استبدال معبر رفح بكل مكانته الأساسية ليس سوى واهم، ولديه سوء تقدير.
ولم يتوقف النقد المفاجئ، عند “البعد الفني” للممر البحري، بل ألمح الناطق المصري، إلى ما يحمله ذلك من أبعاد سياسية، بالحديث عن “ضرورة التعامل مع الوضع الفلسطيني بمسؤولية واحترام إنسانية الشعب الفلسطيني”.
هي المرة الأولى التي تعلن مصر رفضا علنيا شبه صريح للممر البحري في قطاع غزة، رغم أنه أوشك على البدء بالعمل، وبأن أهدافه لم تكن خافية أبدا، فمساره كان يتوافق مع مسار “الحرب العدوانية” تسارعا أو تباطئا، ما كشفته بوضوح إعلان البنتاغون قبل أيام بوقف العمل في الممر تحت مزاعم “سوء الأحوال الجوية”، وهي كذبة سياسية واضحة، ليعاد الكشف عن الافتتاح مع قيام دولة العدو باحتلال معبر رفح، في خطوة تأكيدية لدور الممر السياسي وليس الإنساني.
توقيت الإعلان الأمريكي بتشغيل “الممر البحري” مع احتلال معبر رفح، تأكيد على تحويل معبر رفح كجزء من “المشروع الأمني” لدولة الكيان، وأن السيطرة عليه تتعلق بالمستقبل السياسي لقطاع غزة، خاصة وأنه المعبر الوحيد الذي يمثل بوابة التعامل مع العالم الخارجي عبر مصر، نحو قطع الطريق على أي مظهر “استقلالي” للكيان الفلسطيني.
لم يعد خافيا ابدا، أن “الممر البحري” ليس “ممرا إنسانيا” كما حاولت الإدارة الأمريكية الترويج، بل هدفه الحقيقي سياسي بالكامل، ويرتبط العمل به ضمن “رؤية أمنية مشتركة” بين واشنطن وتل أبيب، ليمثل واجهة لقاعدة عسكرية مستقبلية نحو البحر المتوسط لغايات التعزيز الوجود العسكري الأمريكي في المنطقة، وتكريس لإعادة احتلال قطاع غزة، أي كانت المحاولات التفاوضية لاحقا ونتائجها، فالممر البحري سيكون حاضرا برعاية أمريكية لزمن غير معلوم.
ومن السذاجة اعتباره ممرا آنيا لخدمة إنسانية، فهو جزء من استراتيجية البناء لخدمة مخطط “التهجير القسري” الذي سيكون خيار مفروضا على أهل قطاع غزة، في اليوم التالي لوقف الطابع العسكري للحرب العدوانية، خاصة وأن مقومات الحياة الإنسانية تقريبا تم تدميرها، ووفقا لكل ما يقال فإعادة بناء قطاع غزة تحتاج سنوات فيما لو توفر المال الضروري له.
التهجير القسري، خيار قد يكون هو الأهم للاستراتيجية التهويدية ضد المشروع الكياني الفلسطيني، بدأت ملامحها تدق أبواب أهل قطاع غزة، مع تعليمات جديدة لعدد من الدول، ومنها أمريكا، لتسهيل دخول أبناء القطاع تحت بند “ظروف إنسانية”، الاسم السري لعمليات التهجير، لتبدو وكأنها “خيار شخصي” وليس عمل إكراهي.
الموقف المصري الغاضب يجب أن يتبلور نحو صياغة رؤية مشتركة يمكنها محاصرة البعد السياسي لاستخدام “الممر البحري”، خارج أي ارتباط بالبعد الأمني الأمريكي الإسرائيلي، ترتبط تلك الرؤية بالمفاوضات الخاصة، لتصبح شرطا ضروريا منها.
كان المفروض ألا تصمت الرسمية الفلسطينية على مخطط “الممر البحري”، وألا تقف عند تصريح تائه ملتبس غير مفهوم، بل واجبها، وبصفتها التمثيلية، أن تعتبر “الممر البحري” بالمواصفات الأمريكية خطر سياسي يستهدف جوهر المشروع الوطني، والحديث عن “البعد الإنساني” ليس سوى ذريعة، خاصة وأنه مرتبط بشكل مباشر بوزارة الدفاع الأمريكي ومتابعة شخصية من وزيرها أوستن.
غياب رؤية الدور الأمريكي في تهويد القضية الفلسطينية، يمثل قاطرة تمرير المشروع الإسرائيلي بمختلف مكوناته، لقطع الطريق على “الكيانية الفلسطينية المستقلة”، ومحاولة فك ارتباط تنفيذ الممر البحري ودور “ممر واشنطن السياسي” في الأمم المتحدة ضد فلسطين الدولة والكيان، هو الخطر السياسي الأكبر.
هل يمثل الغضب المصري المفاجئ، بداية فعل مشترك لمحاصرة مخاطر تهويد فلسطين من بوابة “ممر بحري” على شاطئ قطاع غزة..تلك هي المسألة التي تنتظر.
ملاحظة: “المزهرن” بايدن بيقولك لن ينسى اللي حصل يوم 7 أكتوبر ضد اليهود..وأنه لن يسمح بأي كراهية لهم…وبالك يا “مهسهس” ممكن فلسطيني واحد (فلسطيني مش شبه لهم) عمره ينسى شو عملت دولتك الحاقدة على اسم فلسطين..
تنويه خاص: بعد “هليلة” الرسمية الفلسطينية عن قيام حماس بالحكي معها قبل موافقتها على مشروع وقف اطلاق النار..اختفى التنسيق خالص ورجعت حليمة الحمساوية لعادتها وراحت وحدها..في ناس بتعشق التكاذب شو ما كان يكون!
لقراءة المقالات ..تابعوا موقع الكاتب الخاص