أمد/
كتب حسن عصفور/ في يوم 31 مايو 2024، أعلن الرئيس الأمريكي ما اعتبرته وسائل الإعلام المختلفة، بـ “خريطة طريق” لوقف الحرب العدوانية على قطاع غزة، والتي بدأت يوم 7 أكتوبر 2023، لم يكن واضحا أهو مقترح إسرائيلي، أم أمريكي يراد تسويقه إسرائيليا، أم مقترح مشترك بين “المؤسسة الأمنية الإسرائيلية” والمخابرات الأمريكية لفرض واقع سياسي على رئيس حكومة التحالف الفاشي نتنياهو، ومحاصرته في وقت تصاعد المعارضة الداخلية للخلاص منه.
مقدمة ضرورية لإدراك ملابسات تحملها تفاصيل الخطة المعلنة، وافتقادها الجدية الحقيقية لما يرونه مراحل التنفيذ، كونها لم تضع عناصر يمكن اعتبارها “ركائز حماية حقيقية” لما سيكون، وكأنها تسير بقوة دفع ذاتي وليس وفق إطار محدد.
التباسية التحديد يفتح الباب لقراءة تفاصيل “إعلان بايدن”، وهي التسمية التي يمكن اعتبارها لما حدث، لغياب جهة الاقتراح وغموضها، وما تضمنه من “إشارات جانبية” يمكن اعتبارها رسائل ضمن الإعلان، تهديد صريح لحركة حماس، وتمنى على دولة الكيان، وتلك معادلة تفقد كثيرا من الإعلان مصداقيته، بدأ وكأنه “مصيدة سياسية”.
من خلال التدقيق في “إعلان بايدن” ثلاثي المراحل يمكن ملاحظة التالي:
“إعلان بايدن”، يقوم بشكل أساسي على الهدف المركزي للحرب العدوانية بـ “تكريس الانفصالية الكيانية الفلسطينية”، عبر إقامة “إدارة مدنية” لحكم قطاع غزة، انتظارا لتحديد شكل “سلطة فلسطينية في الضفة” تتوافق والمشروع الأمريكي الجديد، ولذا فمراحل الخطة الثلاثة جميعها تخدم ذلك الهدف.
“إعلان بايدن”، تجاهل كليا تحديد مفهوم انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وغابت كلمة الانسحاب الشامل والكامل، ومنها القاعدة العسكرية في محور وادي غزة، ما يعرف بمحور نتساريم.
تجاهل الإشارة الى محور صلاح الدين “فيلادلفيا”، الذي بات تحت الاحتلال بشكل كامل.
تجاهل الإعلان، إلى “المنطقة العازلة” التي بدأت قواعدها في مناطق شرق قطاع غزة.
تجاهل كليا قضية المعابر، خاصة معبر رفح، السيطرة والإدارة، إلى جانب مستقبل الممر البحري، وهي قضية جوهرية لأي حل في قطاع غزة.
“إعلان بايدن”، تجاهل كليا مسألة الأمن والقوة الأمنية خلال المرحلة الأولى، المفترض أنها لمدة ستة أسابيع وهي قاعدة الانطلاق للمراحل التالية، وهل يسمح للأجهزة الأمنية لحركة حماس غير كتائب القسام بالعمل، أم هناك قوة خفية ستكون هي صاحبة السلطة التنفيذية.
“إعلان بايدن”، لم يحدد آلية عودة النازحين من الجنوب إلى الشمال، وهل سيتم تفكيك نقاط “الفحص الأمني” لجيش الاحتلال التي تم تركيبها.
“إعلان بايدن”، لم يحدد آلية المتابعة للانتقال من مرحلة لأخرى، وسبل التنفيذ وتحديد مسؤولية المعرقل.
