أمد/
يبروت: فوجئت الأوساط السياسية في لبنان والخارج بإقدام "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" (القيادة العامة) على إخلاء مواقعها في الناعمة وتسليمها الى الجيش اللبناني من دون أي ضجيج إعلامي وفي توقيت يجدر التوقف عنده.
هذه الخطة وضعت قبل سنة، على أن تشمل مواقع أخرى للجبهة في البقاع. وتولى الإشراف على العملية وإدارتها بكتمان ورعاية شديدين مدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي والمدير العام بالإنابة للأمن العام اللواء الياس البيسري ورئيس لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني باسل الحسن. وفقا لما نشرته صحيفة "النهار" للبنانية.
وقالت الصحيفة، أن الثلاثة كانوا على تنسيق مباشر مع قيادة الجبهة في لبنان وأمينها العام طلال ناجي تطبيقا لمقررات طاولات الحوار التي تحدثت عن سحب السلاح الفلسطيني خارج المخيمات وتنظيمه في داخله. وتزامن ما حصل في الناعمة في الأيام الأخيرة مع تصاعد وتيرة المواجهات العسكرية في الجنوب.
وسبق للجبهة بناء هذه المواقع وشق الأنفاق منذ منتصف السبعينيات بدعم من ليبيا من خلال العلاقة التي ربطت بين مؤسس الجبهة أحمد جبريل ومعمر القذافي.
وجاء إخلاء مواقع الناعمة في ساحل الشوف بناء على خطة تقوم على ثلاث مراحل توزعت على الشكل الآتي:
– قبل سنة أقدمت "القيادة العامة" على نقل نحو 1000 صاروخ "غراد" من مخيم البداوي في الشمال، وعاينها ضباط من الجيش. وحذر الجيش "الجبهة" من صواريخ معرضة للانفجار وقد فقدت صلاحيتها. ونقلت الأخيرة ما تبقى الى قوسايا، وانفجر صاروخ مخزن منها أدى الى مقتل خمسة من عناصر " الجبهة" في نهاية أيار 2023.
ولم تكن إسرائيل وراء هذا الفعل. وتقول جهات مواكبة إن البداوي ومخيمات الشمال أصبحت خالية من الأسلحة الثقيلة.
– في الناعمة جرى سحب نصف الاسلحة والاعتدة الثقيلة قبل أقل من سنة، ونقلتها شاحنات الجيش (اللبناني) الى مستودعاته قبل السابع من أكتوبر، تشرين الأول الماضي.
ولم يلاحظ الاهالي واصحاب العقارات من ابناء الناعمة والدامور حقيقة التوجه الى اخلاء "القيادة العامة" مواقعها التي تعرضت لعشرات الغارات من سلاح الجو الاسرائيلي. ولطالما شكا الاهالي وجودها ولا سيما من طرف الذين لا يلتقون في التوجهات مع الفصائل الفلسطينية.
وتضيف "النهار" في تقريرها، في الاسابيع الاخيرة جرى التواصل بين المشرفين اللبنانيين على هذه العملية و"القيادة العامة" التي أبدت كل تجاوب في متابعة عملية الإخلاء وموافقة ناجي عليها. ولم يتدخل أي من المسؤولين السوريين في هذا الإجراء. ولم يكن "حزب الله" بالطبع بعيدا من هذا التطور في الناعمة، وإذ لم
يبد اعتراضا عليه. وكانت الخطوة محل دعم من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي. وبدأت التحضيرات لإعادة ملكية الأراضي الى أصحابها، ولقي هذا الفعل ارتياحا كبيرا في الناعمة والدامور وجوارهما.
– ينتظر المعنيون بهذه العملية الانتقال الى المرحلة الثالثة في البقاع حيث تنتشر مواقع عدة لـ"القيادة العامة" في قوسايا، وكفر زبد، وعين كفر زبد، وحلوة.
ولتنظيم "الصاعقة" قواعد في عدد منها. وتعود ملكية المساحة الكبرى التي تشغلها "القيادة العامة" في قوسايا الى شخص من بيروت يطالب باسترجاعها.
وقد حصلت عملية الإخلاء في الناعمة وسط ترقب مختلف الفصائل لدى "التحالف"، فضلا عن تلك المنضوية تحت لواء منظمة التحرير الفلسطينية. وثمة مساحة تشغلها حركة "فتح" في محيط مخيم الرشيدية في صور وتستعملها لأعمال التدريب بعدما جمعت جهازي "الأمن الوقائي" و"الأمن الوطني" في إطار "الأمن الموحد".
ومعلوم أن هناك جهات فلسطينية تلتقي مع "القيادة العامة" وأخرى لا تؤيدها الرأي لم تنظر بارتياح الى خطوة الأخيرة وإخلائها الناعمة. ولم يصدر أي موقف عن حركة "حماس" من هذا الموضوع في زحمة انشغالها في غزة، فضلا عن مشاركة عسكرية لـ"كتائب القسام" في أكثر من عملية في الجنوب وتبنيها إطلاق زخات من الصواريخ في اتجاه اسرائيل بعد عملية السابع من أكتوبر الفائت.
ويقول مسؤول في القيادة العامة" لـ"النهار" إن مغادرتها مراكزها في الناعمة جاء أولا لتداخلها مع المدنيين من سكان المحيط، وهي لم تعد تخدم الأهداف المطلوبة منها وفقا لجملة من القراءات العسكرية والميدانية والنضالية، علما أن "علاقات جيدة تربطنا مع الجيش واخواننا في لبنان".
وتوضح أوساط لبنانية متابعة أن قهوجي والبيسري والحسن يتابعون إتمام هذه العملية بهدوء ومن دون أي استعراض، ويجري تنفيذ مقررات طاولة الحوار الوطني في شأن نزع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات ومن دون العمل وفق أي أجندة خارجية. وسبق أن تم تناول هذا الموضوع بين أحمد جبريل والرئيس سعد الحريري، مع تأكيد ضرورة منح اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات مزيدا من الحقوق الاجتماعية، ولا سيما بعد تقليص خدمات وكالة "الاونروا".
ويؤدي هذا التطور، على أهميته على أكثر من صعيد، الى عدم إقدام اسرائيل على استهداف الناعمة بعدما كان أخطر استهدافاتها الإنزال الذي نفذته عام 1988 واستمر 11 ساعة آنذاك بإشراك كلاب مدربة كانت تحمل قنابل غازية لقتل أكبر عدد من العناصر وخنقهم في الإنفاق التي استرجعها أصحابها بجهود من الجيش ومديرية الأمن العام ولجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني.