أمد/
تمارس دولة الاحتلال التركية، سياسة الإبادة الجماعية بحق الشعب الكردي، منذ حوالي مئة سنة الأخيرة وذلك منذ اليوم الأول لتشكيل الدولة القومية التركية، على حساب الشعوب الأصيلة في ميزوبوتاميا والأناضول وتعايشهم التاريخي والإنساني وإبادتهم وتتريك ما تبقى منهم وبالدعم والمساندة المباشرة وخاصة من الدول الأوروبية وحلف الناتو ونظام الهيمنة العالمي الرأسمالي.
ومع تصاعد حالة الاحتجاج الطبيعية وتجذر النضال الكردي المجتمعي الرافض لهذا الوضع القاسي والمطالب بالحقوق المشروعة للشعب الكردي وشعوب المنطقة بالحياة التشاركية الحرة وإدارة مناطقهم والعيش بثقافاتهم، بقيادة القائد عبدالله أوجلان وحزب العمال الكردستاني، زادت دولة الاحتلال التركية من وتيرة جرائمها وارتكابها للإبادة الجماعية وتكرارها على الشعوب، في ظل تواطؤ دولي وإقليمي يعبر عن تلاقي المصالح السلطوية الاقتصادية والسياسية بعيداً عن حقوق الشعوب وأولوياتهم في الحرية والديمقراطية وكذلك بعيداً عما يسمى القوانين الدولية.
تم اعتقال القائد أوجلان بمؤامرة دولية ومحاولة تصفية نضال الديقراطية والحرية في كردستان بأجزائها الأربعة وضمان استمرار بقاء الشعب الكردي دون أية حقوق ومحاولة تحجيم الذهنية التشاركية والإرادة الحرة التي بنائها القائد أوجلان والتي جسدتها قوات الدفاع الشعبي (الكريلا) والشعب الكردي الحر، إلا أن طريقة ومنهية تعامل وتصرف القائد أوجلان مع المؤامرة وفك خيوطها وفهمها بشكل جيد وما أنتجه وكتبه من الفلسفة والفكر من محبسه الانفرادي، جعلت المؤامرة غير قادرة على تحقيق أهدافها بشكل كامل رغم استمرار المؤامرة حتى اليوم وبأشكال مختلفة.
إن هزيمة داعش في سوريا والعراق، وما قدمه الشعب الكردي ومعه شعوب المنطقة لهزيمة داعش كانت بفضل فكر وفلسفة القائد أوجلان، ولولا مشروع الأمة الديمقراطية المحققة لحالة التعايش السلمي والسلم المجتمعي والموجبة بأهمية الدفاع الذاتي والسياسية الديمقراطية، لكانت داعش سيطرت على دول وشعوب كثيرة، ولكن النظام الدولي وبقيادة أمريكا وأوربا لا يريدون رؤية هذه الحقيقة، بأن الذي هزم داعش هو القائد أوجلان، ومازالوا يدعمون تركيا في سلوكها الفاحش وممارستها الإبادة بحق الشعب الكردي والقائد أوجلان، فها هي السلطات التركية ومنذ أكثر من ثلاثة سنين ونصف تمنع أي لقاء أو تواصل للقائد أوجلان مع الخارج سواء أهله أو محاميه، وبهذا فإن السلطات التركية تتجاوز حتى قانونها الخاص كما يقول الكثير من المحاميين المتابعين لحالة العزلة المطلقة التي تفرض على القائد أوجلان ليس من قبل تركيا فقط بل من قبل منظومة الهيمنة الدولية وفيها الناتو وأمريكا وأوروبا ومنظمتها التي تسمى لجنة مناهضة التعذيب وهي التي في الحقيقة تجسد التعذيب بسلوكها وقراراتها ومساندتها لحالة العزلة تحت حجج وأكاذيب مختلفة.
وبالمقابل فإن من يدعى مخالفة نظام الهيمنة العالمي ومحاولة تحقيق أقطاب عالمية مختلفة من مراكز القوى والقوى الدولية والإقليمية والتي تتصارع لأجل تقاسم الهيمنة في الشرق والغرب وكذلك الدول الإقليمية والمؤسسات الإقليمية وبعض القوى المحلية، فإن رؤيتهم وسلوكهم حول قضية الشعب الكردي وحالة العزلة المطلقة للقائد أوجلان، لا تختلف كثيراً عن نظام الهيمنة العالمية، لأنه بالاساس فإن هذه المخالفات الدولية والإقليمية ليست لها مشاريع مختلفة ومقاربات جديدة بحق قضايا شعوب المنطقة المصيرية، وجل همهم هو كيفية زيادة النفوذ والسلطة والتحكم ومنافسة مراكز وبؤر السلطة الأخرى.
