أمد/
تل أبيب: لم يؤد انسحاب عضو مجلس الحرب ورئيس معسكر الدولة بيني غانتس من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى انهيار الحكومة الإسرائيلية، التي تتمتع بدعم 64 من أصل 120 عضواً من أعضاء الكنيست، لكنّه تركها غارقة في خلافات داخلية بسبب مجموعة من القوانين المثيرة للجدل. كما نضرت وكالة " AWP".
وللمرة الأولى، تصل الخلافات العلنية إلى حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو نفسه، حيث يرفض عدد من أعضاء الكنيست المنتمين للحزب طرح قوانين بصيغتها الحالية، منها قانون التجنيد الخاص بإعفاء اليهود المتشددين "الحريديم" من الخدمة العسكرية.
وبلغت الخلافات داخل ائتلاف نتنياهو أوجها يوم الثلاثاء، إثر سحْب رئيس الوزراء قانون "الحاخام" الذي يأخذ صلاحيات تعيين الحاخامات في المدن من السلطات المحلية والبلديات ويمنحها لوزارة الأديان التي يتولاها حزب "شاس" الحليف.
وقال نتنياهو إن سحْب القانون من التصويت في الكنيست يرجع إلى أنه لن يحظى بالأغلبية المطلوبة؛ لكنّ الخطوة أثارت غضب حزب "شاس" ورئيسه أرييه أدرعي.
واتهم الحزب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالتهرب من تنفيذ استحقاقات الصفقة التي أدت إلى تشكيل الائتلاف الحالي، والتي يُعتبر "شاس" واحداً من أهم أركانها.
وتحدّث نتنياهو وأدرعي في مكالمة هاتفية متوترة بعد سحب القانون، واتهم الأخير رئيس الحكومة بخلق حالة من التوتر في الائتلاف الحاكم، كما رد رئيس حزب "شاس" خلال المكالمة على مزاعم رئيس الحكومة بأن القانون لم يكن يحظى بالأغلبية في الكنيست قائلاً: "لدينا 64 عضواً من أصل 120 في الكنيست، وبالتالي كان من الممكن تمرير القانون".
ونقلت هيئة البث العبرية يوم الأربعاء، عن مسؤول في حزب "شاس" قوله إن انهيار الائتلاف الحاكم مسألة وقت في ظل ما يفعله نتنياهو.
عقدة قانون التجنيد
ويرى محللون إسرائيليون أن المشكلة الحقيقية التي تواجه حكومة نتنياهو حالياً ليست "قانون الحاخام"، وإنما قانون إعفاء اليهود المتشددين من الخدمة العسكرية.
وقال المحلل في هيئة البث العبرية أميت سيجال إنه على الرغم من تهديدات حزب "شاس" بحل الحكومة في ظل حذف قانون الحاخام من جدول الأعمال، لا يبدو أن لدى الحزب نية حقيقية لتفكيك الائتلاف.
وتابع: "الانتكاسة الرئيسية التي تواجه الائتلاف في الوقت الحالي هي قانون إعفاء اليهود المتشددين من التجنيد"، والذي تعيش إسرائيل حالة ترقب انتظاراً للقرار النهائي للمحكمة العليا الإسرائيلية بشأنه.
وأضاف سيجال: "بما أن قرار المحكمة العليا لم يصدر بعد، فهذا يساعد رئيس الوزراء على اجتياز الأسابيع الخمسة القادمة. ويمكن الافتراض أنه إذا لم يتم نشر قرار المحكمة العليا قريباً، فإن الائتلاف سيستمر في الدورة الحالية للكنيست، أي لمدة خمسة أسابيع قبل انعقاد الكنيست".
وكانت المحكمة العليا قد أصدرت أمراً مؤقتاً يجمّد تحويل الأموال الخاصة بالمدارس الدينية في ظل رفضها مشاركة طلبتها في الخدمة العسكرية؛ وفي حال تحوّل قرار المحكمة إلى حكم دائم، فسيؤدي ذلك إلى "هزّة في الائتلاف ومن ثم حله" وفقاً لسيجال.
عقدة بن غفير
أما المحلل السياسي دافني ليال فيعتقد أن السبب المحتمل الذي قد يؤدي إلى انهيار الحكومة هو الخلافات بين نتنياهو ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.
وأشار ليال إلى أن نتنياهو يتهم بن جفير دائماً بتسريب محاضر الاجتماعات، وفي المقابل يريد وزير الأمن القومي صلاحيات أوسع في الحكومة، خاصة فيما يتعلق بقرارات الحرب على قطاع غزة.
وقال ليال: "نتنياهو يدّعي أنه لم يُشرك وزير الأمن القومي في الحكومة المصغرة ومجلس الحرب بسبب التسريبات، لكن خلال محادثة بين الاثنين استمرت لساعات، اقترح نتنياهو على بن جفير ما يُشبه منتدى أمنياً جديداً يجتمع بشكل متكرر، ورغم ذلك لم يوافق بن جفير على هذا المقترح".
ويرى ليال أن عدم رغبة نتنياهو في ضم بن جفير لدائرة صُنع القرار المصغرة، لا تقتصر فقط على اتهام الأخير بالتسريبات، "وإنما لعدم رغبة الأميركيين في وجود وزير الأمن القومي في مثل هذا الموقع".
وهاجم نتنياهو من وصفهم بمثيري الأزمات، قائلاً: "نحن في حالة حرب، وأطلب من الجميع إعادة ضبط الأولويات".
أزمات مع المعارضة
وتطالب المعارضة الإسرائيلية بحل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة، وهي دعوات يكررها زعيم المعارضة ورئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لبيد. كما أن الشارع الإسرائيلي، الذي يقود مظاهرات ضد نتنياهو، يُصعّد من حراكه لإسقاط الحكومة.
واعتبر عيران شوارتز، رئيس جماعة "أحرار في أرضنا" وأحد الأصوات البارزة في الاحتجاج ضد الحكومة، أن الأزمة التي تمر بها حكومة نتنياهو هي فرصة لإحداث تغيير عميق.
ودعا شوارتز، في حديث مع صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، إلى حل الائتلاف والعودة إلى صناديق الاقتراع كخطوة ضرورية على طريق إصلاح المجتمع والسياسة في إسرائيل.
وقال إن "الأزمة السياسية المحيطة بقوانين التجنيد والحاخامات آخذة في التعمق؛ ونحن لا نرى هذه الأزمة كفرصة فحسب، بل ضرورة أخلاقية حقيقية…
قانون التجنيد والقانون الحاخامي وجهان لعملة واحدة وهو تفضيل المصالح السياسية الضيقة على الصالح العام".
وهاجم لبيد نتنياهو، متهماً إياه بأنه يهتم بمصالحه الشخصية فقط، مشيراً في مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إلى أن اليمين في إسرائيل "فشل في حكم أي شيء".
ووصف لبيد حكومة نتنياهو بأنها "أكثر حكومة غير شرعية على الإطلاق، ما يخلق تصدعات في إسرائيل ويوجِد في هذه الحكومة أشخاصاً مجانين تماماً".
ويرى لبيد أن وجود بن جفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش في الحكومة يؤدي أيضاً إلى انهيار الحكومة من الداخل، أما قانون التجنيد فيعتبره "مشكلة أخلاقية وليست سياسية".