أمد/
كتب حسن عصفور/ يبدو إن “الإدارة الأمريكية” بدأت مسارها الخاص نحو ترتيبات “اليوم التالي” لحرب غزة، في مسارات متعددة يشمل دولة الكيان والتحالف المستقبلي لنتنياهو، و “الفلسطيني بلا عباس ولا حماس”، وعربيا كشريك فيما يمكن اعتباره “وصاية مستحدثة” على المشهد الفلسطيني واتساع حركة التطبيع، لتيعزيز نفوذها الإقليمي عبر اتفاقات “أمنية”، وخاصة مع العربية السعودية.
في مقابلة تلفزية يوم الجمعة، أعلن الناطق باسم البيت الأبيض جون كيربي انتهاء مرحلة “الكلام الرمادي”، الذي ساد طويلا في مواقف أركان الإدارة الأمريكية فيما يخص القادم الفلسطيني، لترتيبات ما بعد الحرب العدوانية على قطاع غزة، بالنطق الصريح، أن مدخلها سيكون بوجود “سلطة فلسطينية متجددة”، لغة لا تحتمل التأويل والتفسير، بأن القادم السياسي يجب أن يكون تغييرا جوهريا عن الحاضر السياسي.
تصريح كيربي عن “السلطة المجددة”، توافق زمنيا مع افتتاح العمل بالممر البحري، والذي يمثل رأس الحربة في الترتيبات الخاصة بقطاع غزة، والدور الأمريكي المباشر ليس في صياغتها فقط، بل في تنفيذها، ومشاركة إقليمية ودولية، بمسميات مختلفة، أبرزها:
*المساعدات الإنسانية، والتي سيطول زمنها بحكم الكارثة الكبرى في قطاع غزة، ما يتطلب عملا إغاثيا لسنوات، وذلك يترافق مع الدور الحمائي له.
*ملف إعادة الإعمار، الذي يمثل القضية المركزية لقطاع غزة في المرحلة المقبلة، ويتطلب خلق إطار إقليمي ودولي للقيام به، ضمن شروط قاطعة كي يتم التشكيل ثم التنفيذ.
مهام مركزية تشترط وجود “إدارة تنفيذية مدنية” ترتبط بالسلطة الفلسطينية، ولكن بمواصفات لا تتوافر بالسلطة القائمة وفقا للمفهوم الأمريكي (وموضوعيا وفق أهل فسطين ولكن لغاية مختلفة جدا عنها)، ما يجب العمل على “تحديثها” لتتوافق و”المواصفات الأمريكية الدولية المستحدثة”، كمفتاح الضرورة السياسية لتلك المهام.
مسار القاطرة الأمريكية لـ “تجديد” شباب السلطة الفلسطينية انطلق، وبدأت الأفكار تتسارع، وبخطوات بعضها ارتبط، كما كان دوما، بالقضية المالية، سواء ما يتصل بأموال المقاصة التي هي حق مصادر من قبل دولة الفاشية اليهودية، كما مصادرة أراضي بدولة فلسطين لصالح الفرق الإرهابية الاستيطانية، بالتوازي مع تحديث “شروط” شبكة الأمان المالية العربية، التي بدأ بعضها خلال قمة البحرين.
وتيرة الحراك الأمريكي لـ “تحديث” السلطة الفلسطينية يسير وفقا لسرعة الحدث في داخل دولة الكيان، والموقف من الوجود الاحتلالي في قطاع غزة، دورا ومهام، والممكن مع الطرف الفلسطيني و”مظلة الوصاية”، التي يتم ترتيبها بأسماء مختلفة ركيزتها “الإعمار والإغاثة”، ولكنها لن تتراجع أبدا عما بدأت به، وخاصة لعدم وجود رفض عربي رسمي صريح لتلك الأفكار.
ولم يكن مصادفة أبدا، أن تعلن “قمة البحرين” المطالبة بوجود قوات حماية حفظ السلام في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهي في الحقيقة تعلم يقينا أنها لقطاع غزة فقط، استجابة لمطلب أمريكي، كمقدمة فرض “الوصاية الأمنية – السياسية” على طبيعة الحكم في المرحلة الانتقالية، والتي ستعرف بمرحلة “إعادة الإعمار والإغاثة الإنسانية”.
والحديث عن “قوات حفظ السلام – الطواقي الزرق”، هو جزء من “الرؤية الأمنية” للمرحلة الانتقالية، في ظل عدم انسحاب كامل للوجود الاحتلالي من قطاع غزة، بل تنظيم وجوده وفق مظلة خاصة، وجدولة الخروج ضمن جدول زمني متفق عليه، وحسب تطورات المشهد خلال زمن “الإعمار والإغاثة”.
موافقة الرسمية الفلسطينية على فقرة قوات حفظ السلام في قمة دون وضوح، وكنتاج لخروج جيش دولة الاحتلال من قطاع غزة، والاعتراف بوجود دولة فلسطين، شكل انتكاسة سياسية وكشفت عن “ارتعاش” كبير مما هو قادم، فقدمت “تنازلا من حقها السيادي” تمهيدا لمرحلة “الوصاية السياسية”، اعتقادا أنها ستحد من قوة الاندفاعة الأمريكية نحو “تجديدها”، بما يتوافق والرؤية التي يتم صياغتها.
يبدو أن التاريخ يعيد بعضا من مشاهده، عندما أقدمت أمريكا على طرح فكرة بوش الأبن يونيو 2002 حول ما يعرف بـ “حل الدولتين”، مشترطا أن يتم “تحديث” السلطة الفلسطينية وتجديدها بصلاحيات تحد من سلطة الخالد المؤسس ياسر عرفات عبر إنشاء منصب رئيس الوزراء، فقاد الرئيس محمود عباس بشخصه مجموعة من الشخصيات الفلسطينية لفرض “الإصلاح الأمريكي”، تحت شعار القضية أبقى.
هل سيبرز قريبا فريق فلسطيني يعيد مشهد فرض الإصلاح الأمريكي، وبذات شعار الرئيس عباس وفريقه عام 2002..يبدو ذلك ولن يتأخر كثيرا..حقا بعض أحداث التاريخ تتكرر مرتين، الأولى مأساة والثانية مهزلة..كما لخصها ماركس بعبقرية نادرة.
ملاحظة: وزارة الداخلية البريطانية قررت إلغاء تأشيرة الطالبة الفلسطينية الغزية الشابة دانا أبو قمر، لأنها أصرت أن تكون بنت بلدها وقضيتها..وتحدثت بما يجب ان يكون كلاما لكل إنسان بضمير ومش فقط الفلسطيني..الغريب أنه لم نقرأ احتجاج أو غضب لا من سفارة فلسطين بلندن ولا خارجية بلدها…معقول ما عندهم خبر..الخزي وصف قليل فيكم.
تنويه خاص: قمة البحرين، أخف دم قمة عربية الصراحة..كل وقتها 3 ساعات..بعض القادة حكوا كلمة الواجب وغادروا القاعة..والمفاجأة الألذ إن الرئيس الأسد ما حكى مع انها فرصة لسوريا.. وقال هيك قمة بدها تجيب مؤتمر دولي..وهي مش قادرة تجيب كل القادة العرب..ونيالك يا…
لقراءة مقالات الكاتب كافة..تابعوا الموقع الخاص