أمد/
واشنطن: تُمثل وعود الرئيس الأميركي جو بايدن بتخفيف حدة الأزمة الإنسانية في قطاع غزة "اختباراً"، خصوصاً مع إعلانها البدء قريباً باستخدام الرصيف البحري لاستقبال المساعدات، إلا أن صعوبات التوزيع تطارد الفلسطينيين، لوجود مشكلات عالقة لم تُحل بعد. وفق ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال".
وسيمثل افتتاح الرصيف العائم، الذي بنته الولايات المتحدة بكلفة قدرها 320 مليون دولار، أول استخدام رئيسي لطريق بحري لتوصيل المساعدات إلى غزة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع، إذ يتطلب الأمر جهود مئات الجنود والعديد من السفن ومهمة تدعمها منظمات إنسانية والعديد من الدول، بينها إسرائيل.
لكن الولايات المتحدة تأمل أن تبدأ استخدام الرصيف لتوصيل المساعدات الإنسانية "في غضون الأيام المقبلة"، وفقاً لبيان البيت الأبيض، الخميس الماضي، بعد أن أعلن بايدن خطط إدارته بشأن ذلك الميناء، في مارس الماضي، خلال خطاب "حالة الاتحاد".
ويأتي افتتاح الرصيف في وقت حرج من الحرب المستمرة منذ أكثر من 7 أشهر في غزة، إذ بدأت إسرائيل عملياتها العسكرية في مدينة رفح، جنوبي القطاع، ما يهدد نقطتي عبور المساعدات الرئيسيتين.
مشكلات عالقة
ومع اقتراب دخول الرصيف البحري مرحلة التشغيل، قال مسؤولون أميركيون للصحيفة الأميركية، إن التفاصيل الرئيسية، وبينها كيفية توزيع المساعدات بمجرد وصولها إلى الشاطئ "لم يتم تسويتها بعد".
ولم تحدد الولايات المتحدة خطة لكيفية تخزين المساعدات وتأمينها وتوزيعها بمجرد نزولها إلى البر، ولكن مسؤولين أميركيين قالوا لـ "وول ستريت جورنال"، إنهم يخططون للعمل مع برنامج الأغذية العالمي التابع لهيئة الأمم المتحدة.
لكن الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" بات رايدر، قال إن الوكالة الأممية ستنضم إلى الجهود اللوجيستية "خلال الأيام المقبلة"، فيما قال مسؤولون في الأمم المتحدة، إن الخطة لا تزال "في طور الإعداد"، وإنهم لم يطلعوا على المناقشات بشأن كيفية عمل الممر البحري.
وفي الإطار، قال شيجال بوليفارتي، نائب المتحدث باسم الوكالة الأميركية للتنمية الدولية USAID، الحكومية الرائدة في مجال المساعدات الإنسانية لـ "وول ستريت جورنال"، إن "هناك حرفياً ومجازياً الكثير من القطع المتحركة التي تحتاج إلى تجميعها معاً حتى يكون الرصيف فعالاً".
بدوره، قال مسؤول رفيع في الأمم المتحدة، إنه "إذا كان من المتوقع أن نستقبل ونفرغ السفن المحملة بالمساعدات الإنسانية، والتي ستكون بلا شك موضع ترحيب، فإننا نريد فقط أن نعرف كيف يُتوقع منا إنجاز هذه المهمة".
وكانت وزارة الدفاع الأميركية، قالت إنها ستنسق الجهود اللوجيستية بين الجيشين الأميركي والإسرائيلي والوكالة الأميركية للتنمية الدولية بمساعدة الجيش الإسرائيلي في قبرص، حيث تصل المساعدات ويتم تفتيشها، من قبل جنرال في الجيش الأميركي متمركز في قاعدة "حتسور" الجوية بالقرب من أسدود في إسرائيل. وقال الجيش الإسرائيلي، إنه يعمل عن كثب مع نظرائه الأميركيين، ويُعد منطقة على مساحة 67 فدان في غزة لتلقي المساعدات الإنسانية، لكنه رفض التعليق بشأن من سيكون مسؤولاً عن توزيع المساعدات داخل غزة.
"انتهاك مبدأ الحياد"
على الجانب الآخر، أعرب مسؤولون رفيعوا المستوى في الولايات المتحدة، عن مخاوفهم من أن يضاعف الرصيف حجم عمل المنظمات الإنسانية التي تعمل على الأرض في غزة، ومن أن يؤدي عمل الولايات المتحدة مع الجيش الإسرائيلي، إلى "انتهاك مبدأ الحياد في الحرب"، وفقاً لـ"وول ستريت جورنال".
من جانبه قال الناطق باسم برنامج الأغذية العالمي، مارتن بينر، إن نظام الأمم المتحدة الأكبر، سيعمل مع الولايات المتحدة على الممر البحري "شريطة معالجة مخاوف الأمم المتحدة بشأن الحياد والأمن، وتوسيع نطاق الوصول البري".
ومع بقاء أيام قليلة على تشغيل الرصيف، فقد أثار عدم وجود خطط ملموسة لتأمين وتوزيع المساعدات مخاوف بعض المسؤولين في الحكومة الأميركية.
من جانبها، قالت حركة "حماس"، إنها ستعامل القوات الأميركية التي تعمل حول الرصيف بوصفها "قوة احتلال"، في تهديد ضمني بشن هجمات ضدها.
ولا توجد جهة واضحة على الأرض لتأمين توزيع المساعدات، ما يفرض مشاكل أخرى. ففي فبراير الماضي، لقي أكثر من 100 فلسطيني مصرعهم، عندما فتحت القوات الإسرائيلية النار أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات من قافلة إغاثة.
كما تتعدد المخاطر المحتملة المرتبطة بالرصيف على نحو كبير، حيث لقي نحو 200 عامل إغاثة حتفهم في غزة منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على القطاع، بينهم 7 من العاملين في "وورلد سنترال كيتشن".
مشكلات بيئية
ويواجه الرصيف العائم أيضاً، العديد من المشكلات البيئية المعقدة، إذ حذر مسؤولون عسكريون من أن تؤدي المياه المتلاطمة في البحر الأبيض المتوسط إلى تدمير الرصيف أو إلحاق أضرار به، ما يجعله مكاناً غير آمن لتواجد أشخاص عليه، فيما أرجأ الجيش الأميركي تركيب الرصف بسبب أحوال الطقس.
وحتى بعد تهيئة وتشغيل الرصيف، فإن توافر إمدادات ثابتة من المساعدات عن طريق البحر يبقى غير مضمون، حيث لا يوجد في قبرص سوى 8 آلاف منصة نقل مساعدات، وهي إمدادات لا تفي سوى باحتياجات بضعة أيام لـ 2.2 مليون نسمة يعيشون في غزة.
وقال المسؤلوون الأميركيون إنه لم يتضح بعد للمخططين كيفية تقديم مساعدات إضافية لمواصلة عمليات التسليم، وحتى إذا تم معالجة هذه المشكلة، فإن قدرة الرصيف محدودة مقارنة بقدرة المعابر البرية، والتي توفر طريقة أقل كلفة وأكثر فاعلية لتقديم المساعدات الإنسانية.
وبحسب المسؤولين، فإن الرصيف البحري سيُمَكن في البداية نحو 90 شاحنة مساعدات إنسانية من الدخول إلى غزة يومياً، ثم يزداد هذا العدد بعد فترة وجيزة ليصل إلى 150 شاحنة يومياً.