منذ 10 أكتوبر/تشرين الأول عام 2023 فإنه هناك حملة عالمية من قبل الأحرار والأصدقاء وكذلك الشعب الكردي حول العالم تحت اسم”الحرية للقائد أوجلان والحل السياسي للقضية الكردية” وهي تتقدم بخطوات ثابتة وجيدة وإن كانت غير كافية حتى الآن في مناطق ودول عديدة حول العالم، وذلك لتشكيل رأي عام دولي حر وديمقراطي ضاغط على الجهات والدول التي تفرض العزلة المطلقة وتمنع الحل السياسي للقضية الكردية.
نعتقد أن المقياس الإنساني والأخلاقي والوطني للشعوب والأحرار في المنطقة والعالم يتجسد في دعم القضايا العادلة ومساندتها بكل الوسائل، كقضية حرية القائد أوجلان والحل السياسي للقضايا العادلة كقضية الشعب الكردي والشعب الفلسطيني اللذين يتعرضان لحالة الإبادة الجماعية على يد تركيا وإسرائيل وبموافقة دولية وتوابعهم الإقليميين من القومويين الفاشيين والإسلامويين التكفيريين.
نظراً لتأكيد القائد أوجلان بأنه متواجد حيثما تتواجد كتبه، فإن قراءة كتب ومجلدات القائد أوجلان والتعرف على فلسفته وأفكاره وكتابة كتب جديدة ومقالات وأبحاث وصياغة أفلام وحملات دولية مساندة على النت، شكل أحد البنود الأساسية في سياق الحملة العالمية لحرية القائد أوجلان، وقد كانت هناك يوماً لكتاب القائد والمفكر أوجلان، وقد حصلت فيه ندوات وقراءات وورش وحلقات نقاش عن أفكار وفلسفة القائد ومقترحاته لأجل الحياة الحرة وتحقيق الحرية والديمقراطية لشعوب المنطقة والعالم.
كما أن إرسال الرسائل والآراء المطالبة بإنهاء العزلة والتجريد والمطالبة بحرية القائد للمنظمات والجهات الدولية الحقوقية والسياسية والإنسانية، وكذلك لمنظمة مناهضة التعذيب الأوربية، وكذلك القيام بفعاليات جماهيرية ومهرجات داعمة مختلفة في أماكن عديدة حول العالم، وإدخال أفكار القائد أوجلان ومسيرته في مفردات الدراسة في بعض الجامعات حول العالم، دعمت الحملة وأخذتها لمستويات عليا في تشكيل رافعة إقليمية ودولية للضغط على تركيا ومن ورائها لإنهاء العزلة والتجريد.
ولعل ما قامت به قوات الدفاع الشعبي(الكريلا) في إطار دعمها لحملة الحرية للقائد أوجلان، أعطتها زخماً ودفعة كبيرة، فخلال الأشهر الماضية قامت قوات الكريلا بعمليات ناجحة كسرت شوكة وعنجهية واستعلائية الجيش التركي الغازي الذي يستعمل كل الأسلحة المحظورة والمحرمة دولياً.
ولكن ما زال هناك الكثير من النشاطات والأعمال التي يجب القيام به على مختلف الصعد والمجالات الثقافية والحقوقية والسياسية والفنية والفكرية والأخلاقية والإنسانية، لبناء حركة عالمية تتبنى حرية القائد أوجلان والحل السياسي للقضية الكردية، وبهذا نكون أمام واقع جديد، نذهب به وعبرها إلى ممارسة الضغط الكافي لتحقيق حرية القائد أوجلان وكذلك تبني وفرض الحلول الديمقراطية للقضايا العالقة وفق نظم ديمقراطية ومجتمعات قوية ومتماسكة، تكون بديل للنظم الدسلطوية الأحادية وننهي بذلك ممارسات الإبادة الجماعية وتكون الشعوب حرة وفي حالة من التعايش والتضامن والاعتراف المتبادل بعيداً عن الخراب والدمار والتهجير القسري والتغيير الديموغرافي الممارسة حالياً.