أمد/
تسببت أول لوحة رسمية للملك تشارلز الثالث منذ تتويجه في قصر باكنجهام في حالة من الجدل، وتم تفسيرها وفقا لوجهات نظر مختلفة بسبب استخدام الرسام جوناثان يو اللون الأحمر بنسبة ضخمة في اللوحة، وكأن وجه الملك غارق في بحر من الدماء.
تم الكشف عن اللوحة، التي أمضى الفنان البريطاني جوناثان يو ثلاث سنوات في العمل عليها، في قصر باكنجهام يوم الثلاثاء، وتبلغ أبعادها حوالي 8 أقدام و6 بوصات في 6 أقدام و 6 بوصات، و”يو” هو نفسه الذي رسم أيضًا توني بلير، والسير ديفيد أتينبورو، وملالا يوسفزاي.
يصور “يو” الملك تشارلز في الزي العسكري الويلزي وسيفه في يده، وفراشة تهبط على كتفه الأيمن، ونقلت المنصات الإخبارية أن الملكة كاميلا شاهدت اللوحة قبل الإعلان عنها وأعجبت بها، وفقاً لـ بي بي سي.
ووفقًا للوصف الجديد للصورة الذي تمت مشاركته على موقع “يو” الإلكتروني، اختار الفنان الخلفية الحمراء “الزاهية” لإضفاء “لمحة معاصرة” على اللوحة.
وذكر يو إن الملك ألقى نظرة خاطفة على اللوحة وهي في حالة نصف مكتملة، “لقد تفاجأ في البداية باللون القوي ولكن بخلاف ذلك بدا أنه يبتسم باستحسان”، وفقاً لـ بي بي سي.
لماذا هاجم المتخصصون لوحة الملك تشارلز؟
تحتوي اللوحة على تماهي كبير بين الزي العسكري والخلفية الحمراء الزاهية، حتى تكاد لا يتم التمييز بينهما، ولا يوجد شئ واضح إلا وجه تشارلز والفراشة، وقد وصفها الناقد الفني لصحيفة واشنطن بوست بأنها “فوضى أسلوبية”، بينما قال فنان وعضو هيئة تدريس في كلية رود آيلاند إن ضربات الفرشاة الحمراء تذكره بتقطر “الدم”، وفقاً لـ بيزنس إنسايدر.
بعد فترة وجيزة من ظهور اللوحة، أثارت جدلاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وانقسام المشاهدون لها، بين إلى أولئك الذين يستمتعون بها كقطعة فنية، وآخرون يضعون لها تأويلات مختلفة.
وقال تابش خان، الناقد الفني المقيم في لندن ومحرر الفنون البصرية لصحيفة The Londonist، لموقع لـ بيزنس إنسايدر إنه لم يتفاجأ بأن الصورة تلقت بعض الانتقادات، وأضاف خان أن لونه الأحمر مثير للذكريات بشكل خاص.
وأضاف خان: “اللوحة تلمح تقريباً إلى نوع من المذابح التي كانت الإمبراطورية جزء منها، وبالنظر إلى تاريخ العائلة المالكة وعلاقاتها بالاستعمار والإمبريالية، ليس من الصعب على الناس أن ينظروا إلى اللوحة ثم تتداعى إلى ذاكرتهم أنها مرتبطة بطريقة أو بأخرى بذلك، هناك دائمًا شعور ساطع حول كونه غارقًا في الدماء”.
دافع خان عن مقصد الفنان الذي تولى مسؤولية رسم اللوحة، وقال إنه واثق أن ربط ماضي العائلة المالكة الغامض مع الاستعمار لم يكن على جدول أعمال يو، من المحتمل أن يكون القصر قد كلف الرسام البالغ من العمر 53 عامًا لأنه “معروف برسم صور جذابة”.
بينما دافع المؤرخ ريتشارد موريس عن اللوحة، وقال: ” إنها قطعة من الفلسفة، ولوحة تدعونا إلى التفكير في العمر، والمسؤولية، والانفتاح، وحدود كوننا بشرًا، يمكننا أن نرى ثقل مسؤولية الملك وعمره والحزن على وفاة الملكة الراحلة وفي وجهه حكمة وقلق واهتمام، اللوحة تجعل منه إنسانا”.
أما بالنسبة لاستخدام اللون الأحمر، قال موريس إنه يستطيع أن يفهم السبب الذي قد يجعل بعض المشاهدين يفكرون في الدم، ولكن فهو في هذا الموضع “يعتبر لون جريء، ودرامي وموحي ويستحضر مفاهيم الحب والعاطفة، ويعكس أيضًا لون الزي العسكري للملك”.
سيتم عرض اللوحة لمدة شهر ابتداءً من 16 مايو في معرض فيليب مولد في لندن. ومن ثم سيتم تعليق اللوحة في قاعة دريبر، وهو مبنى تاريخي في لندن كان مملوكًا في الأصل للملك هنري الثامن.
لماذا رسم الفنان فراشة واحدة على كتف الملك؟
فسر يو في حواره مع شبكة بي بي سي توظيفه الفراشة ذات اللون المائل إلى الأحمر في اللوحة، قائلاً: “في تاريخ الفن، ترمز الفراشة إلى التحول والولادة الجديدة، وهي مناسبة لصورة يتم رسمها لملك صعد مؤخرًا إلى العرش”.
والفراشة هي أيضًا إشارة إلى اهتمام الملك بالبيئة منذ فترة طويلة، وقال يو إنها كانت فكرة تشارلز بعد أن تحدثوا عن الفرصة التي أتيحت له لرواية قصة بالصورة.
بدأ يو رسم الصورة عندما كان تشارلز لا يزال أميرًا لويلز، حيث جلس لأول مرة أمام يو في هايجروف في يونيو 2021، وكان الملك قد جلس 4 مرات إجمالاً، لمدة ساعة تقريبًا في كل مرة، وكانت الجلسة النهائية في كلارنس هاوس في نوفمبر 2023.
ولكن الناقد تابش خان يرى أن الفراشة لم تكن كافية للتعبير عن جانباً مهما من اهتمامات الملك تشارلز، وقال خان: “كان بإمكانه وضع المزيد في اللوحة حول جانب تشارلز البيئي مما يجعله أكثر أناقة وأكثر ارتباطًا باهتماماته”.