“إعلان بايدن”، تحدث في المرحلة الثانية عما أسماه بـ “إنهاء دائم للأعمال العدائية”، ما يشير إلى توقيع اتفاقية بين أطراف الحرب، وهنا من هو الطرف الفلسطيني المراد توقيعه، بصفته، هل هي حركة حماس باعتبارها “الحكم الإداري” في قطاع غزة، أم هناك “إدارة مدنية ناشئة” مجهولة الهوية الوطنية، أم “مجلس وصاية خاص” ثلاثي التكوين (محلي – عربي وأجنبي).
“إعلان بايدن”، في مرحلته الثالثة تحدث عن إعادة الإعمار دون سقف زمني، متجاهلا كيف يمكن أن يتم ذلك، وما هي الآلية اللازمة له، وهل سيكون تحت إشراف “السلطة المحلية”، أي كان هويتها، أم سيتم تشكيل “مجلس خاص” له صلاحيات مطلقة لوضع استراتيجية إعادة الإعمار، ما قد يحدث “ازدواجية” في الصلاحيات مع “الإدارة المحلية”.
بايدن تحدث بلغة التهديد ضد حركة حماس فيما لو رفضت، لكنه تجاهل كليا ما هو العقاب في حال رفضت حكومة التحالف الفاشي، عدا تعابير أنها فرصتهم الأخيرة.
“إعلان بايدن” بمراحله الثلاثة ملامح لـ “خريطة طريق” اليوم التالي لحرب قطاع غزة، تسارعت على ضوء التطورات السياسية عالميا، خاصة مشروع مجلس الأمن حول تعزيز مكانة فلسطين دولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة، بالتزامن مع مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بملاحقة قادة من دولة الكيان باعتبارهم مجرمي حرب، نتنياهو وغالانت، ما سيقود الى فتح ملف “الإبادة الجماعية”، وبالتأكيد مخاوف تطور آلية محكمة العدل الدولية التي انطلقت، وحازت تفاعل عالمي كبير بانضمام دول إلى جانب جنوب أفريقيا تضامنا معها.
“إعلان بايدن” يحاول استغلال نتائج الحرب العدوانية وخاصة بعد إعادة دولة الكيان احتلال رفح، المعبر والمحور والمركز، وضعف الرسمية الفلسطينية العام، وفقدانها قدرة النطق بالحق الوطني، مع تنامي قدرات الفاشية اليهودية في الضفة والقدس، لفرض رؤية مضادة للمشروع الوطني العام.
ومحاصرة لما يمكن حصاره من مخاطر سياسية كبرى في “إعلان بايدن” ضد المشروع الوطني، قد يكون ضرورة، أن تطالب حماس بتشكيل “وفد فلسيني مشترك” لبحث ذلك، كونه يتعلق بمستقبل سياسي لقطاع غزة وليس نقاط ذات طابع آني لهدنة مؤقت’، وعلى الرسمية الفلسطينية، أن تعلن بإن موقفها من “إعلان بايدن” يرتبط بوجود وفد فلسطيني مفاوض، مع تناول مجمل القضية الوطنية.
الموافقة من أي طرف فلسطيني على “إعلان بايدن” بشكل منفصل، ودون تحديد إطار شامل للقضية الوطنية، يكون مشاركة عملية في الخطة الأمريكية لضرب الهدف المركزي إعلان دولة فلسطين.
ملاحظة: غريب بعض مراكز الاستطلاع، اللي بتنشر عن حرب غزة ومآلها من غير أهلها، وتقوم بتسويق مفاهيم “ثورية” ممن لا يفعل شيئا سوى الهتاف البيتي، وحقيقتها تخدم عدو يبحث كل ذريعة للتدمير والتخريب..أبوها مصاري الغرب المسمومة.
تنوه خاص: مجرم الحرب الرسمي نتنياهو تحول مسخرة مشتركة في المغرب العربي..حاول يتذاكي ويعمل فيها “أبو العريف” رفع خريطة استفزت اهل المغرب وأضحكت أهل الجزائر..بس حفلة حلوة على الفاشي الجديد وسط حرب الدمار.
متابعة المقالات على موقع الكاتب الخاص