أمد/
كتب حسن عصفور/ منذ أن أصبحت فلسطين دولة مراقب بالأمم المتحدة، بعد قرار اعتمدته الجمعية العامة بأغلبية كبيرة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2012، بتأييد 138 دولة ومعارضة 9 وامتناع 41 عن التصويت، والولايات المتحدة تعمل بكل الطرق لمنع الارتقاء بعضويتها إلى دولة كاملة الحق لاستكمال الفراغ الذي أنتجه “الظلم التاريخي” منذ عام 1948.
وفي 10 مايو 2024 اعتمدت الأمم المتحدة قرارا معزز لمكانة دولة فلسطين المراقب ومنحتها امتيازات واسعة، دون أن تصل الى العضوية، بعدما صوت لصالحه 143 دولة ومعارضة 9 وامتناع 25، ما يشير إلى أن الحركة التفاعلية لم تشهد تغييرا جذريا في الاعتراف، لكنها شهدت تطورا في مواقف دول أوربية انتقلت من “الامتناع” الى الاعتراف.
بالتوازي، دخلت دولة الاحتلال تحت ضغط لم يكن ضمن الحسابات التقليدية، عندما وضعتها “المحكمة الجنائية الدولية” و “محكمة العدل الدولية” تحت بند المطاردة القانونية، بصفتها ارتكب مجازر إبادة جماعية وجرائم حرب تستوجب العقاب، وهو ما لم يكن يوما متوقعا، دون ما دفعه أهل قطاع غزة ثمنا، دمارا وقتلا.
ومنذ بدء الحرب العدوانية في 7 أكتوبر 2023، بدأت الولايات المتحدة العمل لخلق واقع سياسي جديد في الأرض الفلسطينية المحتلة، يرتكز على ما كان واقع انفصالي في قطاع غزة، وتطوير مضمونه شكلا وأداة، ليكمل الأهداف التي من أجلها حدث انقلاب يونيو 2007، بمسميات معاصرة، تحت ضربات جيش العدو التدميرية، وإعادة الاحتلال لكل أرض القطاع.
والمخطط الأمريكي لم يعد “سرأ” بل بدأ التطبيق العلني ونشر مكوناته بشكل مستمر، ودخل مرحلة متقدمة بعدما افتتحت الممر البحري، كرأس حربة للقاعدة العسكرية التي ستضمن الولاية الأمنية لـ “الإدارة المدنية” الباحثين تشكيلها، وتسارعت خطواته أثر قرار الأمم المتحدة يوم 10 مايو 2024.
وبعد صدور قرار “الجنائية الدولية” وقرارات “العدل الدولية” التي تم احالتها إلى مجلس الأمن بصفتها أحد مكونات الأمم المتحدة، تعمل أمريكا على قطع الطريق لاستخدام مجلس الأمن منصة حصار لدولة الكيان، أو وضعها أمام حرج سياسي كبير فيما لو استخدمت حق النقض ضد قرارات العدل الدولية وتعزيز مكانة فلسطين، فكانت الحركة السريعة للعمل على فتح معبر كرم أبو سالم لإدخال المساعدات الإنسانية ضمن إجراء مؤقت، وفقا للإعلان المشترك مع مصر، واستكمالا يتم الحديث عن البحث في آلية لإعادة معبر رفح بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، مع إشارات نحو دور أوروبي كإعادة لما كان في اتفاقية المعابر 2005 (التي تضمن وجود أمني احتلالي بشكل محدد).
ومع ترتيبات “خلق كيان انفصالي في قطاع غزة”، ستعمل على وقف كل امدادات سياسية عالمية لتعزيز مكانة دولة فلسطين، ولقطع الطريق على الاستفادة من الجنائية الدولية والعدل الدولية، سواء باستخدام حق النقض أو بتحريض دولة الكيان ألا تعير اهتماما لها.
ولتعزيز رؤيتها ضد الكيانية الوطنية الفلسطينية تبحث كيفية تعديل المشهد داخل دولة الكيان، كون نتنياهو يمثل عقبة كبرى أمام تحقيق النجاح المرتقب لمشروعها الإقليمي، الأمر الذي بدأت ملامحه تطل عبر “حرب الجنرالات” مع رئيس حكومة التحالف الفاشي، في سابقة لا مثيل لها منذ 1948، ما يفتح الطريق أمام انتخابات مبكرة، تساعد على التخلص من العقبة، لإكمال الطريق نحو المحيط.
أمركا تسابق الزمن، لتشكيل “حكم انتقالي” انفصالي في قطاع غزة، مع أدوات متعددة، نحو تنفيذ مشروعها ضد فلسطين، مستغلة “الكارثة الإنسانية الكبرى” لخلق “كارثة سياسية كبرى”.
ملاحظة: البعض يحاول التذاكي باستغلال ما حدث في 7 أكتوبر لتمرير مشروع “البديل” تحت “نقاب ثوري”..يعيد انتاجا ما كان من تلاعب بعد عام 1993..العدو التاريخي لفلسطين الكيان مش بس صهيوني..احذروهم!
تنويه خاص: صدق “أبو جوزيف بوريل” لما قال عن دولة الفاشية اليهودية إمها بتعتبر كل من حكى عن “الإبادة الجماعية” اللي تعملها في فلسطين بأنه “عدو للسامية”..تهمة تسقط سريعا مع سقوط مكانة الكيان اللي كانت خادعة دول كتيرة..يا مزيد!
مقالات الكاتب على الموقع الخاص