أمد/
كتب حسن عصفور/ مع قدوم مستشار الأمن القومي الأمريكي سوليفان الى المنطقة، وزيارة العربية السعودية، بما لها من “قيمة استراتيجية” في الترتيبات الأمريكية المستجدة في “المنطقة والإقليم”، خاصة الوجود العسكري المباشر في البحر الأحمر، أقدم وزير الجيش الإسرائيلي السابق والعضو المشارك في مجلس الحرب العدوانية على الشعب الفلسطيني بيني غانتس، بتقديم إنذار علني لنتنياهو ومجلسه الوزاري.
إنذار غانتس يوم السبت 18 مايو 2024، والذي ينتهي 8 يونيو، بدأت كـ “رسالة استسلام” يطالبها عبر نقاط ست تضمنتها، “إعادة المختطفين الإسرائيليين لدى حماس، القضاء على حكم حماس، نزع السلاح من غزة، وضمان الوجود العسكري الإسرائيلي، إقامة إدارة أوروبية أميركية فلسطينية للقطاع مدنيا، تضمن سلطة ناجحة تحكم غزة، وإعادة المواطنين (الإسرائيليين) في الشمال، تطبيع العلاقات مع السعودية من خلال خطوة واسعة لإقامات علاقات مع العالم العربي، تجنيد طلاب المعاهد الدينية في إسرائيل، لضمان قوة الجيش”.
دون الخوض في مسألة “الخلاف الخاص” حول قضية جيش الاحتلال وتجنيد المتدينين، قضية تتزايد حركة المطالبين بها، فإن جوهر “رسالة الإنذار” الغانتسية تتركز على ترتيبات اليوم التالي لحرب غزة، تتلاقى أو ربما تتطابق مع الرؤية الأمريكية، التي لم تعلنها بشكل كامل، لكنها تكتفي بالإشارة لها عبر أحاديث متفرقة.
رؤية غانتس تتوافق ورؤية وزير جيش دولة الكيان يوآف غالانت تقريبا التي كشفها قبل أيام في تحدي علني لنتنياهو، تكشف أنه جوهر الترتيبات التي يتم تحضيرها “إقليميا” برعاية أمريكية تقوم على كيفية “فرض الوصاية السياسية” على الشعب الفلسطيني، بشكل مستحدث عما كان ما قبل حرب 1967، وقبل الانطلاقة المعاصرة للثورة الفلسطينية، مسألة كانت في فترة سابقة محل رفض وتشكيك من “البعض” الفلسطيني، سواء عدم قراءة عميقة للمتغيرات المتسارعة، أو “تواطئ من الباطن” معها، لتمريرها بهدوء، لكنها أصبحت مكشوفة وعلنية.
تلخيص رؤية غانتس، فلسطينيا، بفرض “إقامة إدارة مدنية أوروبية أميركية فلسطينية لقطاع غزة” منزوعة السلاح ومع وجود عسكري لجيش الاحتلال، هي القضية المركزية التي تقوم أمريكا بهندستها مع دول عربية وأوربية، ولعل تصريح الناطق باسم الأمن القومي الأمريكي كيربي حول “سلطة فلسطينية متجددة”، هو الباب الذي ستمر منه تلك “الإدارة الخاصة”، واتفاق على منع أو تأجيل قيام دولة فلسطينية في المدى المنظور.
أسابيع غانتس الثلاثة “الإنذارية” لنتنياهو وحكومته، مساحة زمنية لاستكمال قواعد الترتيبات الأمريكية لليوم التالي لحرب غزة، وخاصة بعدما حققت “تقدما سريعا” في وضع ركائز رؤيتها، من خلال تجنيد مواقف عربية وأوروبية لفكرة “سلطة فلسطينية متجددة”، وأن قطاع غزة بحاجة لإدارة منزوعة السلاح وبلا حماس وعباس مؤقتا، ونشر “قوات حفظ سلام – الطواقي الزرقاء”، والاتفاق على تنظيم وجود ما لجيش الاحتلال، وفتح الميناء البحري كرأس حربة أمنية واقتصادية، عبر بوابة “إعادة الإعمار وتوفير الإغاثة”.
الى حين انتهاء مهلة الإنذار الغانتسي، وما سيكون خلالها من ترتيبات داخلية في دولة الكيان، نحو اسقاط حكومة نتنياهو من داخلها، وفرض انتخابات مبكرة رغم الحرب، ما يتيح لإدارة بايدن حجم مناورة سياسية أوسع لتمرير رؤيتها الشاملة، أوخلالها قد تبرز تطورات ميدانية في الحرب العدوانية، عبر “خدمات أمنية مضافة تقدمها المخابرات المركزية الأمريكية” للمؤسسة الأمنية في دولة الاحتلال، ما سيكون عاملا هاما في التأثير على الانتخابات القادمة، بالتوازي مع استخدام “ورقة التطبيع” وعلاقات مع العربية السعوديةـ لفتح الباب نحو فو “تحالف أمريكا الانتخابي”.
“مهلة غانتس” الزمنية، رسالة أنه لا مكان للحديث بشكل حقيقي حول “صفقة تبادل وهدنة” في قطاع غزة، فنتنياهو وفريقه لن يوافق أبدا على أي صفقة تحت النار الداخلية، وهو يعلم يقينا بأنها ترمي لقذفه خارج الحياة السياسية، فيما ستستخدمها واشنطن للترويج لفريقها، لمحاصرة أي خطوات ضد دولة الكيان دوليا، في مجلس الأمن والأمم المتحدة، وخاصة تعطيل اندفاعة عضوية دولة فلسطين الكاملة وفق البند السابع لميثاق الأمم المتحدة، والاكتفاء بما حدث من “امتيازات مضافة” حصلت عليها، إلى جانب تحديد أي إجراءات للعدل الدولية، لتكون ذات عناصر عقابية ومطالبات دون أن تصل لوضع نتنياهو وقادة جيشه على قوائم الإرهاب المطلوبين.
“مهلة غانتس” ستشهد تصعيدا نوعيا في الحرب العدوانية على قطاع غزة، وخاصة في محور فيلادلفيا ومحور وادي غزة المعروف باسم “نتساريم” ومسارعة بناء المنطقة العازلة، مع توسيع مسألة المساعدات الإنسانية، للتغطية على المسار الحربي، وخاصة مع إمكانية البدء بإنشاء “مناطق لجوء داخلية” عبر بيوت جاهزة.
“مهلة غانتس” لن تكون تهديدا لحكومة نتنياهو وفريقه فحسب، بل هي تهديد حقيقي للفلسطينيين، رسمية وفصائل وخاصة حركة حماس. ما يستدعي “نفيرا وطنيا شاملا”، دون حسابات صغيرة او تفكير الصغار.
ملاحظة: نشر أرقام الخارجين من رفح وآخرها 800 ألف مواطن، تستخدم بشكل معاكس من قبل حكومة الفاشية اليهودية..خاصة مع اقتراب عمليتهم التكميلية فيها بعد عودة “الحج” سوليفان لبلده..مع المحبة طبعا لنوايا لازاريني الحسنة..بدها انتياه !
تنويه خاص: بعد “قمة البحرين” وبيانها التمهيدي لفرض “وصاية متجددة”..اختفت الرسمية الفلسطينية خالص..لا حس ..لا خبر..لا صوت ..لا غضب على شي، مع انه جيش العدو هشم طولكرم وجنين..بلاش نقول غزة..لعل المانع شو!
لقراءة مقالات الكاتب..تابعوا الموقع الخاص